لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حب كرة القدم مجرد "وسيلة" ... وليس "هدفا"

حب كرة القدم مجرد "وسيلة" ... وليس "هدفا"

كريم سعيد
09:03 م الأربعاء 14 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كريم سعيد

"هو احنا بنحب الكورة ليه"... سؤال قفز الى ذهني فجاءة ولم أستطع الإجابة عليه من الوهلة الأولى، إلا أنني بعد تفكير لوقت ليس بقليل توصلت إلى بعض الإجابات التي يمكن سردها عبر السطور التالية.

لا أتقد أن أولى خطواتنا في حب كرة القدم تختلف كثيرا، فمن منا لم يبدأ حياته بالذهاب الي استاد وهو ممسك بيد والده الذي كان يعمل جاهدا لكي يجعله يحب النادي الذي يشجعه.

ومن منا لم يطلب وهو طفل أن يحصل على "تي شيرت" لفريق سواء محلي أو عالمي، وكان الهدف الأساسي واضحا ومباشرا وهو إرضاء الوالد أو "المثل الأعلى" الذي أقنعك وجذبك لحب كرة القدم.

وهذا "المثل الأعلى" ليس شرطا أو وجوبا أن يكون والدك أو شخص من أسرتك، بل ممكن أن يكون أحد أصدقائك المقربين، وغالبا ما ترى أن حبك لنفس النادي الذي يشجعه أو يشجعونه هو وسيلة أو طريقة لزيادة صداقتكم من خلاله.

ليس منطقيا أن نسأل، -ونحن أطفال صغار أو حتى في بداية سن الشباب-، "لماذا أحببنا كرة القدم؟"، فهذه الفترة من العمر تكون مغلفة بالقوة والحماس والانطلاق والاندفاع، وهي أمور تكون عاطفية أكبر منها عقلانية وبالتالي لن تكون هذه هي الفترة المناسبة لطرح هذا السؤال.

لكن، بمجرد تخطينا هذه المرحلة وبدأنا في مرحلة جديدة من حياتنا – في وجهة نظري تبدأ من بعد سن الـ25 سنة-، يصبح لزاما علينا توجيه هذا السؤال لعقولنا وضرورة الإجابة عليه حتي نعرف لماذا نحب كرة القدم؟ والتي أصبح حبها يكلفنا في بعض الأوقات حياتنا أو حياة أولادنا أو أصدقائنا.

سأبدأ بمحاولة الإجابة على هذا السؤال من منظور الإيجابيات وهي الأمور التي بدأت معنا منذ الطفولة، وهي الفترة التي تكون فيها طبيعة البشر في أنقى مراحلها.

وبعض من هذه الإيجابيات ألخصها في الآتي ... "التجمع والفرجة مع الأهل أو الصحاب" ... "القفز والتنطيط والهيستريا بعد إحراز الأهداف" ... " فرحة الذهاب إلى الاستاد" ... "شراء تي شيرت ناديك أو لاعبك المفضل إضافة الى كرة القدم نفسها".

كل هذه الأمور التي حاولت تلخصيها على قدر المستطاع ستجد أنها جميعا "معنوية" وتمس وتلمس عاطفة الإنسان، ولا يوجد بها أي أمور "مادية" من شأنها أن تعكر صفو النفس الداخلية أو تجعل للشر مدخل.

وبالتالي نستطيع الوقوف على مبدأ واضح وهو أن بداية حبنا كأطفال لكرة القدم يأتي من أمور معنوية بحتة، نريد من خلالها أن نثبت لأهلنا أو لأصدقائنا أننا نحب نفس الشيء الذي يحبوه هم، نريد الشعور بالألفة والابتعاد عن الوحدة، نريد لحظة السعادة والفرحة الهيسترية عندما نرى الكرة تهز الشبكة، وهذه الأمور هي التي تستمر وتعيش معنا طوال حياتنا.

