مسلحون أصبحوا رجال سياسة بعد تصنيفهم كـ"إرهابيين"
بي بي سي
أقامت العديد من الدول، ومن بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتركيا، علاقات دبلوماسية مع قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع.
وجاء ذلك على الرغم من أن الجماعة المسلحة التي يقودها، هيئة تحرير الشام، هي جماعة تعتبرها العديد من الدول جماعة إرهابية بسبب ارتباطاتها السابقة بتنظيم القاعدة.
وألغت الولايات المتحدة مؤخرًا مكافأة قدرها 10 ملايين دولار كانت تعرضها للقبض على الشرع.
وقد يكون الشرع، الذي كان يُعرف سابقًا باسمه الحركي، أبو محمد الجولاني، ضمن سلسلة من الذين صُنفوا كإرهابيين، ثمّ تم الاعتراف بهم كزعماء سياسيين شرعيين.
إليكم أبرز أربع شخصيات انتقلت من قوائم الإرهاب إلى رأس السلطة:
مناحيم بيجين - من زعيم إرجون إلى الحائز على جائزة نوبل للسلام
كان مناحيم بيجين رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي وقع معاهدة كامب ديفيد للسلام مع الرئيس المصري أنور السادات في عام 1978، وأنهت 30 عامًا من العداء بين البلدين، وكانت سببًا أيضًا في فوز الزعيمين بجائزة نوبل للسلام.
ولكن في الأربعينيات من القرن الماضي، كان بيجين رئيسا لأرجون، وهي جماعة مسلحة يهودية هاجمت السلطات البريطانية والعرب في الأراضي الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل.
ولد بيجين عام 1913 في الإمبراطورية الروسية السابقة، ودرس القانون في بولندا حيث انضم إلى حركة الشباب اليهودي، وهي جزء من الحركة الصهيونية التصحيحية المتشددة بقيادة زئيف يابوتنسكي.
وفي الحرب العالمية الثانية، ألقت القوات السوفيتية القبض عليه وأرسلته إلى الجيش البولندي لمحاربة الألمان، وبعد تركه للجيش وانتقاله إلى القدس، أصبح زعيما للجماعة المسلحة إرجون زواي لئومي (المنظمة العسكرية الوطنية) لتقويض الحكم البريطاني في فلسطين.
وفي عام 1946، قصفت إرجون فندق الملك داود في القدس، مما أسفر عن مقتل 91 شخصًا.
وفي عام 1948، شاركت المجموعة في قتل العشرات من الفلسطينيين في بلدة دير ياسين بالقرب من القدس، ما أدى إلى تسريع هجرة العرب من فلسطين قبل وقت قصير من قيام إسرائيل.
وبعد قيام دولة إسرائيل في مايو 1948، أصبح بيجين زعيم حزب هيروت اليميني وفي عام 1977 أصبح رئيس وزراء إسرائيل كرئيس لتحالف الليكود.
ثمّ في نفس العام، بدأ بيجين محادثات السلام مع الرئيس المصري أنور السادات، التي انتهت باتفاقيات كامب ديفيد عام 1978، عندما أصبحت مصر أول دولة عربية تعترف بإسرائيل.
ومُنحت جائزة نوبل للسلام عام 1978 مناصفة بين بيجين والسادات لمساهمتهما في تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
لكن الاحتجاجات العنيفة ضد بيجين عندما زار العاصمة النرويجية أوسلو لتسلم الجائزة، كانت كافية لنقل الحفل إلى مكان آمن في قلعة أكرشوس.
وقبل ثلاثة عقود من منح بيجين جائزة السلام، عرضت السلطات البريطانية في فلسطين جائزة قدرها 50 ألف دولار لمن يقبض عليه باعتباره إرهابيًا مطلوبًا.
ياسر عرفات - من "مقاتل من أجل الحرية" إلى صانع سلام مع إسرائيل
وقع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في عام 1993، التي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية ومنح الفلسطينيين الحكم الذاتي في قطاع غزة وجزء من الضفة الغربية.
وأصبح عرفات أول رئيس للسلطة الفلسطينية في عام 1994، وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته في عام 2004، كما فاز بجائزة نوبل للسلام.
ولد عرفات عام 1929 في العاصمة المصرية القاهرة، وكان والده تاجرًا فلسطينيًا.
كطالب في مصر، قرر عرفات بدء كفاح مسلح ضد إسرائيل بعد النكبة عام 1948، عند الإعلان عن قيام دولة إسرائيل وأُجبر حوالي 750 ألف فلسطيني على الفرار من منازلهم في المنطقة.
وأسس عرفات حركة فتح - حركة التحرير الفلسطينية - في أواخر الخمسينيات مع زملائه المغتربين، وأصبح رئيس جناحها العسكري.
وبدءًا من ديسمبر 1964، شنت حركة التحرير الفلسطينية حرب عصابات ضد إسرائيل من الأراضي المجاورة.
وفي عام 1969، انتخبت جامعة الدول العربية، عرفات زعيمًا لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وخلال السبعينيات والثمانينيات، نفذت فصائل داخل منظمة التحرير الفلسطينية عمليات اغتيال وتفجيرات واختطاف.
لم يعلق عرفات أبدًا على هذه الحوادث، لكنه قال إنه يرفض الإرهاب، ووصف نفسه بأنه "مقاتل من أجل الحرية".
وفي عام 1974، قال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إنه جاء "حاملًا غصن زيتون وبندقية مقاتل من أجل الحرية - لا تتركوا غصن الزيتون يسقط من يدي".
ثمّ في عام 1987، صنفت الولايات المتحدة منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة إرهابية ومنعت عرفات من دخول البلاد.
