لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الحق فى المعرفة

الحق فى المعرفة

محمد شعير
08:01 م الخميس 27 يوليو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

 

محمد شعير

فى دردشة عابرة على هامش إحدى البرامج التلفزيونية، سألت أحد أعضاء مجمع البحوث الإسلامية، عن سر غضب الأزهر على إسلام البحيري، رغم أنه لم يأتي بأي جديد على مستوى الأفكار، كما أن معظم ما قاله سبقه إليه كثيرون، من علماء وفقهاء، وموجود فى كتب تراثية شهيرة يتم تدريس بعضها فى الأزهر نفسه.

توقعت أن يتحدث الشيخ عن أسلوب البحيري الاستفزازي أحيانا، الصادم أحيانا أخرى.. لكنه أجاب بكل هدوء: بالفعل ما قاله البحيري ليس جديدا، ولكن ثمة قاعدة فقهية ترى أن ما يجب أن يعرفه الخاصة لا يطرح على العامة، بل وما يعرفه "خاصة الخاصة" لا ينبغي أن يعرفه الخاصة!

الرجل كان صريحا ، هو أيضا لم يأت بجديد، يدرك تماما أن المعرفة سلطة، تحرر الإنسان. وكل السلطات تقف ضد المعرفة التي تقود إلى الحرية.

ذات مرة سئل أحد الشيوخ لماذا يردد دائما حكايات الثعبان الأقرع.. وعذاب القبر رغم أنه لا سند لها دينيا.. أجاب: الناس قطيع.. لو لم نخوفهم لأكل بعضهم بعضا.. وأكلونا نحن أيضا!

وقال سيد قطب ذات مرة للروائي سليمان فياض: " يا سليمان يا حبيبي، بين الناس وحوش وذئاب. ولا يجرئ الناس على مواجهة الذئاب إلا الدين" هكذا كان الدين وتصوراته في نظر الشيوخ محاولة للوصول وممارسة السلطة من خلاله!

كل السلطات: الدينية والسياسية ..حتى الأبوية تنظر إلى الشعوب كمجرد قطيع لا يقاد إلى بتجهيله، و"اللي أكبر منك بيوم يعرف عنك بسنه" ..

فى رواية الكاتب الإيطالي الشهير أمبرتو إيكو "اسم الوردة" تقع مجموعة من الجرائم الغامضة فى أحد الأديرة، وعندما يبدأ المحقق عمله لكشف الغموض، يكتشف أن الراهب الأعمى فى الرواية، يسعى بكل ما يملك لحجب كتاب "الكوميديا" لأرسطو، يخفى الكتاب داخل متاهة مكتبة الدير؛ فكان كل من سوَّلت له نفسه الاقتراب من الرفِّ الذي يوجد به الكتاب المذكور، يُقتل في ظروف غامضة. حيث يضع مادة سامة على صفحات الكتاب تقتل كل من تسول له نفسه أن يمسك الكتاب والناس نيام. يدور حوار طويل بين الراهب والمحقق عن السر فى إخفاءه الكتاب.. يقول الراهب أن السيِّد المسيح لم يحكِ في حياته هزليات، وأن الضحك من وجهة نظره دافع إلى الارتياب والشكِّ في اليقينيات الدِّينية، وهو ما يُمثل خطرا على الإنسان لأنه المسؤول عن "مسخ طبيعتنا البشرية"، لمِاَ يقوم عليه من تشجيع للتفسخ الأخلاقي والقيمي. رغم تسميم الكتاب.. وموت كل ما يجرؤ على الاقتراب منه لقراءته، يضطر الراهب أن يحرق المكتبة لكي يحمى المكتبة والمواطنين من غواية الضحك. وكم فى حياتنا مثل هذا الراهب بطل إيكو يريد أن يمنع المعرفة.. والضحك أيضا!

 

إعلان

إعلان

إعلان