هذه الأمور التي ربما تبدو بسيطة ومباشرة من المنظور المجتمعي، ستضخم وتكبر بشكل ربما لا يدركه الكثيرون منا إذا ما نظرنا اليها من المنظور الديني.

فالدين يأمرنا بالتواصل مع أهلنا واصدقائنا، ويأمرنا بالتأخي مع الآخرين، ويريدنا أن نتعلم صفات حميدة مثل "التعاون والمشاركة والاجتهاد والعمل" وهي الأمور التي توصل صاحبها الي النصر والنجاح في النهاية.

وبربط بسيط بين المنظورين الاجتماعي والديني سنجد، أن من حكمة الله سبحانه وتعالي أنه سخر وسائل أخرى غير مباشرة لكي تساعد البشر في تطوير حياتهم والعيش بشكل أفضل من اجل عبادته.

وبتطبيق ذلك على كرة القدم مثلا، سنجد أن مشجعي كرة القدم في أصعب مباريات أنديتهم أو منتخبات بلادهم لا يلجئون الا لله تعالي، بل الأكثر من ذلك أن بعضنا من الممكن أن تكون كرة القدم هي السبب الرئيسي في انتظامه في الصلاة.

ومن منا لم يقل "يارب" في لحظة أراد فيها مساعدة ناديه بالدعاء وهو لا يملك غيره، ومن منا لم يقل "وما النصر إلا من عند الله" لكي يفوز ناديه بلقب دوري أو كاس، ومن منا لم يردد "استرها يا رب" عندما تكون الهجمة على ناديه.

افتح "اليوتيوب" وشاهد تلك اللحظة قبل مباراة مصر والجزائر 2-0 في القاهرة واسمع أكثر من 100 ألف متفرج يدعون لمنتخب بلادهم بأقصى درجات الخشوع من أجل الانتصار، وعندما تنتهي من هذا الفيديو انتقل لفيديو آخر واسمع جماهير الأهلي في نهائي سيوي سبور وكيف تدعو لفريقها قبل لحظات من النهاية.

بناء على ما سبق، يتضح أن كرة القدم في حد ذاتها، مجرد وسيلة خلقت لكي تجعل حياتنا أكثر سعادة وأقل حدة، وسيلة سخرها الله تعالي لبعض من الناس ربما تكون بصيرتهم الحياتية متوقفة عند حب كرة القدم وغافلين عن أمور أخرى، ولا يحبون ان تصلهم أي "رسالة" إلا من خلالها.

وطالما سرنا على هذا النهج وهذا الطريق بأن كرة القدم مجرد "وسيلة" في حياتنا، فدائما وأبدا ما سنراها "جميلة وجاذبة" وسنبقي منتظرين لها بشغف من الحين للأخر، لكن هل هناك ما يمكن حدوثه لتغير ذلك وتحويل الأمر "لكآبة وغم"... الإجابة نعم.

فعندما يتحول حب وتشجيع كرة القدم من "وسيلة" ليكون "هدف" في حد ذاته وسواء كنت مدركا لذلك أو لم تكن، فأعلم تماما أن كل ما ذكر أعلاه سيتحول للعكس، لأن الله تعالى خلق كل شيء بهدف واحد ومحدد وطالما خرج هذا الشيء عن إطاره، فإن نتائجه أيضا ستخرج عن الإطار.

ومن أشكال تحويل حب وتشجيع كرة القدم "لهدف" هي أن تجعلها مالكة لوقتك بالكامل، أن تجعلها "وظيفتك" التي تصحو وتغفل عليها، أن تنسي كل ما في حياتك من أجلها، أن تعيش وتموت من أجلها، الأمر الذي سيجعلها تبدو وكأنها "ديناً يعتنقه البعض".

فقط انظر بعقلك أولا ثم بعينك ثانيا، للفترة التي يكون فيها حب كرة القدم مجرد "وسيلة" فقط كما حدد الله تعالي له لتعلم حينها الإجابة على السؤال الذي أرهق البعض "هو احنا بنحب الكورة ليه"؟

إعلان

إعلان

إعلان