لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مازال الفتح العربي مثيراً للجدل

مازال الفتح العربي مثيراً للجدل

محمود الورداني
09:00 م الأحد 07 أكتوبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إلى جانب ما تنشره دار الكرمة القاهرية من كتب متنوعة، حرصت أيضا على إصدار سلسلة خاصة هي "مختارات الكرمة"، وتضمنت حتى الآن ما يزيد على عشرين كتاباً، مما صدر بالفعل في سنوات سابقة، ويفتقدها القارئ مثل روايات "مليم الأكبر" لعادل كامل، و"الشبكة" لشريف حتاتة، و"إجازة تفرغ" لبدر الديب، و"الباب المفتوح" للطيفة الزيات، وكتب أخرى في السيرة الذاتية والتاريخ، وفي كل هذا تحرص الدار أن تكون المختارات قد نفدت طبعاتها، ويحتاجها القارئ بالفعل.

ومن بين تلك الكتب "هوامش الفتح العربي لمصر" الذي كان قد صدر عام 1996، وأثار آنذاك عاصفة من الهجوم والتأييد، وألقى حجراً في المياه الساكنة، لأنه يتناول حقبة تاريخية حرص أغلب المؤرخين على السكوت عن تفاصيلها.

أما مؤلفة الكتاب فهي الراحلة سناء المصري، التي رحلت عن عالمنا سريعاً، وهي في ذروة عطائها، حيث ولدت عام 1958 ورحلت عام 2000، وهي في الثانية والأربعين إثر أزمة ربو حادة.

وكانت خلال الفترة التي عاشتها إحدى الناشطات اليساريات واشتغلت بالعمل العام، وفي الوقت نفسه توالت كتبها المثيرة للجدل والتي تميزت بالحدة الشديدة، مثل "خلف الحجاب" الصادر في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وهدد السلفيون بحرقه في ساحة عامة، و"موقف الجماعات الإسلامية من قضية المرأة" الذي صودر فور نشره عام 1992، و"الإخوان المسلمون والطبقة العاملة المصرية"، و" تمويل وتطبيع.. فقه الجمعيات الأهلية في مصر".

وكما هو واضح من عناوين كتبها، اختارت المصري القضايا الشائكة والصدام مع أعتى القوى السياسية وأكثرها نفوذاً في الفترة التي صدرت فيها كتبها، وواضح أيضا من حجم إنتاجها الفكري الذي عكفت عليه إلى أي مدى أنجزت.

وربما كان الكتاب الذي اختارت دار الكرمة إصدار طبعة جديدة منه مثالاً على الأمرين معا: أي مدى الجهد الذي تبذله المصري في كتبها من ناحية، واختيارها دائماً للمسكوت عنه والصادم الذي يتم تجاهله أو تجنبه على الأقل، من ناحية أخرى.

على أي حال، يضم الكتاب جزأين: صدر الأول قبل رحيل الكاتبة، بينما صدر الجزء الثاني بعد رحيلها. ويُحسب للناشر أنه ضم الجزأين معاً في الطبعة الجديدة. ويتناول الجزء الأول "حكايات الدخول" العلاقات والصلات التي كانت قائمة بين العرب والمصريين قبل الفتح العربي لمصر في القرن السادس الميلادي.

فعلى سبيل المثال، ذكر المؤرخون القدامى أن النبي محمد (ص) أرسل إلى الملوك بعد استقرار الحكم رسائل يدعوهم فيها إلى الدخول في الإسلام، ومن بين هؤلاء (قيرس) الذي كان يحكم مصر باسم الإمبراطور الروماني، ورداً على الرسالة، أهدى الحاكم للنبي هدية أرسلها مع المبعوثين، تضم جارية قبطية هي مارية ومعها أحد العبيد، كما رافقتها أختها وبغلة بيضاء. وتزوج النبي (ص) من مارية وأنجب منها ابنه ابراهيم الذي توفي رضيعاً.

هذه الواقعة ذكرها المؤرخون القدامى جميعاً، وتعكف المصري عليها، وتقلّب في عشرات المراجع، وتقرأ بين السطور من أجل ملء الفجوات والعثور على رواية حقيقية من وجهة نظرها، لما جرى لمارية القبطية، ولحقيقة العلاقات التي كانت قائمة قبل الفتح، وسير الفاتحين والدور الذي لعبته النساء العربيات اللائي رافقن أزواجهن ومن القادة والجنود أثناء الفتح، وحال الأقباط آنذاك، وفي ذلك السياق الأخير تعيد قراءة ما تركه المؤرخون الأقباط.

أما الجزء الثاني والذي تركته المؤلفة مخطوطاً، وفقاً للمقدمة التي وقّعها زوجها إبراهيم الباز وشقيقتها وفاء المصري، فيضم مشروعاً لم يكتمل بعنوان "رحلة الانصهار" يتضمن وقائع المقاومة والثورات المتوالية التي قام بها المصريون جنباً إلى جنب العرب المقيمين ضد عسف الولاة وفرض الضرائب الباهظة وطرق جبايتها الوحشية.

إعلان