لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

البحث عن حلول أخرى

البحث عن حلول أخرى

محمد شعير
07:41 م الخميس 10 أغسطس 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

محمد شعير

سألني صديقي الباحث في التاريخ: ماذا يفعل في مكتبته الكبرى التي تضم آلافا من الدوريات الثقافية، ومئات من الكتب النادرة والمخطوطات؟

هو لا يريد التبرع بها لإحدى مؤسسات الثقافة المصرية، دار الكتب مثلا، لأن تجربته فيها، وتجاربنا جميعا معها أنها مغلقة، إذا ذهبت للاطلاع على دورية أو مخطوط أو وثيقة فقد لا تتمكن من ذلك، مرات بسبب مزاج الموظف الذي يتعلل بأن الجريدة غير متوافرة، أو أنها في الترميم أو في المخازن، فضلا على أن الاطلاع على الوثائق يتطلب أن تكون باحثا ومسجلا في جامعة ما، ولديك ما يثبت ذلك، وإذا نجحت في اجتياز كل هذه الشروط عليك انتظار موافقة الجهات الأمنية التي تصل إلى شهور، وفي حال الرفض ليس أمامك سوى أن تتوقف عن بحثك أو أن تلجأ إلى أرشيفات أخرى في بلدان أخرى ليس لديها كل هذه التعقيدات البيروقراطية، بل تتيح، وتوفر لك ما تحتاجه في دقائق.

في إطار العصف الذهني مع الصديق، سألنا لماذا لا يكون هناك مكتبات أهلية، متخصصة، يمكن أن يتبرع لها أصحاب المكتبات بمكتباتهم، أو بما لديهم من دوريات لا يحتاجون إليها، وتخلو من كل هذه التعقيدات البيروقراطية.. ونفس الأمر يمكن أن ينطبق على المتاحف الخاصة، مثل أي مكان في العالم!

منذ أحد عشر عاما، ونحن نكرر مقولة نجيب محفوظ "آفة حارتنا النسيان"، ومن فرط تكرارها صار الأمر باعثا للملل الشديد، الجملة نستعيدها دائما للتدليل على وعود المسئولين التي لا يتم تنفيذها، ومن بينها وعود بتأسيس متحف لتراث نجيب محفوظ، أو مزاراته في الجمالية، أو مركز ثقافي يحمل اسم جمال الغيطاني كما وعد وزير الثقافة منذ عامين!

وفي الواقع، علينا ألا ننتظر شيئا من وزارة الثقافة، على الأقل الآن، أو في القريب العاجل، بل علينا البحث عن حلول أخرى.

وللأسف الشديد، أيضا، هذه الحلول تحتاج إلى تدخل مسئولين حكوميين، ومتاهات بيروقراطية. منذ شهور عدة يبذل الدكتور فكري حسن، الأستاذ بالجامعة الفرنسية، جهودا عديدة للاستفادة بما تملكه مصر من إمكانيات للسياحة الثقافية، لا تتوافر في أي دولة أخرى. مشروعه يرتكز على أن التراث ليس مجرد أحجار صماء، أو أحاديث ومأثورات من عهد غابر، ولكنه ما يحيا في الحاضر من الماضي وما يحرك وجداننا من الأحداث التي تلاشت، وما يدرب مخيلتنا بأدبياته وجمالياته.

وقد قدم العديد من المقترحات للمسئولين بهدف تفعيل دور التراث الحضاري في التنمية المجتمعية والاقتصادية، وإعلاء دور مشاركة الأهالي في الأنشطة المتعلقة بالتراث لضمان استفادتهم الفعلية معنويا وماديا من الآثار والتراث المجتمعي، والمساهمة في الحفاظ علي المخزون الثقافي والعناية بالآثار وتعظيم دور التراث في التنشئة المجتمعية.

وكان من أبرز ما قدمه من مقترحات: تحويل قسم الجمالية إلى متحف لنجيب محفوظ، بدلا من تكية أبوالدهب التي تتصارع عليها وزارتا الثقافة والآثار، وتم الاتفاق مؤخرا على أن يحتل متحف محفوظ دورين، بينما يكون الدور الثالث مكاتب إدارية لموظفي الآثار، في وضع عبثي يصعب تصديقه. كما اقترح استغلال العديد من الأماكن في الجمالية التي ولد ونشأ بها جمال الغيطاني لتأسيس مركز الغيطاني للتراث والأدب.

رغم أن مقترحات الجامعة الفرنسية لا تحتاج إلى أموال ضخمة، وإنما تحتاج فقط إلى إرادة وتقدير لقيمة الأدب والفن والثقافة في المجتمع، إلا أنها لم تقدر أو يلتفت إليها!

ربما يكون الخروج من عباءة المؤسسات الرسمية حلا، كما ذكر صديقى الذي أشرت إليه في بداية المقال.. أن يكون خارج الدولة نفسها متحف ومراكز ثقافية أهلية، يمكن أن يتم الدعوة إلى اكتتاب عام لتأسيس متحف لنجيب محفوظ بعيدا عن "خناقات" وزارتى الثقافة والآثار.. ومركز ثقافي لجمال الغيطاني، ومتحف ثالث لمقتنيات الأدباء التي تباع الآن في أسواق الكتب القديمة وعلى الإنترنت وتعرض في متاحف دول أخرى شقيقة (من بينها مقتنيات تخص نجيب محفوظ تبرعت بها أسرته للمتحف، وأتمنى أن يقوم وزير الثقافة بالتأكد من وجود مقتنيات المتحف في مخازن وزارة الثقافة، وألا تكون قد تسربت للخارج).. ولكن هل ستوافق الدولة على أي حلول من خارجها، تضمن سيطرتها على المجال العام.. بل لا تريد أصلا مجالا عاما!

إعلان