- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
بقلم - محمد الصفتي:
مناديل ورق.. بابيعها في إشارة ونفق
وبابيع معاها حق عمري اللي اتسرق
مناديل ورق..تمسح على جبينكو العرق
لكنّها الحبل اللي بيه مستقبلي الجاي اتشنق
مناديل ورق..
بتبصّ لي من فوق لتحت كأنّي أتفه م العدم
النظرة دي لو كنت إبنك كت حتبقى دموع ودم
قافل إزازك زي قلبك وف عينيك منّي قلق
جرّب تشوف ابنك مكاني وبصّ تاني إيه فرق
مناديل ورق..
أنا عمري مااخترت الشوارع تبقى بيتي ومطرحي
كان ممكن ابقى ف حضن بيتك وابنك انت مطرحي
أنا عمري ماكتبت الحكاية لا ف خبر ولا مبتدأ
لكن وانا المُهر الصغيّر فجأة صِرت حصان سبق
مناديل ورق..
إيّاك تكون فاكر شفقتك هي حقّي في الحياة
أنا حقّي حيكون كلمتي لآخر طريقي ومنتهاه
ربّي وربّك قالها عالية إللي ليّه معاك ده حقّ
ولو هاموت مش هانسى حقّي ولا امسحه بمناديل ورق
مناديل ورق..
نظمت تلك الكلمات انفعالاً بمرأى أطفالٍ خضر يتحوّلون بلا ذنب إلى جيادٍ غير أصيلة تجوب الشوارع، بحثاً عن الرزق وتتلقّى ضربات السياط من أيدي وألسنة وعيون الناس.
وقمت بنشر ما كتبت على صفحة (الفيسبوك) الخاصة بكتاباتي، كنت اتوقّع ردود فعلٍ طيّبة على ما كتبت، ولكن ما حدث أنّني فوجئت بطوفان من المشاعر جعل الأمل يحدوني من جديد في استيعاب الناس للظلم الواقع على تلك الفئة المطحونة الملتصقة أسفل أعماق (الخلّاط) الاجتماعي المصري الأسمنتي عديم القلب.
وانهالت التعليقات المتعاطفة لأقصى حدّ، وإعادات النشر على الكلمات وتناقلت عشرات الصفحات على موقع (الفيسبوك) تلك القصيدة نقلاً عن صفحتي وغيرها من الصفحات، وفوجئت بردود الفعل الهائلة من الجميع، من أقصى يمين الساحة إلى أقصى يسارها، سلفيين وحازمين وإخوان ويساريين واشتراكيين وثوار وأقباط. لم يتخلّف أحد عن التعاطف وهُم للعجب ذات المصريين الّذين يرمقون هؤلاء الأطفال في الشوارع بعيونٍ ملأى بالازدراء ونفوسٍ مفعمة بالقلق وقلوبٍ تفيض بالكراهية!.
لم أسعد – والله يشهد - بكلّ هذا الزخم الّذي تسببت فيه كلماتي لأنّها كلماتي، بل لأنّني شعُرت أنّ لبنةً ما قد بدأت بناءاً نحتاجه بشدّة لاحتواء المطرودين من المجتمع.
هل تتحقّق عدالة اجتماعيّة أو يرى المجتمع خيراً وهناك أطفال يحاسبون بقسوة ويُطردون من المجتمع وهم دون سنّ العقل والرشد والتكليف والمسؤوليّة؟، كلّنا مسؤولون وكلّنا محاسبون عليهم، فكلّما تؤهّل الجمعيات العاملة على خدمتهم البعض الّذي تتمكّن من ترويضه منهم ثمّ يخرجون إلى المجتمع يلفظهم بقسوة مرةً أخرى، فلا يقبل تشغيلهم أحد، ويظلّون يحملون وصمة (أطفال الشوارع) على جباههم مهما أعيد تأهيلهم.
أنانية مفرطة من مجتمع لم يمنحهم إنسانيتهم ولا أيّاً من حقوق طفولتهم ثمّ عندما يحاول البعض منحهم الحدّ الأدنى من كرامتهم الإنسانيّة يرفض المجتمع المرائي الّذي يتشدّق بأخلاق وشعارات وهتافات أن يعترف بهذا الحدّ الأدنى.
التفاعل الإيجابي لقطاعٍ لا بأس به من رواد المواقع الاجتماعية مع تلك المأساة التي حاولت أن أشرح أبعادها من رؤية الطفل الضحية في كلماتي أعلاه أعاد لي بالفعل حماسي للقضيّة ولا سيما بعد أن حضرت نهاية الشهر قبل الماضي ورشة عمل بين الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وكافة الوزارات والهيئات المعنية للوقوف على خطة عمل يقرّها الجميع وتنفذها الحكومة ممثلة في الوزارات الحاضرة وتهدف لوضع حلول قصيرة ومتوسطة الأجل لتلك المأساة التي تفضّل وزيرة التأمينات الدكتوره "نجوى خليل" تسميتها بمشكلة (الأطفال بلا مأوى). بارقة أمل ربّما من نوعٍ جديد وبادرة طيّبة من وزارة مصريّة أن تنفتح على المجتمع المدني وتعترف بخبراته وتثمّن مساهماته بل وتبدي استعداداً لإشراكه في وضع بنود الخطّة ولكن يبقى اعتماد تلك الخطة وبدء التنفيذ.
ردود الفعل الإيجابيّة على كلمات (مناديل ورق) من جانب خصوم وفرقاء وحّدهم الألم والأمل وكذلك ما شهدته مصر من زخم غير اعتيادي استجابةً لخطبة الشيخ السعودي "محمد العريفي" و(حقنة الأمل) التّي ضخّها في عروق المصريّين -بصرف النظر تماماً عمّا يتردّد من تحليلات لموقف الشيخ داخل أروقة (جهاز الاستخبارات الشعبي) العليم ببواطن الأمور وخفايا الغرف المغلقة وخبايا العفريت الأزرق قبل تحوّله إلى اللون الأزرق- كلّ هذا أثبت لي صواب حقيقة أسعى مؤخّراً لإثباتها وهي أنّنا أصبحنا (ناقصين حنّيّة)!.
فعقب الثورة تحوّل قطاع كاسح من المصريّين إلى نموذج غليظ القلب دائم الصراخ والسباب كاره للعقول، وعاشق للحناجر لاهث خلف كلّ من يهتف، يبحث في شغف جنوني عمّا يشفي غليله في شيطانٍ مصطنع، من صورٍ تحريضيّة على الإنترنت – حبّذا لو كانت واضحة التلفيق لاكتمال المتعة كما يحدث لدى جمهور الأهلي أو الزمالك عند احتساب هدف (أو فسايد) خدع الحكم – إلى خبرٍ (عااااجل) لا أساس له من صحّةٍ أو مرض إلى حلقات سباب وصياح ديكة على فضائيّات تزرع في عقولنا الكراهية وتحصد هي إيرادات الإعلانات!.
لا أحمّل هذا القطاع الضخم من المصريّين كثيراً من اللوم على مايفعله فالكبت عميق والحدث جلل والإغراء شديد والحرّيةُ مطلقةٌ كقطارٍ جامح لايجرؤ كائنٌ كان على الوقوف أمامه والعواقب وخيمة على من يحاول إيقاف القطار من اتّهامات (بالفلوليّة) إلى قوائم سوداء كقلوب واضعيها، فلماذا لا يستقلّونه؟ هذه الحالة من الانفلات العاطفي والأخلاقي والانفعالي والعقلي معاً لايمكنها أن تستمرّ إلى الأبد، ولابدّ للقطار البشري الجامح أن يستريح. قليل من التذكير (بحنّيّة البشر) قد يمثّل تلك الاستراحة وهو ما قد يأتي في خطبةٍ للعريفي تعيد الثقة للمصريّين في أنفسهم ولو بالكلام أو صورةٍ لطفلٍ بائس يفترش الأسفلت تذكّر المصريّين بأنّ (إنقاذ البشر) لا الانتقام هو أهمّ أهداف الثورات النبيلة كما ننعت ثورتنا.
نحن في حاجة قصوى لمشروعٍ قوميّ، لحلمٍ قوميّ، حتّى لحزنٍ قوميٍّ نبيل! مايجمعنا لايقارن بما يفرّقنا، يجمعنا ثوبٌ أبيض فضفاض ناصع ويفرّقنا وجوه شائهة جشعة نهمة كبقع سوداء على هذا الثوب. صراعات الديكة لن تأتي بخيرٍ يُذكر لمصر، قد تأتي لهم بعروشٍ ملوّثة بدمائنا ومرصّعة برؤوس أطفالنا، فانبذوهم جميعاً.
جرّبوا ولو لمرّةٍ واحدة أن تتخيّلوا ابناً من أبنائكم في موضع طفلٍ يتسوّل في إشارات المرور ثم زنوا الأمور، هل يستحقّ أمراء القصر وأمراء الحرب كلّ هذا الصخب الّذي نحدثه من أجلهم؟ حاولوا معي أن نمسح (بمناديل ورق) الغبار والعرق والمرض والفقر والدموع عن وجوه أطفال الشوارع ونمسح بذات المناديل من قلوبهم كراهيتنا المستحقّة. بدلاً من أن يحتضن تجّار الفوضى هؤلاء المساكين لأغراض سياسية دنيئة ويدفعون بهم لمواجهات لا تنتهي تستهدف المجتمع أفراداً ومنشآت ومؤسسات لماذا لا نحتضنهم نحن ونقدّم لهم القليل الذي يعيدهم رويداً رويداً لأحضان المجتمع؟ ابتسامتك بدلاً من نظرتك النافرة وتربيتة على الكتف بدلاً من سبّة بذيئة وحوار باسم يسأل عن أحوالهم بدلاً من (غور ياد من هنا!) قد تكون لبنة ثانية في بناء مجتمع يخطو نحو العدل.
أرفق بمقالي هذا ( فيديو ) عن الجهود النبيلة التي تبذلها إحدى أكبر الجمعيات العاملة على خدمة أطفال الشوارع منذ عام 1989 وهي جمعية قرية الأمل، شاهدوه كنموذج لهؤلاء الذين يحملون قدراً من المسؤولية وينتحتون في الصخر ليفعلوا مانأنف أن نفعله، شاهدوه واعرفوا أبعاد المشكلة وساعدوا تلك الجمعيات على تحقيق المستحيل ولو بابتسامة أو بمناديل ورق تمسح دموع طفلٍ باكٍ.
إعلان