لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رسالة إلى شهداء يناير 2011..!

رسالة إلى شهداء يناير 2011..!

10:21 ص الأحد 24 يناير 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد أحمد فؤاد:
أيها الأصدقاء صحبة يناير 2011 الطاهرة النبيلة.. يا من جمعنا القدر على حلم تبدو ملاحقته أسهل من تحقيقه.. وأنتم يا رفاق فارقتمونا في الميدان.. يا من رحلتم قبل أن يأتي موسم الحصاد لنجمع فيه سوياً حصادنا..

قبل أي شيء.. أتوجه لكم بتحية إعزاز وتقدير في الذكرى الخامسة لثورتكم الخالدة يناير 2011.. الثورة التي مازلت تنبض بأرواحكم ودمائكم وحريتكم، وكرامتكم التي صنتموها بسلمية وشفافية متحدية عجز التاريخ ألا أن يقف أمامها وجلاً واندهاشاً واحتراماً.. أعتذر لكم إن كان مازال يقف بيننا مغيبون يبخسونكم حقوقكم، ولا يقدرون قيمة ما فعلتم من أجل صالح هذا الوطن ومستقبله.. عزائي أنكم ترقبون المسار من حيث أنتم.. وأعلم أنكم أحياء عند ربكم ترزقون..!

ذكرى الثورة لدى كل ذي عقل لها وقع وشجن رخيم يبعث على الفخر والحماسة والاحترام.. وهي درس وعبرة لمن أراد أن يأخذ العظة.. فالثورة في الأصل فك قيود وفكر وتحرر، وهي ليست أبداً طقس أو مناسبة أو عادة اجتماعية تتكرر كلما سمحت الظروف.. أخشى أن العديد من الشواهد تثبت أن هناك حالة من التربص الثأري بكل ما هو على علاقة بثورة يناير 2011، ولا يصب هذا لدي في دائرة القلق، بقدر ما يثير لدي الشفقة تجاه أصحاب هذا المذهب التغييبي الآخذ في الاضمحلال أمام عنفوان شباب صاعد أخذ على عاتقه تغيير الأوضاع المغلوطة والتأسيس لمستقبل تكون الحريات فيه على قمة الأولويات بعيداً عن الانتباه والحذر أمام التحديات الحالية بأنواعها، والتي أظنها ستتحطم تباعاً أمام اصرار هذا الجيل على هدم معابد الفساد والبيروقراطية أينما كانت..!

أتعجب ممن يضيقون الأفق بالنظر فقط لحصاد الماضي من سلبيات وخسارات لا علاقة لها بالثورة أو بإسقاط النظام الديكتاتوري الفاسد من قريب أو بعيد.. ألا يعي هؤلاء أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار..؟ فإن كان تراكم فساد ما قبل ثورة يناير بلا حدود أو معايير، فلابد إذاً من توقع نفس القدر من الصعوبات أمام إصلاحات ما بعد يناير 2011.. هذا مع الأخذ في الاعتبار تكاثر المكائد والشراك التي نُصبت لتلك الثورة الناصعة لاستغلالها أو تقويضها أو تشويهها على أقل تقدير..!

على عكس هوى هؤلاء ممن فرضوا على أنفسهم سياج الجهل الممزوج بأكاذيب أبواق شياطين إعلام التعبئة والتشهير.. قررت أن أستعرض الجوانب الإيجابية فقط من خلال ذكريات عطرة وأيام لا تُنسى.. ولن أنجرف أبداً إلى تلك الهوة السحيقة التي سقط فيها عشاق الحياة في العالم الافتراضي الضحل بجدلهم التراشقي وسفسطائيتهم المقيتة وتطاولهم المشين، ولا أظنني سأتعجب لأنهم أمام الحقائق الدامغة لا يعتريهم أي ندم أو خزي، ربما لاعتيادهم عار الانقياد والانحناء لسنوات طالت.. إنهم ينكرون الدم البرئ كما ينكرون الواقع، ويطالبون برأس كل مُعارض تجرأ على انتقادهم أو كشف عن عجزهم وديماجوجيتهم.. وإليكم هنا نبذة عما لمسته من سمات ايجابية سطرها يناير 2011 في كتب التاريخ بحروف من نور.. وأكرر نحن هنا بصدد الحدث وليس تبعاته، لأن لكل مقام مقال..!

18 يوم فقط احتاجها ثوار يناير ليطيحوا بالطاغية مبارك من على عرش 30 عام من السُلطة باطنها فساد وظاهرها قمع باسم الديموقراطية.
لم يحمل الثوار من الأسلحة إلا صيحات هدارة وشعارات نقية، ولقيمات لا تكاد تسد الرمق، وبعض ضمادات لم تكد تكفي لإيقاف نزيف الدم.
شهداء الأيام الأولى سقطوا برصاص معلوم المصدر، وفوضى 28 يناير أحدثتها كوادر إجرامية مُدربة تربطها علاقات وثيقة بأجهزة أمنية رسمية.
الثورة لم تكن تهدف لإسقاط الدولة أو استعداء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، لكنها كانت ذات رؤية إصلاحية في المقام الأول.

تعدد أطياف من شاركوا في صنع الثورة منذ البدايات الأولى دلل بصورة مدهشة على تماسك وتواصل النسيج المجتمعي المصري.
العلاقة بين الثوار وبين القوات المسلحة لم تعتكر إلا بعد أسابيع من تصدر اباطرة في المجلس العسكري للمشهد بأخطاء سياسية فادحة.
لم يستطع كهنة التشدد الديني الدخول إلى الميدان بأفكارهم الهدامة طوال 18 يوم هي عمر الثورة الحقيقي، لكنهم نجحوا في التسلل لاحقاً بتواطؤ واضح المعالم.

أبلغ اللحظات تعبيراً عن مصداقية الثورة ونجاحها واحترامها هي لحظة أداء اللواء/ محسن الفنجري التحية العسكرية لأرواح الشهداء.
كشفت الثورة عن حقيقة التربص بالمجتمع المصري داخلياً وخارجياً، وهو ما لم يكن ليحدث إن كان في الأمر استغلال أو عدم شفافية.
ثورة يناير انتهت رسمياً كحدث تاريخي يوم أن سقط عرش مبارك بإرادة الشعب.. أما ما جاء بعد ذلك من أحداث ووقائع وتبعات فهو ما يجب فصله تماماً عنها إنصافاً واحتراماً لدماء شهدائها..!

إعلان