- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
ياسر الزيات
نعم، أريدكم أن تروا سوريا جميلة. أريد لكل من يقرأ أن يرى ما رأيت من جمال قبل أن تتعرى الحرب كالبلطجي وتهدم كل شيء. وقبل هذا كله، أنا أقول لنفسي إن ما رأيته قبل الحرب هو الحقيقة، التي ستعود يوما، برغم كل هذه الدماء والجثث. ولا تقف خلف رغبتي تلك حالة من الإنكار لواقع يزداد قبحًا مع كل طلقة، بل رغبة حقيقية في القبض على جوهر الجمال قبل أن يقتله النسيان في المعارك أو في المنافي.
لم أخطط لزيارة سوريا، رغم شغفي الدائم بثقافتها، ورغم صداقاتي الكثيرة مع مثقفين وفنانين سوريين كان أغلبهم يعيش في منافي ما قبل الحرب. كنت أجلس في مكتبي في جريدة صوت الأمة ذات يوم من أيام مايو ٢٠٠٣، عندما دخل عليّ أستاذي عادل حمودة، وسألني: "تروح سوريا؟". قلت: "طبعا"، فقال: "جهز نفسك للسفر خلال يومين". سيأتي يوم أتحدث فيه عن عادل حمودة الأستاذ والصديق، الذي باعدت بيننا الأيام مهنيا وعمليا وربما سياسيا، لكن مكانته عندي بقيت دائما كما هي.
في اليوم التالي، جئت للأستاذ عادل بما يشبه الخطة للقاءات أنوي إجراءها، وقصص أريد كتابتها من سوريا. كنت فرحا بالسفر، ومتحمسا لتغطية التكلفة بقصص تستحق، خصوصا أن الوضع السياسي كان ملتهبا وقتها، بعد شهرين تقريبا من الغزو الأمريكي للعراق. هذا الحماس قابله عادل حمودة بفتور وابتسامة فهمتها لاحقا، وقال: "روح اتفسح وانبسط لك أسبوع أو اتنين، مش عايزك تكتب حاجة". وطلب مني ألا أفتح فمي بكلمة في السياسة: "ياسر، مافيش هزار معاهم، هيحطوك في الأسيد، ومش هيطلع منك غير المشابك". وقال: "لا داعي للكتابة من هناك. لما ترجع اكتب". ولم أستمع للنصيحة.
يختلف الأمر كثيرا عليك كصحفي عندما تكتب عن بلد بعد أن تقف على أرضه، وتتنفس هواءه وتتحدث إلى ناسه، وهذا ما كان عادل حمودة يدركه عندما أرسلني إلى سوريا. كنت أكتب في الشأن السوري من بعيد، بعد البحث والقراءة، لكن الفرق بين الحالتين كبير، فأنا أعرف الآن عمن أكتب، وأسمع أصوات الناس، وتحركني رائحة الشوارع، وألوان البيوت، وأصص الورد المعلقة في شرفات الدمشقيين.
هبطت طائرتي إلى مطار دمشق في الوقت نفسه الذي أقلعت فيه طائرة "كولن باول" وزير الدفاع الأمريكي وقتها، وكانت هذه اللقطة بالنسبة لي ذات دلالة كبيرة. كان العراق قد سقط في أيدي الأمريكيين، وكانت زيارة كولن باول مشحونة بالكثير من الدلالات: "ها! هل رأيتم ما حدث لصدام حسين؟". شعرت بأن هذه اللقطة لا يجب أن تفوت صحيفتي، وبأن واجبي أن أكتب عما بدا لي وقتها ضغوطا أمريكية على سوريا. لا أظن أن عادل حمودة سيمانع عندما يقرأ الفاكس الذي سأرسله، وسيغفر لي طبعا أنني لم أستمع لنصيحته. "هذه رحلة مدفوعة الأجر والتكلفة، ويجب أن أعمل في مقابل تكلفتها". هكذا قلت لنفسي، وكتبت.
كتبت عن محاولات بحثي عن "إنترنت كافيه" لأرسل مقالي عبر الإيميل، واكتشافي أن "هوتميل" وياهو" ممنوعان في سوريا، لأن النظام الحاكم هناك يعتقد أنهما شركتان يهوديتان. لم يكن هناك "فيسبوك" ولا "تويتر" ولا "جيميل". وكان الإنترنت أشبه بجريمة يجب أن تفعلها في السر. بعد ست ساعات من اللف والدوران في شوارع دمشق، فقدت الأمل في الدخول على الإنترنت. كتبت مقالي على ورق بقلم أسود، وأعطيته لعاملة الاستقبال لإرساله إلى "صوت الأمة"، وكان عنوانه: "سوريا تدخل حلة الضغط الأمريكية". بعد دقائق طرق أحد عمال الفندق بابي، وأعطاني ما قال إنه "الورق الذي أرسله بالفاكس"، فشكرته طبعا. عندما استلقيت على سريري نظرت إلى الصفحة الأولى من المقال، فلاحظت أن خطي متكسر ومهزوز، فأدركت أن الكابوس الذي حذرني منه عادل حمودة قد حدث. لم يكن هذا خطي، بل صورة منه، وهذا يعني أن نسخة من المقال ذهبت إلى مكان ما. أسرعت إلى عاملة الريسبشن غاضبا، وعلا صوتي: "ده مش خطي". "كيف أستاذ، هذا خط حضرتك". أخبرتها بأنني اكتشفت الفارق بين الأصل والصورة، وقلت لها إنني اتصلت بصحيفتي في مصر وأخبرتهم بذلك، وإن رئيس تحريري اتصل بوزير الخارجية ليبلغ السفارة المصرية في دمشق بما حدث. كان يجب أن أوهمهم بذلك لتحجيم الخطر المحتمل، وكان عليّ أن أتخذ قرارا سريعا بالعودة إلى مصر في أسرع وقت، وكان عليّ قبل كل ذلك أن أغير الفندق. وهذا ما حدث.
..وللرحلة بقية.
إعلان