وفي عام 1988، نبذ عرفات الإرهاب علنًا نيابة عن منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي عام 1993، عقد سلامًا مع إسرائيل واعترف بحقها في الوجود من خلال اتفاقية أوسلو، وفي المقابل، مُنح الفلسطينيون الحكم الذاتي في قطاع غزة وقسم من الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية.
ولهذا، حصل على جائزة نوبل للسلام في عام 1994.
وعندما توفي عرفات، حضر ممثلون من أكثر من 50 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، جنازته في القاهرة.
مارتن ماكجينيس – قائد الجيش الجمهوري الأيرلندي الذي صافح الملكة
كان مارتن ماكجينيس أحد قادة الجيش الجمهوري الأيرلندي، ونفذ أعمالًا إرهابية في أيرلندا الشمالية من أواخر الستينيات إلى التسعينيات بهدف إنهاء الحكم البريطاني في أيرلندا الشمالية وإرساء دعائم أيرلندا الموحدة.
ولكن بعد دوره في اتفاق الجمعة العظيمة لعام 1998، الذي أنهى ثلاثة عقود من العنف المعروف باسم الاضطرابات، أصبح ماكجينيس نائبًا أولًا لوزير أيرلندا الشمالية.
وُلِد ماكجينيس في منطقة بوغسايد المحرومة في لندنديري في أيرلندا الشمالية عام 1950، وانضم إلى الجيش الجمهوري الأيرلندي في أواخر الستينيات.
وفي عام 1972، عندما قتل جنود المظلات البريطانيون 13 شخصا خلال "الأحد الدامي" في لندنديري، كان الرجل الثاني في قيادة الجيش الجمهوري الأيرلندي في المدينة.
وخلص تحقيق لاحق إلى أن أيًا من القتلى لم يشكل أي تهديد للجنود.
وسُجن ماكجينيس في عام 1973، بعد أن تم القبض عليه بالقرب من سيارة كانت تحمل متفجرات و5 آلاف طلقة ذخيرة.
واتُهم بالوقوف وراء قتل العديد من المخبرين والرهائن، ويُعتقد أنه كان على علم مسبق بهجوم بالقنابل على موكب يوم الذكرى في إينيسكيلين في أيرلندا الشمالية عام 1987، الذي أسفر عن مقتل 11 شخصا وإصابة أكثر من 60 آخرين، ولكنه نفى ذلك.
وعلى الرغم من ذلك، انخرط أيضًا في محادثات مع ممثلي بريطانيا، ممهدًا الطريق لوقف إطلاق النار مع الجيش الجمهوري الأيرلندي واتفاقية السلام المعروفة باسم اتفاقية الجمعة العظيمة.
وبعد أن أصبح نائبًا لأول وزير لأيرلندا الشمالية، وأدان الجمهوريين المنشقين الذين واصلوا العنف ووصفهم بالـ"خونة لجزيرة أيرلندا".
والتقى بالملكة إليزابيث الثانية أكثر من مرة، وصافحها، وكان ذلك علامة فارقة، ففي عام 1979، قتل الجيش الجمهوري الأيرلندي ابن عم الملكة، اللورد لويس مونتباتن، بينما كان يبحر بقاربه قبالة الساحل الأيرلندي.
جوستافو بيترو - عضو جماعة حرب العصابات الذي أصبح رئيسًا لكولومبيا
في عام 2022، وفي سن 62 عاما، انتُخب جوستافو بيترو رئيسا لكولومبيا، وهو أول يساري يصبح رئيسا لكولومبيا على الإطلاق.
ولكن بيترو كان أيضا عضوا في حركة 19 مارس (M-19)، إحدى أكثر الجماعات المسلحة عنفا في البلاد، وسُجن بتهمة حيازة أسلحة.
نشأ جوستافو بيترو في زيباكويرا، وهي بلدة فقيرة لتعدين الملح بالقرب من العاصمة بوجوتا.
وفي سن السابعة عشرة، أثناء دراسته للاقتصاد في الجامعة في بوجوتا، انضم إلى حركة 19 مارس.
كانت هذه جماعة حرب عصابات سميت على اسم تاريخ الانتخابات الرئاسية لعام 1970 في كولومبيا، التي اعتقد الكثيرون من اليساريين أنها مزورة.
وفي عام 1979، حفر أعضاء حركة 19 مارس نفقا إلى قاعدة عسكرية في بوجوتا وسرقوا عددا كبيرا من الأسلحة.
وفي عام 1980، داهمت المجموعة سفارة جمهورية الدومينيكان واحتجزت 50 شخصا كانوا يحضرون حفل كوكتيل، لكن بيترو نفى مشاركته في أي عمل عنف.
ولكن في عام 1985، تم القبض عليه وبحوزته ذخيرة ومتفجرات، وقال إنها كانت مزروعة، وزعم أنه تعرض للتعذيب بعد اعتقاله، وقضى 18 شهرًا في الاحتجاز العسكري والسجن.
وبينما كان بيترو في السجن، نفذت حركة 19 مارس أعنف أعمالها، حيث داهمت قصر العدل في بوجوتا واحتجزت مئات الأشخاص كرهائن.
وخاضت القوات المسلحة الكولومبية معركة استمرت 27 ساعة لاستعادة المبنى، قُتل خلالها ما يقرب من 100 شخص.
وفي عام 1990، حلت حركة 19 مارس تحالفها وأصبحت حزبا سياسيا شرعيا، يعرف باسم تحالف 19 مارس الديمقراطي.
وواصل بيترو العمل كعضو في الكونجرس وعضو مجلس الشيوخ ورئيس بلدية بوجوتا، ثمّ فاز بالرئاسة في عام 2022.
فيديو قد يعجبك: