إعلان

الطاقة النووية.. ''كابوس'' أم ''حلم ''مصري مؤجل! – (مقال)

الطاقة النووية.. ''كابوس'' أم ''حلم ''مصري مؤجل! – (مقال)

05:35 م الثلاثاء 01 أكتوبر 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد الشيخ:

إذا كانت كارثة فوكوشيما النووية والتي تسببت في مأساة لليابان وتألم لها العالم أجمع خلال 2011، وهو ما دفع الدول الأعضاء في النادي الدولي للطاقة النووية لإعادة النظر في مد العمل بمفاعلاتها النووية وعلى رأسها ألمانيا، بل أن العديد من المنظمات الدولية تبنت الدعوة إلى إنهاء عصر النووي في العالم كله بحلول عام 2035.

وبالنظر إلى الوضع الدولي الراهن للطاقة النووية والتي عانت طويلا من الركود بسبب حادث تشرنوبيل في العام 1986، فإنه حالياً توجد 443 محطة كهربائية نووية في العالم، موزعة على كافة أرجاء المعمورة، ومنها 104 محطة في الولايات المتحدة الأمريكية و59 في فرنسا، وتوقعت دراسة حديثة للوكالة الدولية للطاقة النووية أن حوالي مليون ميجاوات من الطاقة الكهربائية النووية سينتجها البشر مع حلول 2050م.

ووفقا لاستطلاع قامت بها مؤسسة استطلاع الآراء '' بازل بروجنوز أجي'' لحساب الوكالة الألمانية للحماية من الإشعاعات في عام 2009 ، قدّم الباحثون تقديرات واقعية للصناعة النووية تؤكد أن نسبة مشاركة الطاقة النووية في تغطية احتياج العالم من التيار الكهربائي ستتقلص من 14,8% العام 2006 إلى 9.1% العام 2020 وإلى 7.1% فقط العام 2030، أما النتيجة التي خرجوا بها، فقد تميزت بالوضوح، حيث توقع خبراء مؤسسة بروجنوز أن عدد محطات الطاقة النووية في العالم سيتراجع في 2020 بحوالي الربع، وفي 2030 بما يقارب 30%، وعليه ستتقلص حصة الطاقة النووية من إنتاج التيار الكهربائيّ في العالم في 2030 إلى ما يقل عن النصف مما كانت عليه في العام 2006 .

أما إحصائيات وكالة الطاقة النووية مطلع 2010 أشارت إلى أنه يوجد في أرجاء العالم 436 مفاعلاً نووياً قيد التشغيل بجهد كهربائي صافٍ يبلغ حوالي 370000 ميجاوات، بعد أن بلغت عدد المفاعلات 444 في العام 2002، ومنذ ذلك الحين بات الرقم في تراجع تدريجيّ ومستمر، ففي الولايات المتحدة، حيث يوجد فيها وحدها 104 مفاعلات قيد التشغيل، لم يتلقَ مصنّعو المفاعلات النووية منذ 1973 .

بل أن بعض التجارب الدولية فى إنشاء المفاعلات تحولت إلى كابوس، فمفاعل الماء المضغوط الأوروبي منذ العام 2007 في فلامانفيل على ساحل القنال الفرنسي، الذي قام على بنائه ائتلاف الشركات العملاقة كونسورتيو أريفا/ زيمنز، فقد تحوّل بالنسبة للأطراف كافة وفي وقت قياسي من نموذج رائع للوبي النووي الغربي إلى كابوس خانق، فارتفاع التكلفة من 3 مليارات يورو في البداية إلى 5,4 مليار يورو لاحقاً ( 2009 )، وتأخير انطلاق العمل فيه بحوالي ثلاث سنوات ونصف حتى الآن ( 2013 )، أدى إلى أن الزبون ومصنّعي المفاعل يقفون اليوم أمام هيئة تحكيم أوروبية للنظر في قضية تتضمن أموالاً طائلة بالمليارات.

وكانت هناك العديد من المحاولات المصرية لحيازة الطاقة النووية بدءاً بالمشروع النووي الذي بدأ طموحاً عام 1955 بإنشاء لجنة الطاقة الذرية، والتي تم تحويلها إلى هيئة عام 1957، تضم 4 مراكز علمية كبري، ولديها مفاعلان نوويان، أولهما بأنشاص وقدرته 5 ميجاوات، وبدأ العمل به منذ عام 1961، وهناك مفاعل ثان بأنشاص قدرته 22 ميجاوات، بدأ العمل منذ فبراير 1998، وقد أنشأت مصر هيئة للمحطات النووية لتقوم بالإشراف على هذه المحطات النووية، كما أن هيئة الطاقة الذرية المصرية مستمرة في نشاطها، ولديها خطة حالية لإنشاء محطة الضبعة النووية، التي تحتوي علي 8 مفاعلات نووية قدرة كل واحد 1000 ميجاوات.

ومؤخرا وبعد استعاده القوات المسلحة لمساحة 5 كيلو مترات مربعة، وفقا لما ذكره لي أحد المسئولين السابقين عن المشروع، من إجمالي 54 كيلو متر مربع هي إجمالي المساحة المخصصة لمشروع الضبعة والذى أستولى عليه آهالي مرسي مطروح خلال الأحداث الأخيرة التي مرت بها مصر على مدار 3سنوات، قال المهندس أحمد إمام وزير الكهرباء والطاقة ا إنه سيتم خلال أيام قليلة عرض الملف النووي برمته على مجلس الوزراء للبدء الفوري في بناء البنية التحتية بعد أن تتسلم الوزارة أرض المشروع، موضحا إن المشروع سيتم البدء الفوري فيه عقب إقراره من البرلمان القادم وسيتم فور إقراره الإعلان عن المناقصة العالمية لاختيار سابقة الخبرة لتنفيذ المشروع.

وبالرغم من مرور كل تلك السنوات ظللنا من دون حيازة للطاقة النووية أو الاستفادة من استخداماتها السلمية للأغراض التنموية، ورغم تراجع العديد من حكومات العالم عن خططها في بناء المزيد من المفاعلات النووية إلا انه وخلال السنوات الأخيرة بدأت الحكومة تعلن عن عزمها أحياء برنامجها النووي لتوليد الطاقة الكهربائية، خاصة وأن البترول الذى نعتمد عليه في توفير احتياجاتنا من الطاقة الكهربائية بخلاف تلويثه للبيئة فأنه في طريقه للنضوب قصرت أم طالت السنين.

والسؤال الأن .. كيف يمكن للحكومة، بعد الزلزال الياباني وتخلي الغرب تدريجيا عن الطاقة النووية، أن تقنع المصريين بامتلاك مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة ؟، ولماذا لا تستثمر وقتها وجهدها بالتوجه إلى الاستثمار في الطاقة البديلة وتطوير إمكانيات الحصول عليها بدل السعي وراء الطاقة النووية ؟، ولماذا علينا انتقاء الخيار الأكثر بطئاً والأغلى ثمناً والأقل فعاليةً والأقل مرونةً والأكثر خطورةً؟.

ربما كان من الصحيح أن يجرب العالم ومعه مصر في العام 1957 الطاقة النووية، أما اليوم فإن الطاقة النووية ليست أكثر من عقبة على الطريق نحو الانتقال إلى إمدادات كهربية مستدامة تمتلكها مصر وعلى راسها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتي يسعي الغرب إلى الاستفادة منها عبر مشروع ضخم لنقل الطاقة الشمسية من دول جنوب المتوسط بداية من تونس إلى دول القارة الأوروبية، ويبقي السؤال هل سيتحول الحلم المصري بامتلاك الطاقة الكهربائية النووية إلى كابوس؟.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان