إعلان

بعد زيارة وفد روسيا لدمشق.. ما مصير قواعد موسكو في سوريا؟

06:23 م الخميس 30 يناير 2025

ما مصير قواعد موسكو في سوريا

كتبت- سلمى سمير:

في زيارةٍ حملت في طياتها أكثر من مجرد بروتوكولات دبلوماسية، وبعد أن حط وفد روسي رفيع المستوى رحاله في دمشق لأول مرة في ولاية الإدارة الجديدة، أُعيد فتح ملف شائك بشأن مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا، بعد أن قاد هذه الزيارة، كبار مسؤولي الكرملين، والتي جاءت لتضع موسكو ودمشق أمام مفترق طرق قد يُعيد تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية.

باتت القواعد الروسية المنتشرة في سوريا، والتي كانت لسنوات رمزًا لقوة موسكو ونفوذها في الشرق الأوسط، محط تساؤلاتٍ مصيرية، لتدفع للتساؤل عما إذا كانت موسكو تُعيد حسابتها في سوريا، وعما إذا كانت هذه الزيارة بداية انسحابٍ تدريجي أم إعادة تموضعٍ تكتيكي.

صورة 1

مستقبل القواعد الروسية

منذ سنوات، مثلت القواعد العسكرية الروسية في سوريا نقطة محورية في القوة والنفوذ الروسي في المنطقة، لكن مع التغيرات الجديدة يبرز التساؤل حول مستقبل هذه القواعد، وفي هذا الشأن يقول المحلل السياسي المختص في الشأن السوري، الدكتور محمد هويدي، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي" إنه يوجد تفاهمات جرت قبل سقوط النظام السوري السابق وبعده، للحفاظ على الترتيبات العسكرية الروسية الجديدة. عند متابعة التطورات، مشيرًا إلى أن الإدارة الجديدة أظهرت مؤشرات إيجابية تجاه روسيا.

وتابع الدكتور هويدي، أن العلاقة بين روسيا وسوريا تستند إلى مصالح مشتركة، والتي أكدتها الزيارة الروسية الأخيرة وأعادت تعريف أطر التعاون بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالقواعد العسكرية في طرطوس واللاذقية، قائلًا إنه لن يكون هناك أي تغيير جذري في مسألة القواعد وستظل قائمة، رغم وجود بعض الضغوط الغربية على الإدارة الحالية.

صورة 2

دلل هويدي، على حسن نوايا الإدارة الجديدة بشأن القواعد الروسية، بأنه لم يتم استهداف هذه القواعد عسكريًا منذ سقوط نظام الأسد، إضافة إلى أن السفارة الروسية لا تزال قائمة في دمشق دون تسجيل أي اعتداءات ضدها، مشيرًا إلى عدم وجود أي مؤشرات على تغيير السياسة الروسية أو التراجع عن التواجد العسكري في سوريا.

من جانبه يرى المحلل السياسي المختص في الشأن السوري، قصي عبيدو، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إنه لم يتم الوصول إلى رؤية واضحة بشأن التواجد العسكري الروسي في مطار حميميم في اللاذقية أو في ميناء طرطوس، مشيرًا لاستمرار المشاورات بين الأطراف المعنية للوصول إلى اتفاق حول هذه المسائل.

وقال عبيدو، إن العقود الموقعة بين روسيا والنظام السوري السابق لم يتم تنفيذها بالكامل ولم يتم الاعتراف بها بشكل كامل، وهو ما تسعى لكن الحكومة السورية الحالية، ممثلة بأحمد الشرع، في الوصول إلى تفاهم مع موسكو بشأنه لتحقيق مصالح كلا الطرفين.

في الوقت نفسه، أشار عبيدو، إلى وجود دعوات من دول مثل ألمانيا لخروج القوات الروسية من سوريا، مرجحًا أن تكون هناك مساعٍ للتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، بما في ذلك الدولة السورية وروسيا، لتحقيق مصالح مشتركة كالتواجد الروسي في المياه الدافئة بالبحر المتوسط.

صورة 3

وأوضح عبيدو، أن التصريحات التي انطلقت من سوريا بعد زيارة الوفد الروسي الأخيرة، لم تكن واضحة المعالم، مستدلًا بها على فشل الوصول إلى اتفاق نهائي يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل، متوقعًا عقد عدة جلسات وخطوات ووضع شروط من قبل الطرفين للوصول إلى اتفاق.

ولفت عبيدو، إلى أن الشروط الدولة السورية ستكون هي الأقوى والأقسى، خلال المفاوضات المتوقعة مع روسيا بشأن القواعد، والتي إذا ما تم تحقيقها سيتم إبرام اتفاقيات جديدة يتم توقيعها مع الحكومة في سوريا، يمكن أن تتم أبريل من العام الجاري.

الغرب أم روسيا

لدى الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الألمانية إلى سوريا، أكد الوفد الألماني بوضوح للحكومة السورية رغبة برلين في رحيل القواعد الروسية من سوريا، وهو ما يأتي في وقت لم ترفع فيه العقوبات المفروضة على دمشق حتى الآن ولم يشطب مسؤولي الإدارة الجديدة من قوائم الإرهاب، وفي هذا الشأن يقول هويدي، إن الاختيار ما بين موسكو والغرب سيكون خيارا صعبا، نظرًا لحاجة دمشق للموازنة بين الطرفين في الوقت الحالي.

وأشار هويدي، إلى أن العقوبات الغربية القائمة دون رفعها، تشكل مسألة هامة لدى دمشق، مع اشتراط أي تنازلات تقدمها الإدارة السورية بتفاهمات معينة، لم يتم السعي في تحقيقها خاصة بعد إعلان أحمد الشرع، رئيسًا جديدًا لسوريا في الفترة الانتقالية، وهو ما لم يأتِ وفق تفاهمات مع أوروبا كانت تطالب بقرارات معينة مثل القرار 2254، وهو ما يعني أن الإدارة الجديدة لا ترغب في وضع كل رهاناتها في سلة واحدة، سواء كانت سلة أوروبا أو روسيا.

صورة 4

وفي حال اضطرت دمشق، إلى الاختيار بين الجانب الروسي أو الغربي، يرى هويدي، أنه إذا اضطرت الحكومة الجديدة في نهاية المطاف للاختيار بين كلا الطرفين، فستختار بكل تأكيد الجانب الغربي، لحاجتها الملحة في رفع العقوبات المفروضة عليها وإزالة مسؤوليها من قوائم الإرهاب، وهو ما لن يكون حال فضلت الجانب الروسي الذي اختاره الأسد لسنوات وضيعه بنهاية المطاف.

ورغم الزيارات المكثفة التي شهدتها سوريا مؤخرا لمسؤولين غربيين على أراضيها، فلا تزال رؤية الغرب تجاه سوريا غير واضحة، بحسب هويدي، الذي قال إن مسألة هيئة تحرير الشام، تحتاج إلى قرارات دولية لتنظيم وجودها في سوريا، وهو ما تمتلك روسيا دور كبير بشأنه في هذا الملف، خاصة في محاربة الجماعات المتطرفة، كما أن لها تأثيرًا في مجلس الأمن.

وأكد هويدي، أنه من غير المرجح أن تشهد العلاقات بين موسكو ودمشق قطيعة، مدللًا على ذلك بدعوة روسيا لوزير الخارجية السوري لزيارة موسكو، الذي قال إنه يعد مؤشرًا على استمرار التعاون بين البلدين.

من جانبه يرى، قصي عبيدو، أن حكومة سوريا الحالية، ستعمل على المفاضلة بين المنفعة القادمة من روسيا والغرب، والتي إذا ارتأت أنه يمكن الموازنة بين الطرفين فستبقي بدورها على القواعد الروسية وتمدد التواجد الروسي ولكن بتقيد بمسألة التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا ، وتوطد علاقتها مع الغرب.

صورة 5

وأوضح عبيدو، أن التواجد الروسي في سوريا، حال استمر، فيجب أن يتم الاتفاق على مقابل للتواجد الروسي على الأراضي السورية، بمعنى إبرام عقود تثبت حقوق كلا الطرفين ويعطي الشرعية للتواجد الروسي في سوريا كما كان في العهد السابق، ولكن الخلاف بين السابق والحاضر هو أن في السابق كان تواجد عسكري للاشتراك في الحرب، أما الآن فسيكون التواجد للمصالح المشتركة من اكتساب خبرات وتعليم المقاتلين والطيارين السوريين، وحماية المصالح الروسية في المنطقة.

ونوه عبيدو، إلى حزم الملف الأوروبي بشأن التواجد العسكري الروسي في سوريا، قائلًا إنه ستكون هناك عرقلة واضحة لعدم السماح بإتمام هذا الاتفاق لأنه لا يخدم المصالح الأوروبية في سوريا.

وفي حال وصول اختيار الإدارة الجديدة بين روسيا والغرب إلى حائط سد، فيرى قصي، أن دمشق ستقدم التعاون مع الغرب عن روسيا، لتشكيل مسألة رفع العقوبات هدف أسمى وأنجح للصالح السوري، وما يعنيه ذلك من عودة سوريا إلى موقعها الجيوسياسي في العالم العربي والصعيد الدولي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان