''رمسيس'' و ''غزال''.. حلم السيارة العربية في مهب الريح
تقرير - أحمد عمار:
كلما أعلن عن قرب تحقيق حلم ''سيارة صناعة عربية''، واتخاذ الإجراءات حول تحقيق ذلك، إلا انه وبعد فترة من إعلان التفاصيل يكتشف أنه أقرب إلى ما يطلق عليه ''الفنكوش''.
وكان آخر تجربة عربية لصناعة السيارات، تتعلق بصناعة سيارة سعودية مئة بالمئة، تسمى ''غزال''.
وتعود قصة السيارة السعودية إلى عام 2010 عندما أعلنت جامعة الملك سعود عن سعي الجامعة إلى الدخول في صناعة السيارات، بعد أن نجحت في تصنيع النموذج الأول من السيارة.
وتم عرض النموذج الأول من ''غزال'' والإعلان عن النموذج الاختباري للسيارة لأول مرة في معرض جنيف الدولي، بسويسرا عام 2010، حيث يتم تقديم آخر الابتكارات والتصاميم في عالم السيارات، وتم عرضها من ضمن 100 سيارة جديدة يكشف عنها لأول مرة.
وقام بتطوير ''غزال'' مجموعة طلاب من جامعة الملك سعود، بهدف تصميم سيارة تلائم مواصفات المناخ والتضاريس في دول الخليج العربي، وتضمن المشروع عدة تدريبات وورشات عمل توزعت بين الرياض ومدينة تورينو الايطالية بالاعتماد فقط على طلبة الجامعة.
وكان من المقرر أن تجوب السيارة ''غزال'' الشوارع السعودية، في نهاية 2013 أو مع بدايات العام الحالي 2014، إلا أنه وبعد انتظار اكثر من 4 سنوات، والبحث حول تأخر إنتاج السيارة ''غزال 1''، أعلنت جامعة الملك سعود أنه مجرد مشروع بحثي فقط.
بداية تسويق ''غزال 1''
وعلى الرغم من تسويق ''غزال 1'' بمعرض جنيف الدولي، على أنه مشروع إنتاج سيارة سعودية، نقلت جريدة عكاظ السعودية، عن مصدر مسئول بجامعة الملك سعود قوله ''أن دور الجامعة في مشروع (غزال) الذي يعنى بإنتاج أول سيارة سعودية، ينتهي عند البحث العلمي، بحيث تتم الاستفادة من السيارة بدراسة مكوناتها وتفكيكها وتركيبها، واستعراض أساليب وطرق صناعة السيارات، كون الجامعة جهة أكاديمية ولا تريد أن تخرج عن هذا المسار بالتحول إلى ممارسة أنشطة ربحية''.
ويتعارض مع تصريحات الدكتور توفيق ربيعة وزير التجارة، عندما سئل عن تأخر إنتاج السيارة غزال '' إن الجامعة لم تتقدم لوزارته للحصول على ترخيص لتصنيع غزال، التي كانت الجامعة قد أعلنت عام 2010، عن توقيع اتفاقية لتصنيعها مع إحدى الشركات المتخصصة في صناعة السيارات بتكلفة بلغت 500 مليون دولار''.
وبذلك تفرق دم السيارة غزال بين القبائل، وأصبح حلماً ضائعاً، وكل فريق يلقي اللوم على الآخر، على الرغم وفقاً للتصريحات تم رصد التكلفة الخاصة بالسيارة، والعمل على تحديد سعرها بعد إنتاجها، والتسويق لها، فقد تحدثت تقارير إعلامية أن السعر سيتراوح ما بين 35 ألف ريال سعودي.
وقال المصدر المسئول بجامعة الملك سعود، في سياق تصريحاته لجريدة عكاظ (السعودية) ''أنه لم يتم أي جديد في المشروع طوال تلك الفترة، خصوصاً بعد التأكيدات بأنه تم إسناده لوزارة التجارة''، مبيناً أن الجامعة سبق وأعلنت أن كل ما بذلته سيكون تحت تصرف الوزارة، كاشفاً أن تلك الجهود كانت من أجل نقل ثقافة التصنيع عند طلاب الجامعة وإكسابهم الخبرة وليس بهدف الربح''.
الوليد بن طلال ينتقد عدم إنتاج ''غزال 1''
وبحسب جريدة عكاظ السعودية، وجه الأمير الوليد بن طلال رسالة إلى رئيس هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) محمد الشريف، دعاه فيها إلى التحقيق في قضية مشروع السيارة السعودية “غزال 1? الذي كان قد دشنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز شخصياً، بعدما أشارت تقارير إليه على أنه “مشروع وهمي”، قائلاً إن ''رائحة الفساد قد فاحت'' على حد تعبيره.
وقال الأمير السعودي الذي يدير مجموعة المملكة القابضة، في رسالته التي نقلها الموقع الإلكتروني لجريدة عكاظ ''إن الملك عبدالله كان قد دشن المشروع عام 2010، ليعود وزير التجارة عام 2014 ليؤكد عدم حصول السيارة على ترخيص، لتتناقل الصحف بعد ذلك عدة تقارير عن “َضبابية” في تطور المشروع وغموض يلف تقدمه، والأخبار الصادمة التي قرأناها مؤخرا كانت محل دهشة واستغراب الجميع حيث تؤكد بأن مشروع غزال هو مشروع وهمي، فكيف تصل الأمور لهذا الحد من انعدام الشفافية والمصداقية، ما يحدونا إلى القول بأن ذلك يعد صورة واضحة من صور الفساد الإداري الذي تعاني منه الكثير من الأجهزة الحكومية السعودية''.
