''دعارة سياسية''

بقلم- أيمن شعبان:

شاخصًا ببصره بنظرات حادة إلى السماء، راجيًا أمر ما.. نبضات قلب هادرة، تخشى خطب محتمل.. يد ممسكة بعلم، وفي الأخرى كتاب، وعلى بعد أمتار شخص قابض على سلاح، ومتأهب لإطلاق نار، بأصابع مرتعشة بين التقدم والتراجع.. بينهما تقف شابة فتية بلباس عرس لطخته دماء، مبلل بدموع منهمرة من عيون أنهكها الخوف، وطول السهر، ويدان ممدودتان الأولى لعلم، والأخرى بلا هدف..

آذان فجر تأتي من وراءه خيوط شمس تنثر على الأرض نور، كاشف عن طفلة منزوية بطريق.. أرض مخضبة بدماء، شمس ترتفع فتظهر تحتها أشلاء وبرك دماء.. من قَتل؟.. من قُتل؟.. لمن الدماء؟.. أشلاء من؟.. من أين يأتي صوت البكاء؟.. أين الرجال؟.. أين العروس؟.. صمت طويل..

نساء كاسيات بالسواد يلطمن الخدود.. يجمعن أشلاء رجال.. يبحثن عن فتاة تستعد لزفاف.. يواسين صبية قابضة على علم ملطخ بدماء صارخة: واأبتاه..

ضحكات هستيرية.. كؤوس تقرع بليل.. خارطة رثة يبدو بارزًا بها خط طويل يشبه نهر النيل ودلتاه.. راقصة عارية بأداء مبتذل معلق برقبتها قلادة نيل، وعلى جسدها بقايا فستان عرس يظهر أكثر ما يستر، وأياد ملوثة بدموعها تعبث بجسدها.. وفي ركن طفلة منزوية بنظرات مكسورة، وجسد يرتعد، ممسكة بعلم.. تبحث عن مفر..

مشهد حالم يتصدره طيف فارس غير بادية ملامحه، غير أنه يبدو فتيًا ناميًا من طمي نيل، ببشرة سمراء من صنيع شمس وادي، يمتطي صهوة جواد أبيض، يخترق المكان المجهول فيثير الرعب في قلوب السكارى، ويتعلق به بصر وفؤاد الفتاة، والصبية، والعلم..

مصر تناديكم.. ومستقبلها يستغيث.. فانظروا ماذا أنتم فاعلون..