لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أموال قطر وتمكين الإخوان المسلمين في الغرب

أموال قطر وتمكين الإخوان المسلمين في الغرب

محمد جمعة
08:00 م الثلاثاء 01 أغسطس 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

محمد جمعة

من المعلومات المثيرة، في سياق الدعم القطري للإخوان المسلمين في أوروبا والغرب عموما، تلك الإحصائيات التى تشير إلى أن 60% من مساجد إيطاليا خاضعة لسيطرة تيار الإخوان المسلمين، بفضل الدعم القطري، أيضا تقديم الحكومة القطرية دعما ماليًّا سخيًّا للرابطة الإسلامية للحوار والتعايش في إسبانيا، والتي تتعاون بشكل وثيق مع "منظمة الإغاثة الإسلامية" التي أسسها القيادي الإخواني المصري "عصام الحداد" في لندن، والذي شغل منصب مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية، خلال فترة محمد مرسي وحكم الإخوان المسلمين. هذا فضلا عن سيطرة تيار حركة النهضة في تونس على الرابطة في إسبانيا من خلال بعض الوجوه التي تتمتع بعلاقة وثيقة مع راشد الغنوشي.

ومعروف أن صحيفة "لوموند" الفرنسية، كانت قد نشرت تحقيقا في أبريل 2016، حول طريقة تعيين "طارق رمضان" (نجل الإخواني سعيد رمضان، وحفيد حسن البنا)، كأستاذ للدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة أوكسفورد عام 2009. حيث أشارت الصحيفة إلى أن توقيت وسياق تعيين "رمضان" في أوكسفورد يشير إلى أنه استفاد مباشرة من الإنفاق القطري المتزايد الموجه لدعم هيئات ومؤسسات تعليمية في أوروبا، وأنه استفاد أيضا من تأثير ونفوذ يوسف القرضاوي، إذ أن الأخير ضمن مجلس أمناء مركز الدراسات الإسلامية في أوكسفورد منذ العام 2004.

واقع الأمر أن دور الأموال القطرية في دعم تنظيمات الإخوان المسلمين في أوروبا، وزيادة نفوذهم وتأثيرهم (سواء بين أوساط الجاليات العربية والإسلامية هناك، أو حتى في سياق محاولة التأثير على بعض الدوائر السياسية أو الأكاديمية والثقافة الأوروبية ذاتها) يُعد أحد أهم الملفات التى فجرتها الأزمة القطرية الراهنة، خاصة وأن قطر، وفي سياق دعمها للإخوان المسلمين، أظهرت، منذ وقت مبكر، اهتماما خاصًّا بملف الإخوان في أوروبا.

حيث سعت الدوحة إلى توظيف المعارضة الإخوانية في أوروبا كورقة ضغط لصالحها في مواجهة أنظمة المنطقة، خاصة في المغرب العربي ومصر، وفي إطار استراتيجيتها الرامية إلى تأسيس ما يمكن وصفه بالهلال الإخواني في منطقة غرب المتوسط. مستغلة في ذلك علاقة الاعتماد المتبادل بين التيار الإخواني في دول جنوب أوروبا المتوسطية، وبين امتداداته في منطقة المغرب العربي.

أيضا، هدفت قطر من وراء تبني هذه الاستراتيجية إلى إعادة إنتاج "المشروع الإخواني الجديد" عبر البوابة الأوروبية، باستخدام أوراق جديدة سواء كانت دينية أو ثقافية أو مؤسسية.

وهنا يمكن الإشارة إلى أن استراتيجية قطر ارتكزت على الإسهام بشكل فاعل في استحداث عدد من المؤسسات المرتبطة بالإخوان في أوروبا باستخدام القرضاوي كواجهة دينية، كان من أبرزها المجلس الأوروبى للبحوث والإفتاء الذي تأسس عام 1996 بالعاصمة الأيرلندية ليصبح أحد الأذرع الرئيسية للتوسع الأفقي لجماعة الإخوان في أوروبا بهدف تأميم فضاء الفتوى في القارة الأوروبية وتعزيز دور الجماعة في أوساط مسلمي أوروبا.

كما وظفت قطر الفراغ المالي الناجم عن تجميد أرصدة بنك التقوى الذي أسسته قيادات التنظيم الدولي للإخوان عام 1988 لتمويل أنشطة الجماعة، وذلك على خلفية اتهام وزارة الخزانة الأمريكية للبنك ومؤسسيه بتمويل تنظيم القاعدة لتنفيذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وقد أدى تجميد أرصدة البنك إلى حظر أنشطة عدد كبير من الشخصيات والمؤسسات الاقتصادية الإخوانية في عدة مناطق من العالم. ومن ثم قامت قطر بدور تمويلي مهم للغاية للمؤسسات الإخوانية في أوروبا وخارجها، لسد الفراغ الناجم عن تجميد أرصدة وأنشطة كبار القادة الاقتصاديين للتنظيم الدولي.

الآن يوضح التوزيع الجغرافى لخريطة التمويل القطري لإخوان أوروبا، أن هذا التمويل يرتكز على مسارين متوازيين:

- يتمثل الأول في استهداف البلدان ذات الكثافة المغاربية من المهاجرين المتواجدين بشكل أساسي في فرنسا (إحدى القواعد الرئيسية للتنظيم الدولي) وبلجيكا ولوكسمبورج باعتبارهما امتدادًا جغرافيًا لفرنسا، بالإضافة إلى إسبانيا وإيطاليا.

- أما المسار الثاني فيتمثل في التواجد فى بريطانيا بشكل مغاير من خلال تمويل أنشطة جامعة أوكسفورد وعدد من المؤسسات الثقافية ومراكز الأبحاث التابعة للإخوان بشكل أساسى، وذلك علاوة على تمويل إنشاء بعض المساجد الكبرى في أيرلندا والدنمارك.

-أيضا هناك شبكة معقدة من العلاقات بين اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا وفرعها في فرنسا (اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا) ومساجدها المتعددة، والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، والإخوان المسلمين، والقطريين. حيث تشارك قطر بقوة في تمويل مشروعات ينفذها اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، وهو اتحاد يمثل حوالي 250 منظمة إسلامية تعمل داخل فرنسا، معظمها معروف بصلاته القوية بالإخوان المسلمين. ويعتبر هذا الاتحاد الممثل غير الرسمي لمصالح الإخوان المسلمين في فرنسا.

كذلك، تعتبر قطر المستثمر الرئيسي في مشروعات الجماعات المتعاطفة مع الإخوان المسلمين في ميونيخ بألمانيا. كما قامت الحكومة القطرية بتمويل المجلس الإسلامي بالدنمارك (الفرع الدنماركي لجماعة الإخوان وأحد مكونات اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الخاضع لسيطرة الإخوان) بمبلغ 20 مليون يورو عام 2014. وفي إيطاليا، قدمت الحكومة القطرية تمويلا لاتحاد المنظمات الإسلامية في إيطاليا لبناء مجمع ديني بجنوب مدينة صقلية ليكون مرجعية رئيسية لمسلمي إيطاليا البالغ عددهم 1.5 مليون مسلم معظمهم من أصول تونسية ومغاربية.

هذا الاستثمار القطري في المنظمات والاتحادات المقربة من الإخوان المسلمين في أوروبا أثار مخاوف بعض القطاعات الرسمية في عواصم أوروبية مختلفة. على سبيل المثال، رفضت وزارة الخارجية البلجيكية في 2014 الموافقة على تمويل مقدم من الحكومة القطرية لبناء مسجد هناك.

أيضا، كتبت الصحف السويسرية في ديسمبر 2016، متحدثة عن خضوع "المجلس الإسلامي المركزي في سويسرا لتحقيقات من قِبَل المحكمة الفيدرالية هناك، بسبب الدعاية للإرهاب. وتحدثت وسائل الإعلام عن تلقّي المركز مِنحًا ماليّة من هيئة خيرية قطرية مرتبطة بالحكومة القطرية.

إعلان