لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إدارة ترامب.. لون أيديولوجي واحد وترتبط بإسرائيل

محمد جمعة

إدارة ترامب.. لون أيديولوجي واحد وترتبط بإسرائيل

02:58 م الجمعة 20 يناير 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد جمعة:
تشير الكثير من أدبيات النظم السياسية إلى أن التنوع الأيديولوجى داخل أية إدارة حكم، أو تشكيلة أى حكومة، مسألة يُعوٌل عليها كثيرا، لا سيما فى أوقات الأزمات . وذلك لأن الحكومات المتعددة إيديولوجيا تكون أقرب إلى المواقف المعتدلة.
بكلمات أخرى، مفتاح السلوك المعتدل لحكومة ما لا يكمن في تقاسمها إيديولوجية حزبية واحدة ( سواء أكانت محافظة أم ليبرالية) بل بالأحرى، أن تضم توازنات إيديولوجية داخلية، وآراء متعددة ومختلفة بين نخب السلطة. إذ عادة يفسر أعضاء الحكومة ويحللون الأحداث من خلال معتقداتهم... السياسيون من خلال إيديولوجية حزبهم، والتكنوقراط من خلال خبراتهم وتخصصاتهم. وبالتالى يكون للمعتقدات دور مهم أثناء أزمة ما، لأن اللايقين السياسي يجعل من الصعب إدراك ما يحدث بشكل كامل، أو التنبؤ بكيفية ومدى تأثير مصالح الفواعل العديدة. وبالتالي يمكن القول، أنه في الحكومات المتنوعة إيديولوجيا أو التوافقية، يشخص المسؤولون المشكلات السياسية، ويقدمون حلولا واستجابات حكومية متعددة الأشكال، وبالتالي، تقل احتمالية صدور استجابات تعسفية أو غير شاملة.
فى ضوء ذلك، فإن التساؤل الذى يفرض نفسه هنا يتلخص فى ما الذي يمكن أن تفعله إدارة ترامب في أزمة ما بناء على التشكيل المطروح حتى الآن ؟
فى العادة يعتمد القادة على استراتيجيتين لاختيار الوزراء: الاعتبارات الحزبية، والولاء الشخصي. عمليا، سيمزج الرؤساء بين الاستراتيجيتين في اختياراتهم لمجالس الوزراء. ولكن عادة ما يميل رئيس ما نحو استراتيجية أكثر من الأخرى....
إذا كان الرؤساء أو رؤساء الوزراء يخططون لتشكيل إدارة سلطوية، سيركزون في الأغلب على الولاء وهم بصدد اختيار المستشارين، مع الاعتماد أكثر على العناصر العسكرية والأمنية. وأما إذا كانوا يخططون للحكم بشكل أكثر مرونة وتنوعا، فسيركزون على اختيار مستشارين ذوي خبرة سياسية وتشريعية بإمكانهم دفع أجندة السياسات بشكل فعال.
تشير اختيارات إدارة ترامب إلى أنه يركز على اختيار الموالين له أكثر من ذوي الخبرة والكفاءة. وغاب بشكل ظاهر خبراء السياسات، وأصحاب الأفكار المؤسسية والفعالة.
من ناحية أخرى، معروف أن كل مجلس للوزراء يحتاج إلى صنًاع قرار ومستشارين ذوي أفكار مؤسسية. لأنه تكنيكيا، يمكن تسوية تحديات سياسية معقدة (من أزمات سياسية، إلى مواجهات دولية ) على نحو أفضل في حالة توافر بعض الخبرات التكنيكية على الأقل. إلى حد كبير يفتقر مستشاروا ترامب إلى مثل هذه المعرفة.
من ناحية ثالثة، رغم أن النظام الرئاسي( كالنظام فى الولايات المتحدة الأمريكية) لا يميل إلى بناء حكومات ائتلافية متنوعة إيديولوجيا مثلما هو الحال في الديمقراطيات البرلمانية. إلا أنه وفى أوقات الأزمات، عمد رؤساء أمريكيون إلى تعيين من يخالفونهم في التوجهات واعتمدوا عليهم. على سبيل المثال، كان لفرانكلين روزفلت مجلس وزراء أقرب إلى النمط الائتلافي ضم جمهوريون مثل فرانك نوكس وزيرا للبحرية، وهنري ستيمسون وزيرا للحرب. كذلك منح جون إف كينيدي مناصب وزارية مهمة إلى خبراء تكنوقراط، مثل روبرت ماكنمارا، إلى جانب جمهوريين، مثل سي. دوجلاس ديلون.
إجمالا، اختار رؤساء الولايات المتحدة إدارات مختلفة إيديولوجيا. لأن وجهات النظر المتعددة يمكن أن تحول دون وقوع تصرف أو استجابة متطرفة. كما أن مثل هذا التنوع الفكري والإيديولوجي يساعد الرئيس على أن يأخذ في الاعتبار كافة وجهات النظر.
صحيح أن الاختلافات الإيديولوجية داخل إدارة ما يمكن أن تؤجل التوافق، بل وتتيح الفرصة للفواعل من الخارج، خاصة النشطاء المدنيون، وتمكنهم من التأثير على القرارات. لكن فى الحاصل الأخير، يحول كل هذا – فى أغلب الحالات - دون أن تسلك الحكومة مسالك تعسفية.
حتى تاريخه، لا يوجد ما يشير إلى أن ترامب اختار أو سيختار إدارة تشتمل على بعض التوازنات بما يضبط سلوكها . ولهذا مقولة أن إدارته ستكون الإدارة الأكثر يمينية منذ "رونالد ريجان" تبدو دقيقة.
والأكثر إثارة، أن ترامب يرتبط بروابط عائلية مع إسرائيل... فإبنته "إيفانكا" تحولت إلى اليهودية منذ العام 2009، بعد زواجها من يهودي أصولى أميركي، يدعى جيرد كوشنير، وهو ممن قادوا حملة ترامب الانتخابية. وأسرته الأصولية اليهودية معروفة بأنها تتبرع بانتظام للمستوطنات الإسرائيلية. وقد أعلن ترامب نيته على تعيين "كوشنير" هذا كمبعوث للسلام فى الشرق الأوسط !!
أيضا، بحسب الصحافة الإسرائيلية، تبرع ترامب عام 2003 بمبلغ عشرة آلاف دولار لمستوطنة "بيت إيل"، وكان ذلك "إكراماً" لصديقه "ديفيد فريدمان، الذي أصبح فيما بعد مستشاره في حملته الانتخابية. وقد عيّنه ترامب سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل. وفريدمان يهودي أصولي أيضاً، ويؤيد نقل السفارة الأمريكية للقدس.
الخلاصة، أن المشهد المقبل مع تولى ترامب قيادة الدولة الأعظم ، يبدو بالغ التعقيد، ويحتاج للكثير من التمعن والتفكير فى كيفية الحد من تداعياته السلبية المتوقعة على القضايا العربية، وفي مقدمتها القدس، وفلسطين، وكذلك المسلمين في الولايات المتحدة، نفسها.

إعلان

إعلان

إعلان