لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إلى الزمالك: لم نعُد نعبأ.. لم نعُد نُبالي

أحمد الشمسي

إلى الزمالك: لم نعُد نعبأ.. لم نعُد نُبالي

أحمد الشمسي
11:51 م الثلاثاء 10 أبريل 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا أتذكر جيدًا متى شجعت الزمالك، لكنى أتذكر عندما كان جدّي يستلقي على الكنبة داخل "مندرة" البيت الصعيدي حزينًا ومكتئبًا، وعندما سألته عن سبب اكتئابه قال لي: "الدوري ضاع من الزمالك!".. كان ذلك في موسم 95، وكنت وقتها لم أكمل العاشرة من عُمري، دار في عقلي وقتها أن "الأبيض" لا بد أن يتم تشجيعه، فإذا كان فريقًا مهزومًا تحزن عليه كل الحزن، وتلعنه مرارًا وتكرارًا، لكن في النهاية تستمر في تشجيعه، لذا كان الأقرب لي دومًا تشجيع "الأبيض"، ولأن الذكرى الأولى تدوم، فإنها بالفعل دامت حتى الآن. دوام الحُزن من دوام الهزيمة.

كنت متعلقًا بالكرة منذ الطفولة، وجدت في الأبيض الملاذ للفرح، والكيان الذي استند إليه، وأفخر بذكره دومًا، ليس من الغريب أن نترك الحزن على هزائمنا، ولكن الأغرب أن نستمر في تشجيع الكيان هازمًا أو مهزومًا، مهما طالت هزيمته واستمرت نكسته.

وجدت في الزمالك فئة الشعب المطحونة، وفئة الأندية المهزومة، فكما الشعب يُثابر من أجل الحياة، كان الأبيض يُثابر، ويغفو، ويصحو، ويبكي، ويضحك من أجل فقط الانتصار، ما أجملها لذة وأنت تشاهد فريقك مُخوخ الفكر، مُشتت اللعب، وأنت تعرف جيدًا أنه مهزومٌ مهزوم! ولكن شيئًا ما يقودك إلى المشاهدة، يجذبك نحو تلك الشاشة، يستخرج من داخلك أبشع الألفاظ والسّباب، ومع صافرة النهاية كأن شيئًا لم يكن.. الهزيمة واردة، والزمالك بمن حضر، فلنرد الآن على المُحفلين من الأحمر.

نحن- الزملكاوية- أصبحنا نتابع أداء الفريق مباراة تلوَ مباراة. لا يهمنا الإجمالي. تبلدَ لدينا شعور النصر، وتبدل به شعور الهزيمة الساقعة. أصبح بداخلنا برد وسلام. نُشجع بضراوة ولا نطمح. نفوز فنحتفل، ننهزم ولا ننكسر. الأمور أصبحت اعتيادية. وقت الأداء المتميز تجدنا، ووقت الأداء الباهت تبحث عنا. "الأبيض" لم يصِرْ كما اعتدناه، بل "صار" علينا جميعًا، نحاول الهرب من سهام الرجل الفرعوني، الممهورة على شعار نادينا، التي أصبحت تطارد ظهورنا.

ما الذي أصاب قلعتنا: هل الأساس مُنحل، لا توجد أموال ولا صفقات مثلاً، إذن التشكيل، ربما المدرب، من الممكن أن يكون رئيس النادي، مدرب الأحمال ربما، الخطة أحيانًا، التآلف أو خلطة الكيمياء الفاسدة، الصوت العالي، الجعير، النعير، النفير، الهروب من النادي، العزوف عن اللعب، صفقات لا تكتمل، شو إعلامي، قضايا في المحاكم، سباب ولعان يطال الأولاد والأحفاد، الألتراس الغائب، النحررة، اللعب برجولة، حارس المرمى، أم رأس الحربة، أم وسط الدايرة؟!.. لا أحد يعرف ماذا أصابنا، وكأن النادي يومياً تلهفه عاصفة ترابية خمسينية من عواصف ثالث أيام الانتخابات.. النادي رُدم.

أكتب دون داعٍ لذكر تفاصيل وأرقام النادي، نحن زاهدون في الدنيا، راضون بالهزيمة، متشبثون بالنصر، آملون في الابتسام، باحثون عن السعادة، ربما تتلخص سعادتنا في جملة تكتيكية، في هدف ضائع، في نصر كالشبح يلوح من بعيد.

كزملكاوي كنت متعصبًا، وصلت لمرحلة لا أعرف فيها أسماء اللاعبين، هوية النادي ممحوّة، والجبهة محنية. هاجمنا طاعون اللامبالاة وقت الهزيمة والنصر، ليس مهمًا النتائج ولا حتى الأداء، "الأبيض" لا يبالي وجماهيره أيضًا، أصبحنا كائناتٍ رخوة (ديدان في الأرض، قناديل في البحر.. زملكاوية، زملكاوية، زملكاوية)، لا نقوى على شيء، لا حول لنا ولا قوة، لكن رغم كل ذلك، ورغم طوفان الهزيمة والانكسار والترصد، سنتلَبَس بالعفريت الأبيض لكن دون إحساس ونحررة على فرقتنا.

إعلان