لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل تكون (المجاعة) ثمناً لحلم (الجماعة)؟

هل تكون (المجاعة) ثمناً لحلم (الجماعة)؟

03:53 م الخميس 27 يونيو 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – محمد الصفتي:

لماذا يبدو موقفي كمن (انقلب) على الإخوان في الأيام الأخيرة؟ سؤال واجهني بالتأكيد ممّن كانوا يرونني أكيل الاتّهامات لشخوص المعارضة والنافخين في النار ومن أراهم -ولا زلت- طامعين في السلطة أو في مقامٍ آخر أدوات في أيدي أصحاب المصالح الّذين يعملون على إبقاء مصر في خانة الدول (اللا دول)!.

وردّاً على سؤال السائلين أذكر حواراً أجراه عمرو الليثي في يناير 2012 مع الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.. كنت متواجداً في زيارة خارج مصر حينها وواتتني الفرصة لمشاهدة الحوار كاملاً.

إحقاقاً للحقّ أسرني ماقاله الرجل في حديثه عن عدم نيّة الجماعة خوض انتخابات الرئاسة وما طرحه من وقوف الجماعة بالدعم والأصوات خلف من يرونه مرشّحاً (توافقيّاً) لا ينتمي بحال لأيٍّ من التيارات الإسلاميّة المعروفة ويحظى باحترام ورضا الجميع، وعزا الرجل موقف جماعته لخوفهم على مصر ورغبتهم في تجنيب المصريّين ما يعانيه الإخوة في قطاع غزّة جرّاء تصويتهم لحماس في الانتخابات البرلمانيّة وتربّص العالم الخارجي لكلّ ما يحمل صبغة (إسلامي) وبالتالي فهم كإخوان مسلمين لا يرضَون لمصر أن تُحاصر أو تُعزل دوليّاً كردّ فعل لانتخاب رئيس منتمٍ لتنظيم إسلامي.

كلّ ما عدا هذا الموقف في الحوار كان متوازناً لا يثير شكوكاً ولا يستفزّ أحداً ولكن هذا الموقف بالتحديد هو ما جعلني أُكبِر موقف الإخوان ممثّلاً في رأسهم د. محمد بديع.

أضف إلى ما سبق الدور الّذي (لم يقم) به الإخوان في شيطنة صورة الجيش المصري بأحداثٍ متلاحقة تلوّنت –عمداً- بلون الدمّ وهو ما زاد من احترامي لهم كفصيل لم يسهم ظاهراً في صبغ شوارع بلادي بدمٍ عبثي!!

وكان ممّا زاد من قناعتي باضطرارهم لترشيح أحدهم لمنصب رئيس الجمهوريّة بعد أن حلّت المحكمة مجلس الشعب محلّ أغلبيّتهم وتراجع الشخصيّات التي رأوها توافقيّة عن الترشّح بدعم الإخوان بعد حملة (المسخرة) التي شوّهت إلى غير رجعة مفهوم الرئيس التوافقي غير المنتمي لفصيل بعينه وبدت تبريراتهم منطقيّة في حينها خاصّةً بعد ما تزايدت علامات التوافق الإخواني – على عكس بقيّة التيارات المحسوبة على الثورة- مع المجلس العسكريّ ومع الدوائر الغربيّة وخلوّ الخطاب الغربي من أيّة خشية يستشعرونها إزاء وصول تيار إسلامي معتدل الخطاب للحكم.

وكان ما حسم الأمر بالنسبة لي في شأن عدم اعتراضي ولا خشيتي من حكم الإخوان أمران:

الأوّل هو ما بدا انفجاراً وشيكاً لا يعلم أحدُ مداه إذا ما انتصر في المعركة الانتخابيّة من هو محسوب على نظام مبارك وعلى المؤسّسة العسكريّة في الوقت ذاته وهو ما كان سيصم العلاقة بين الجيش وقطاعات واسعة من الشعب بما يصعب تخطّيه من الشكوك وربّما المواجهات إذا ما سرت الشائعات –التي أصبحت تحكم المناخ في مصر- بأنّ المؤسّسة العسكريّة وجّهت الأمور توجيهاً لانتصار المرشّح ذي الخلفيّة العسكريّة المنتمي لعهد يتمّ تشويهه وشيطنته يوميّاً وكأنّ رجاله كانوا شياطين لا بشر. وهنا كان تحالف غير مقدّس سيتكرّر بين الثوار ذوي التوجّهات اليساريّة والليبراليّة بل واللا دينيّة أحياناً وبين كافّة التيارات التي ترى في ممارساتها السياسيّة تطبيقاً (لشرع الله) وكان التحالف المذكور خليقاً بإغراق البلاد في أتون سائل مشتعل من الحمم يحرق الأرض ويزرع الفتن بين الشعب وجيشه ومن ثمّ بدا لي أنّ انتصار من هو غير محسوب على النظام السابق قد يحفظ للبلاد هدوءها ولو لبضعة شهور قد تكون نقطة انطلاق لاستقرار سياسي واجتماعي ممتدّ منشود.

