لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في انتظار المجهول

في انتظار المجهول

12:57 م السبت 22 يونيو 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – سامي مجدي:

لا صوت يعلو في مصر فوق صوت المظاهرات التي تعتزم قوى المعارضة تنظيمها في 30 يونيو، يوم إتمام ''الرئيس'' محمد مرسي عاما كاملا على كرسي الحكم، للمطالبة برحيله. لكن السؤال الذي يشغل بال كل مصرية ومصري ولا يجد له أي منهما إجابة هو ماذا سيحدث في ذلك اليوم؟ وإلى أين ستصير الأمور في مصر؟ هل سيرضخ ''الرئيس'' المنتخب انتخابا حرا، لإرادة الملايين الذين قالت حركة ''تمرد'' إنهم وقعوا على استمارات سحب الثقة منه، أم لن يعريهم مرسي أي اهتمام، وسيتبع سياسة ''الجلد التخين'' أملا في ألا تطول الاحتجاجات التي يقول محللون إنها ستكون شبيهه إلى حد كبير بمظاهرات يناير 2011 التي أطاحت أو كانت سببا رئيساً في الإطاحة بسلفه حسني مبارك القابع في غياهب السجون حتى الآن؟

الحقيقة المؤكدة حتى الآن أن مرسي فشل فشلا زريعا في إدارة الدولة على مدار عامه الأول، حيث لم يستطع جمع الشعب حوله حتى يتمكن من مواجهة تحديات كان يعلمها القاصي قبل الداني، كما لم يستطع إحداث التوافق اللازم بين الفرقاء السياسيين الذي تحتاجه أي دولة قامت بها ثورة شعبية كتلك التي شهدتها شوارع مصر في ثمانية عشر يوما الشهيرة. يضاف إلى ذلك ما بات واضحا للعيان أنه ليس صاحب القرار الأول والأخير في إدارة الدولة، بل هناك من يملي عليه قراراته وما اليه هو إلا أن ينفذها، ووضح ذلك في أكثر من حالة من أول الإعلان الدستوري الذي قصم ظهر الأمة نصفين، حتى ما سمي بمؤتمر ''نصرة سوريا''، والذي أعلن فيه قطع العلاقات مع سوريا، التي هي أحد أعمدة الحفاظ على الأمن القومي المصري، مرورا بدستور الليل الذي عصف بأحلام شباب الثورة وكثير من المصريين الذين راودتهم الآمال في دولة جديدة بدستور جديد يحفظ لها مدينتها وهويتها ويلحقها بركب الحضارة، لا يعيدها إلى عصور الظلام من جديد. ناهيك عن الأزمات اليومية من كهرباء ووقود ومواصلات وارتفاع أسعار وغيرها من الأزمات التي لم يستطع ''الرئيس'' مرسي طوال عام كامل التعامل مع أي منها ولو حتى بتقديم خطة للعلاج.

طوال عام كامل اتبع مرسي وجماعته سياسة الأمر الواقع، تماماً كما تفعل إسرائيل مع الفلسطينيين والعرب، وهي تثبيت حقيقة على الأرض ومن ثم التفاوض والحديث على أساس ما تثبيته، وآخر تلك السياسات ''تعيين وزير غريب للثقافة (علاء عبد العزيز) والذي أتى بأفعال غريبة فور توليه منصبه''، وفق تعبير المفكر الكبير جلال أمين في مقالة له بصحيفة الشروق السبت الماضي؛ فرغم انتفاضة المثقفين والمفكرين ضد هذا الوزير الغريب.

الأخطر من كل هذا هو أن الأهل والعشيرة والسائرون في الركب أصحاب مقولة ''انا مش إخوان'' لا يرون هذه الكوارث والأزمات، وان رأوها يختلقون المبررات التي يدافعون بها دون وجه حق عن ''رئيس'' خلف وعده. بل إن الأمر وصل في الآونة الأخيرة إلى تكفير المعارضين وكل من يقول كلمة حق، طالما أن هذه الكلمة لأرض توافق هواهم. هم في ذلك يجعلون معارضة مرسي وانتقاده معارضة للإسلام والمسلمين وللمشروع الإسلامي المزعوم الذي لم يرى من الشعب شيئا حتى الآن، إنما اكتشف أن ما كانت تردده هذه الجماعات المتأسلمة مجرد شعارات فارغة واستغلال للدين بشكل يسيء للدين قبل أن يسيء إلى أي شيء آخر.

مسألة التكفير هذه ظهرت جلية فيما سمي من مليونية ''لا للعنف'' التي نظمها هؤلاء المتأسلمون في منطقة رابعة العدوية بمدينة نصر يوم أمس 21 يونيو؛ فلم يخلو حديث أي ممن اعتلوا منصتهم من التخوين والتكفير، ودعوات ما يسمونه جهادا ضد معارضي ''الرئيس'' والإخوان، على اعتبار أنهم معارضين للإسلام ويرفضون تطبيق الشريعة، التي يفسرونها على هواهم.

والواضح أن تلك التظاهرات كشفت الوجه القبيح لهذه الجماعات وعرتها؛ حيث تأكد للعيان أن منطق هؤلاء القوم التكفير والإقصاء.. إما معنا إما علينا، ذلك المنطق الذي اتبعته إدارة الرئيس بوش الابن في أعقاب أحداث 11 سبتمبر، وحروبها المزعومة على الإرهاب.

بين تيار متأسلم في وسطه جماعة تؤمن إيمانا عميقا أن ''الله'' مكنها بعد عقود من العمل السري، وجماعات ترى أن هذا التيار يسرق الوطن لحسابات أخرى، تقف مصر الوطن.. مصر القيمة.. مصر التاريخ والجغرافيا، في انتظار المجهول.

على الهامش

''عندما يتسع العنف في أي مجتمع وتتسع دائرته لتضم ألوف الناس، فمعنى ذلك أن ظاهرة العنف سياسية. ومعنى أن تكون الظاهرة سياسية أن علاجها يستحيل أن يقتصر على أداة الأمن وحدها، وإنما يتحتم أن يكون العلاج سياسيا أي اجتماعيا وغير ذلك لعب بالنار، لأنه يتصاعد بالعنف إلى درجة التمرد، وبالتمرد إلى درجة الثورة''.

الكلمات أعلاه للأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل في كتاب ''المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل- الجزء الثاني''، الصادر سنة 1996.

إعلان