لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عندما فقدت مصر "الأوريجنال"

عندما فقدت مصر "الأوريجنال"

09:56 ص الخميس 11 فبراير 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد حلمي:

انتهى يومه بعد عناء حاملا بضاعته التي تنقل بها من مكان إلى أخر بحثا عن رزقه بلغ منزله البسيط.

التقط الراديو من على مائدة الطعام ليبحث عن معشوقته كوكب الشرق أم كلثوم وعندنا تمثل له ما أراد سرح فى صوتها وهى تشدو بأعذب الكلمات ومن كثرة اندماجه دار فى خلده حكايات من التي يسمعها يوميا على لسان زبائنه حيث يتحدثون عن عدم وجود طعم لشىء ما على الرغم من توافر كل شيء تقريبا عن زمن فات ولكن بلا طعم الأصلي .

لدينا عشرات المطربين ولكن لا يوجد منهم من هم بعذوبة وسلطنة نجوم الزمن الفائت وعلى رأسهم كوكب الشرق والعندليب وغيرهم ، لدينا عشرات الملحنين وشعراء الأغاني ولكن ليس لدينا مزاج موسيقار الأجيال أو عذوبة كلمات بيرم التونسي أو الشاعر سيد شفيق مبدع عدد من أغاني كوكب الشرق .
لدينا عشرات الكتاب والأدباء ولكن ليس لدينا يوسف إدريس أو يحي حقي أو عباس العقاد وغيرهم

الأصل في ما ذكر هو عدم وجود الموهبة "الأوريجنال" أو الأصلي على الساحة الآن في مختلف المجالات.

موجودة تلك النماذج ولكن كل ماهو سبكي وأجواء أغاني المهرجانات وسارقي الألحان الغربية وراغبي ارتداء عباءات لعباقرة لن يتكرروا فى الكتابة والتأليف مثلا حيث طغي على الساحة كل ما سبق واستحوذ على المشهد زورا وأبعد كل من يمتلك القدرة على أن يكون نواة لما سبقوا ، بكل تأكيد كانوا فى أزمنة سابقة يتحدثوا عن نفس الفكرة

ولكن "خامة البشر" وقتها كانت أكثر اتساعا للإبداع دون أن يكون هناك مجال حتى للحقد والغل وتمني زوال الموهبة، بل على العكس كان هناك تبني ومساعدة ودعم للدفع بشخصيات موهوبة فى كل مجال وهذا ينقلنا إلى محور أخر وهو تبني المواهب من الكبار حتى نعيد طرح "الأوريجنال " مرة أخرى فى ثوب جديد ولنا فى فنان قدير و موهوب ما يؤخذ عليه في هذا الأمر.

محمد منير مسيرة فنية ممتدة منذ نهاية السبعينات وحتي الآن وألبوماته ساهمت فى تشكيل وعى أجيال متعاقبة حتى الأن ، عايش عمالقة الفن وتعلم منهم وعلى يديهم وهو ما أضاف له فى مسيرته التى جعلته يتربع على عرش الفن الغنائي .يعتبر متفردا فى ألوان عدة عبرت عن حب الجماهير الغفيرة له سواء فى شكل كافيهات تحمل اسمه وملامح النوبة الجميلة أو محلات هدايا.

ربما يدور فى فلك الستين بعام أو أثنين ولكن مازال متمسكا بالوقوف أمام جمهوره العريض، ومعهم فى لحظة الفرحة حيث يصدح بالأغاني التي يعشقونها ، يسدى لهم النصائح أحيانا يعاملهم كأخ أكبر.عندما ترى جمهوره الأن تجده الجيل الثالث لنفس الأسرة التى عشقت منير منذ بداياته.

الأصل فى نجومية منير هو التبني للموهبة حيث كان الأخ الأكبر الراحل فاروق أبازيد هو السند والظهر له وهو الذى فتح له أفق الانتشار، وكان له جسر التواصل مع الرائع  عبدالرحيم منصور والملحن والمطرب الأسطورة أحمد منيب واللذان مثلا لمنير مرحلة مهمة فى تاريخه الفني، بالإضافة لقائمة من الشعراء الغنائيين والذين رسموا باقى خريطة غناء منير لو تحدثنا عنهم لن تكفى المقالات .

منذ فترة ليست بالقصيرة اهتم منير بالجنوح إلى الفن السريع الذى لم يدم مثل أغاني الإعلانات على سبيل المثال أو الكلمات التي ابتعدت عن جمال وعذوبة أغانيه فى فترات سابقة ،ربما تكون خفت بصماته بعض الشيء ولكنه مازال يجرى ويعافر في التمسك بمقدمة الصف ،لكن هل اهتم منير بضرورة السعي لتبني موهبة أو مجموعة مواهب تسير على نهجه في الموسيقي والغناء

بطبيعة الحال وكما هو معلوم لم يحدث شيء من هذا القبيل أو حتى المحاولة التي فشلت  بشكل كامل ..ربما نال فريق بلاك تيما الموهوب بعض الدعم من الكينج لكنه لم يستمر ، ربما منح منير بعض من رياح سطوته الفنية فى منطقته لفنان ما..لكن لم يستمر ذلك .

الأصل فى الموضوع هو أن صوت منير الذى كان ولايزال-ربنا يمنحه الصحة- صوت مصر لم يقف ويدعم بقوة خليفته فى ملاعب الغناء التي شهدت جولاته من أول السلم حتى "روف " النجومية ،نريد صوت أو مجموعة من الأصوات تستطيع مواجهة موسيقي بئر السلم والقائمين عليها أو الذين يؤدون "بلاى باك" .

ما هو مطلوب من منير هو سمة غالبة جيله على الرغم من أنهم عايشوا الفترة التى تبنى فيها كبار الموسيقيين والمطربين والكتاب والأدباء من طراز العملاقة لمواهب كانت بمثابة امتداد للزمن الجميل والقائمة طويلة ولا يسعنا تناولها نظرا لكثرة الأمثلة، ولكن نأمل أن يكون لذلك صدي لدى الكافة ممن يرغبون فى عودة " الأوريجنال " مرة أخري.

إعلان