الثاني هو ما لمسته من رغبة لدى الإخوان في التأكيد على تقديم انتمائهم للوطن على انتمائهم للجماعة وتحقيق أهدافها الخاصّة وهو ما أوضحته في معرض حديثي عن حوار المرشد التلفزيوني وهو ما جعلته كعهدٍ بيني وبينهم لن أعارضهم ما حفظوه، ولمّا كنت قد اقتنعت نوعاً بمبرّرات الاضطرار لترشيح رئيس للجمهورية من جماعتهم فقد ارتقبت أن يؤكّد الرئيس الإخواني على ما طرحه المرشد من تجنيب البلاد لأيّة انقسامات أو حصار اقتصادي جرّاء وجود الجماعة في الحكم. صبرت كثيراً والتمست الأعذار المرّة تلو المرّة وانتقدت بقسوة –ولم أزل- مواقف المعارضة المتصلّبة وتجارة المتاجرين بالدماء وشعارات الثورة الحالمة دون طروحات عمليّة ولكنّي فُجِعت على الجانب الآخر بإدارة هزيلة للأزمات، ارتباك وتناقضات وخطوات عكسيّة وتجاهل لحقيقة الانقلاب الشعبي الذي لا يخطئه قلب ولا عين على الإخوان. من المُحزِن أن يتمّ اختزال حالة الاحتقان الشديد ضدّ كلّ ما يمثّل الإخوان لدى قطاع كاسح من الشارع المصري في (فلول النظام) و(المعارضة الطامعة في السُلطة). لا يا (جماعة) الأمر أكبر وأجلّ ممّا تتعاملون على أساسه، الاحتقان حقيقي والرفض الشعبي ملموس حتى لو انبنى جزء لا بأس به منه على إعلام يكذب وعلى تلفيقات وفبركات وتأجير بلطجيّة. تقصيركم في تجلية الحقائق ومحاربة الإعلام بمثله ومكاشفة الناس بالحقائق التي تعلمونها لا يوصف إلّا بالفشل، إذا ما كنتم عاجزين عن مقاومة بضعة كاذبين بالداخل سوى بالتلميحات العاجزة والتعريض اللفظي فماذا أنتم فاعلون بمصر إزاء عدوان خارجي أو مؤامرات دوليّة مُحيقة بدأت باكورتها في أزمة إثيوبيا؟

ما يجمعني والإخوان أو غيرهم هو ما جمعني بمبارك والمجلس العسكري قبلاً، عندما تنحّى مبارك عن الحكم كفّر –في رؤيتي- عن الكثير ممّا ارتكبه من أخطاء حقيقيّة قزّمت مصر بما لا تستحقّ ولكنّي لم أكن لأتعاطف على الإطلاق مع (أبناء مبارك) الّذين تمنّوا عودته على حساب الصالح العام لمصر، وعندما انطلقت الهتافات المزرية (يسقط يسقط حكم العسكر) والحملات الممنهجة لتشويه صورة الجيش أكبرت موقف الجيش بالصبر والصمت وسعة الصدر وتفويت الفرصة على المتآمرين ولكنّي لم أكن لأطالب باستمرار المجلس العسكري في الحكم ولو على حساب دماء تسيل في الشوارع لغلاة المعارضين والحركات الناسبة نفسها للإسلام، وبالمثل فلن أقرّ على الإطلاق أن تدفع الجماعة بمصر إلى أتون الفتن وسيناريو سوريا (عضّاً)على السلطة وسعياً للتمكين وحلم الخلافة.

مابيني وبينكم هو صالح مصر ما سعيتم إليه ونحّيتم انتماءكم ومشروعكم جانباً، السلطة في أيديكم والمبادرات واجبةٌ عليكم والشعب يقرّر ما إذا كانت المعارضة تسعى للسلطة وترفض المبادرات وبالتالي يكون مصيرها الانزواء واللفظ من الشارع ولكن لن يكون أبداً من حقّكم دفع البلاد للمجاعة ولا إغراق البلاد في فتن ليلٍ مظلم وصراعات مسلّحة و (جهاد) غير مقدّس بدعوى الدفاع عن الشرعيّة وإلّا لكانت قد وجبت لمبارك.

يدفعكم الدافعون لخوض غمار قتال الشوارع بمن يسقط منكم –نحتسبهم شهداء بالطبع- في أحداث الأيام الأخيرة ولكن مصر أبقى وأغلى وعليكم باللجوء لقانون الدولة التي يحكمها أحدكم واللجوء للحلول السياسيّة التي تملك دولتكم أدواتها العمليّة.

نصيحتي الأخيرة لكم أن تنتظروا فعل الشارع المصري في 30 يونيو ولتحسبوا حساباتكم من واقع الفعل الشعبي غير المسيّس ولا تقطعوا شعرة معاوية التي لا زالت غليظة وصالحة للبناء عليها مع باقي شعب مصر (اللي مش إخوان)!

إعلان