السيارة رمسيس والنانو إيجيبت
يذكر ان لمصر كانت لها تجربة سابقة في محاولة صناعة سيارة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وتجسدت محاولات إنتاج سيارة مصرية في عهد الستينات من خلال شركة ''النصر لصناعة السيارات''، وإنتاج السيارة ''رمسيس''.
وشركة النصر لصناعة السيارات هي شركة مصرية تأسست سنة 1960 وهي أول شركة لصناعة السيارات في الشرق الأوسط، وأسست بغرض تصنيع اللواري للقوات المسلحة والمدني ثم الأتوبيسات، ثم انضم إليها مشروع صناعة سيارات الركوب والجرارات الزراعية والمقطورات، وكانت تهدف إلى صناعة أول سيارة مصرية خالصة إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وتم بدأ إنتاج السيارة ''رمسيس'' في عام 1961 وتوقف إنتاجها عام 1963، ولكن كان 70 بالمئة من مكوناتها من الخارج، وتم توفيرها للمواطن المصري ذلك الوقت مقابل مبلغ 200 جنيه، وتوقف إنتاجها بعد دخول توكيل شركة فيات إلى مصر وتعاقدت الحكومة معها.
وُأُعلن في ذلك الوقت الحديث ان ''رمسيس'' صناعة مصرية خالصة، ولكن تبين بعد ذلك أن 70 بالمئة من مكوناتها من الخارج، وتوقف إنتاجها، وأصبحت حلماً من الماضي.
كما ظهرت محاولات صناعة سيارة مصرية في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والرئيس السابق محمد مرسي، للباحث رضا المغازي، والتي لم تحظى بأي دعم حكومي.
وقال الباحث رضا مغازي صاحب فكرة السيارة في تصريحات تلفزيونية سابقة له، إنه بدأ العمل فى هذا المشروع منذ عام 2004، من خلال محرك ضغط بطاقة الهواء مسجل في أكاديمية البحث العملي، كما فكر بوضعه في سيارة وتوصل إلى تسمية السيارة بـ''نانو إيجيبت'' وهي مسجلة كفكرة مصرية في أكاديمية البحث العلمي، موضحاً أن العلامة التجارية مسجلة ملك لمصر وشركة مصرية مساهمة لصناعة السيارات.
وعن مراحل محاولة إنتاج السيارة في مصر يقول ''خاطبت مسئولين في العهد السابق ومنهم وزير الصناعة السابق رشيد محمد رشيد فكان رده ''أنا هلبس جلبية وأقعد في البيت''، ومن ثم تم عرضه على سيد مشعل وزير الإنتاج الحربي السابق، وتم رفع قضية أنه ينتج سيارة صينية وينسبها لمصانع حربية''، بحسب تصريحاته.
ولكن بعد محاولاته الفاشلة في الحصول على علامة تجارية مصرية للنانو ايجيبت في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، ذهب رضا المغازي إلى الصين لإنتاج نموذج أولي لكي يثبت للحكومة، وبالفعل تم إنتاج السيارة عام 2009 في الصين بأيدي عاملة صينية وتم إنزالها إلى مصر وترخصت كمنتج صيني، وتم استخدامها في مصر وطرح منها 3 موديلات، وأكد رضا المغازي أنه تم تصدريها إلى غانا وباكستان ونيريجيا والمغرب.
وبعد تولي الرئيس السابق محمد مرسي الحكم، حاول رضا المغازي أن يقوم بإيحاء الفكرة من جديد، وكانت هناك مفاوضات مع الرئاسة في ذلك الوقت خلال 2012.
وبحسب تصريحات سابقة لسامي حبيب مدير تسويق الـ''نانو إيجيب'' لـ''مصراوي'' خلال شهر نوفمبر 2012، قال ''مازالت هناك مفاوضات ولا يمكن تحديد صدق الرئاسة إلا بعد شهر، متمنياً أن يكون هناك دعم لهذا المشروع لكي يتحول إلى مشروع قومي''، وإنتهى عهد الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، بدون أن يكون للمشروع أي تواجد.
السيارات المصرية ستنافس الأجنبية خلال 6 أعوام
وكان منير فخري عبد النور، وزير التجارة والصناعة قد صرح في تصريحات سابقة له، ''إن اتفاقية الشراكة مع الدول الأوروبية تهدد صناعة السيارات بمصر، على الرغم من أن صناعة السيارات صناعة مهمة للغاية لأنها تستطيع أن تعمق التصنيع من خلال إنتاج مكونات السيارة نفسها''.
وأعلن وزير الصناعة: ''أنه بحلول عام 2019 سيتم تنمية الصناعة السيارات في مصر لتنافس المنتج الأوروبي، من خلال استغلال توفر العمالة المصرية بأسعار أقل، إلى جانب استغلال الاتفاقيات الأجنبية مع الدول الأوروبية أو غيرها''، حسبما قال.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: