لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الأزهر والشباب والهوية المصرية (1)

الأزهر والشباب والهوية المصرية (1)

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 14 مايو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يعكس إطلاق مركز الأزهر العالمي، منذ أيام، مبادرة اسمع وتكلم Listen and Talk من أجل الحوار مع شباب الجامعات المصرية على تنوعها- تغيرا في إحساس مؤسسة الأزهر العريقة بواجبها الاجتماعي نحو الشباب، وأنه لا يقتصر فقط على إتاحة خطاب ديني وسطي لهم فقط، وإنما أيضا يتسع ليشمل توفير منصة لهم للحوار والتفاعل حول قضية الهوية المصرية التي هي قضية محورية في بنية الإنسان وتكوينه.

وقد تم تخصيص الفعالية الأولى لهذه المبادرة لمناقشة موضوع رئيسي هو توجهات الشباب نحو الهوية الوطنية المصرية في عصر العولمة.

وقد لفت انتباهي أثناء إدارتي لورشة العمل المخصصة لهذا الموضوع بالشراكة مع دكتور محمد عبدالفضيل- عدد من الظواهر التي تعكس حدوث تحول كبير بين شباب الجامعات المشاركين في فعالية الأزهر، أي مواليد السنوات الأخيرة من العقد الأخير للقرن العشرين(نهاية التسعينيات) والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، وبين الأجيال الأكبر سنا، وهو تحول ليس إيجابيا، ويتطلب تحركا جادا من الدولة.

وسأهتم في هذا المقال والمقال التالي له بمناقشة ظاهرتين تكشفت أبعادهما أثناء الورشة المذكورة.

تتمثل الظاهرة الأولى في وجود حالة من الضبابية لدى الشباب حول لماذا عليهم أن يتمسكوا بالهوية المصرية؟ خاصة حين يكون لدى الشاب فرصة للهجرة للخارج.

وهنا ترددت مفردة رئيسية في مداخلات الشباب تتعلق بـ"الفائدة" التي يمكن أن تعود عليهم جراء تمسكهم بالهوية المصرية، فهناك من تحدث عن أن "من يقدم لي تسهيلات أحس بالانتماء له، وأن "توفير الاحتياجات المادية" هو الأساس في تعزيز الشعور بالهوية.

ومن المهم الإشارة إلى أن الحديث عن العوائد المادية للانتماء للوطن لاقى تأييدًا من فئة ليست بقليلة من الشباب المشارك في هذه الورشة، خاصة أن الوطن "لا يقدم الكثير للشباب" كما يرون، سواء فيما يتعلق بجودة العمل أو فرص العمل أو جودة التعليم.

وقد لوحظ أثناء النقاش أن هذا النوع من الاستجابات لم يلق استحسانا من الجيل الأكبر سنًا والذي كان مشاركًا في الفعالية.

حيث عكس رد فعل الجيل الأكبر على مداخلات الشباب، فجوة بين ما تعنيه الهوية المصرية بالنسبة للأجيال المختلفة؛ إذ تظل تعني الانتماء والولاء بالنسبة للجيل الأكبر بصرف النظر عن الفرص المادية المتاحة، مع وجود تقدير كبير لرموز الهوية المصرية، بدءا من تحية العلم وانتهاءً بأغاني عبدالحليم وأم كلثوم.

بينما تعني للشباب الذي كان مشاركًا في الورشة أن تكون مدخلا لحراكهم الاجتماعي في أبعاده المختلفة، ولتحسين ظروفهم المعيشية.

وهذه المعاني للهوية المصرية بين جيل الشباب تفسر وجود اعتقاد لدى العديد من المؤسسات التي تهتم بالتواصل مع هذه الفئة من الشباب بأنه يسيطر عليهم البحث عن المصالح الشخصية بالدرجة الأولى.

أعتقد أنه في هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها من المهم أن يتم التعامل بجدية مع ما يعبر عنه الشباب في هذه المناقشات التي يحتضنها الأزهر، وأن تتحرك الدولة بصورة جادة لتطوير سياسات لتعزيز الهوية الوطنية تضع في الاعتبار تحول التوجهات الفكرية التي يمر بها الشباب بحكم انخراطهم المكثف في العولمة واستخدامهم شبه الدائم لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعلهم يشعرون بأنهم يملكون كل شيء ويستطيعون فعل أي شيء.

الولاء والانتماء يُصنع ولا يُمنح.

إعلان

إعلان

إعلان