لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في الفرق بين تويتر والهدهد

في الفرق بين تويتر والهدهد

08:16 م الخميس 17 نوفمبر 2011

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – ناجي حسين:
سيغضب الأخوة السلفيون عندما يقرءون هذا الكلام، وستتحرك اللجان الالكترونية الخاصة بالوطني المنحل لتشيد بي وبكلامي، لكني لن أشتري رضاء السلفيين ولا يعنيني إشادة الفلول (وربما بسبب هذه الكلمة سيشتمني كلاهما) لكني سأقولها ورزقي على الله، أتحدث عن واقعة دخول ''الشيخ'' حازم شومان لحفل جامعة النيل بالمنصورة قبل أن يصعد هشام عباس ليغني، وقيل أنه صرخ في الحضور بأن الغناء حرام وأن هذه مفاسد وملاهي عن ذكر الله (لو كانت الحفلة ستحييها هيفاء وهبي ماذا كان سيفعل).

ما قام به ''الشيخ'' شومان وما تلاه من هرج في القاعة وأعقبه حضور نائب رئيس الجامعة الذي اصطحب شومان معه وتحدث معه لينصرف شومان من الحفل - هموت وأعرف قاله ايه – فلو كان الرجل مؤمن بأن هذا فجور فلماذا ترك الحفل وغادر ، ولو كان قد اقتنع فلماذا لم يعتذر.

أعود مرة أخرى إلى الفعل ورد الفعل، فاليوم أعلنت الجماعة السلفية على لسان المتحدث الرسمي لها أنهم يؤيدون ما قام به شومان بل و''جزاه الله خيرا على ما فعل''، دعك من فكرة أن هذا الأمر يفتح الباب للكثير من التخيلات والتصورات عما سيحدث في المستقبل يعيد إلى الأذهان ما قامت به الجماعات الإسلامية في عهد السادات داخل الجامعات المصرية وتحريم كل شيء و''تنقيب'' كل امرأة، لكن الأخطر هو تكريس ثقافة الإقصاء في وجه الآخر وإذا لم تكن معي فأنت ضدي وضد الإسلام وضد الله سبحانه وتعالى.

أنا شخصيا من بيت سلفي فلا يزايد أحد عليَ، بل أن من قام بتعليمي مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن كانوا شباب أفاضل إما أنهم خرجوا لتوهم من سجون أمن الدولة بعد سنوات طويلة أو استشهدوا في أفغانستان بعد قتال الروس، تعلمت على أيديهم آيات من القرآن الكريم يخاطب بها الله رسوله الخاتم قائلا ''ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك'' بل أن الله تعالى أمر سيدنا موسى عليه السلام حينما يدخل هو وهارون على فرعون بأن ''قولا له قولاَ ليناَ لعله يتذكر أو يخشى'' ، لاحظ أن الله أمرهم بهذا مع فرعون الجبار الذي كان يرى نفسه إلها، وليس مع شباب صغير لا يرى أملا في أن يعمل بعد التخرج. 

ثم تعالى معي إلى الجزئية الأهم.. هل الغناء حرام، طبعا لا تتوقع مني بعد الفقرة السابقة أن أبدو لك كشيخ يلقي فتاوى على قارعة الطريق، بل كل ما أريد أن أقوله أن العلامة الجليل الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ''لاحظ جيدا المنصب السابق الذي لم يصل إليه بالتزوير ولا بالمجاملة بل وصل إليه بإجماع علماء المسلمين'' المهم أن الرجل ناقش هذه القضية في أكثر من موضع ومتاحة على موقعه الإلكتروني لمن يريد، وهو يضع جميع الأدلة التي ساقها كل العلماء السابقين في تحريم الغناء، ويضع أمام كل دليل الدليل المضاد له.

إذن المسألة خلافية بين العلماء، فهي مثلا ليست مثل الخمر والزنا والربا ولحم الخنزير وكل الأشياء التي تم تحريمها في الكتاب والسنة، بل هي مسألة خلافية تخضع لاجتهادات العلماء ولم يثبت فيها رأي نهائي، فمن يقول أنها تثير الغرائز يرد عليه فريق آخر بسهولة بأن هناك أغانِ تشجع على التأمل والعمل والإنتاج وحب الوطن، وهناك غيرها تتحدث عن المشاعر الإنسانية الجميلة التي يمكن أن يبوح بها زوج لزوجته، وأن الغناء مجرد أداة يمكن استغلالها في الخير ويمكن استغلالها في الحرام، ومن يقول أنها تلهي عن ذكر الله يأتي الرد عليه بسهولة بأن أي شيء حلال يلهي عن ذكر الله يتحول إلى حرام، فلو كنت تشاهد مباراة في كرة القدم (وهي ليست شيئا حراما طبعا) لكن حانت الصلاة وأنت لم تترك مقعدك وضاعت الصلاة عليك، فالمباراة التي شاهدتها تعتبر حراما لأنها ألهت عن ذكر الله.

مرة أخرى القضية خلافية ولا يصح أن يدخل أحد عليك فرح ابنتك ويقول لك أن الغناء حرام، أحد التابعين كان يعمل بالتجارة، وكان لديه جار يذهب إليه يوميا ليشتري منه بضاعة ولكن بدراهم مزيفة ليست من الفضة، وكان الرجل يأخذها شاكرا، وفي يوم كان الرجل غائبا عن المحل وكان به ابنه الصغير، فلما أعطاه الرجل الدراهم المزيفة ردها إليه الولد ونهره، وعندما عاد أبوه أخبراه بما فعله فنهره أبوه وغضب بشدة وقال له ''أعرف أنها مزيفة لكني كنت أخذها منه لكي لا يخدع بها مسلم آخر''، ستقول لي ما علاقة هذه الحكاية بالغناء، سأقول لك أن العلاقة هي كيف كان التابعين يديرون علاقتهم بالناس حتى الغشاشين والنصابين، لو حدث هذا الآن مع أي شخص سلفي أو غير سلفي سيكون مصير هذا الرجل النصاب هو التعليق من رجليه في السوق.

وأخيرا هل سيتم تغيير اسم تويتر إلى ''الهدهد'' إذا تولى السلفيون الحكم؟.

اقرأ أيضا:

الهيبة والديمقراطية ودولة القانون

إعلان