هل هناك قواعد لمراقبة الموظفين في العمل؟
لندن (بي بي سي)
واجه مصرف باركليز ردود فعل غاضبة، في أعقاب تجريب نظام يتيح مراقبة الوقت الذي يقضيه الموظفون في مكاتبهم. ولجأ البنك، منذ ذلك الحين، إلى إلغاء هذا النظام. فما مدى شيوع مراقبة الموظفين في مكان العمل؟ وما هي الحدود المسموح بها لمدرائهم؟
ماذا فعل باركليز؟
يقول المصرف إن الهدف من تثبيت برنامج المراقبة المستخدم في جهاز كمبيوتر العمل هو معالجة أمور مثل الإفراط في العمل، ورفع الإنتاجية العامة.
وفضلا عن تعقب نشاط أجهزة الكومبيوتر الخاصة بالموظفين، فإن شركة سابْيِنس، المتخصصة في البرمجيات، تقول إن هذا النظام يتيح لها أيضا تحديد مدة عدم تصفح الموظف لشبكة الانترنت.
وتم تغطية القصة لأول مرة عن طريق المجموعة الإعلامية، سيتي أي إم، التي قالت إن النظام طلب من الموظفين تجنب فترات الراحة، محذرا أحد الموظفين من أنه "لم يقض وقتا كافيا في المنطقة البارحة".
وفي عام 2017، واجه باركليز أيضا انتقادات بعدما ثبَّت أجهزة لرصد الحركة وحرارة الجسم، لمراقبة إن كان يتم استخدام المكاتب أم لا. وقال إن الهدف كان تقييم الفضاء المتاح في المكاتب.
ماذا استخدمت الشركات الأخرى لمراقبة الموظفين؟
وتستخدم العديد من الشركات الكبرى تقنيات "غير تقليدية" في المراقبة، حسب شركة غارتنر للأبحاث.
ويمكن أن يشمل هذا تحليل البريد الإلكتروني، واستخدام الكمبيوتر، وحركة الموظفين في أرجاء المكاتب.
وعادةً ما تقول الشركات إن دوافعها تتسم بالبراءة، لكن ثمة مخاوف أُثِيرت بشأن بعض الحالات، إذ أن هذه الأدوات يمكن استخدامها في التجسس على الموظفين.
مثلاً، في عام 2016، سحبت صحيفة التلغراف أجهزة راقبت صحفييها عندما كانوا في مكاتبهم، بعدما اتهمت نقابة الصحفيين التلغراف بأنها مارست "أسلوب الأخ الأكبر في المراقبة".
وقالت الصحيفة إن أجهزة الاستشعار ثُبِّتت لمعرفة المكاتب المشغولة، وتحسين فعالية الطاقة في المكاتب.
وتعرضت شركة أمازون، أيضا، للتدقيق بشأن كيفية خضوع العاملين في مستودعاتها للمراقبة.
وفي عام 2013، خلُص تحقيق لبي بي سي إلى أن أجهزة الاستشعار في مستودع شركة سوانزي كانت تتعقب الوتيرة التي يجمع بها العاملون الطلبات. وأُخبِر عامل أنه قد يواجه إجراءات تأديبية إذا لم يعمل بسرعة كافية.
وكُشِف، في عام 2018، أن شركة أمازون سجلت براءات اختراع لتصاميم أساور بإمكانها تعقب أين يضع العاملون في المستودع أياديهم. وقالت أمازون إن الفكرة، في حال تطبيقها، من شأنها المساعدة في تعقب المنتجات، وتحرير أيادي العاملين من الماسحات الضوئية.
ما هي القواعد؟
تحظى البيانات الشخصية بالحماية بموجب قانون حماية البيانات.
ويقول القانون إن البيانات ينبغي استخدامها بشكل عادل، وقانوني، وشفاف، على أن تكون مخصصة لغرض محدد، ولا ينبغي الاحتفاظ بها لمدة أطول من اللازم.
وقبل أن تبدأ عمليات مراقبة الموظفين، ينبغي أن يتأكد المدراء من أنهم على دراية بذلك، حسب التوجيهات الصادرة عن مكتب مُفوض المعلومات (ICO) . كما ينبغي إخبار الموظفين بدوافع وكيفية استخدام المعلومات التي تم جمعها.
وينصح مكتب مُفوض المعلومات أصحاب العمل بمراعاة التأثيرات السلبية على الموظفين، واعتبار إذا ما كانت هناك بدائل أقل خرقاً للخصوصيات.
ويقول محامي التوظيف، ماكس وينثروب، إن عنصر الشفافية عامل أساسي في الموضوع. إذا استخدم مدير ما بيانات مراقبة العاملين- مثلا تحديد مستوى إنتاجيتهم كأساس للإجراءات التأديبية- فإن هذا ينبغي أن يكون متضمنا في عقود الموظفين.
بيد أنه يضيف أن على الموظفين، لدى استخدامهم الكمبيوتر في مكان العمل، ألا يتوقعوا الحصول على نفس القدر من الخصوصية، الذي يتمتعون به عند استخدامهم كمبيوتر خارج مكان العمل.
ما هي مواقف الموظفين تجاه المراقبة؟
حذر اتحاد النقابات العمالية من أن أشياء من قبيل مراقبة الوقت الذي يقضيه الموظف في دورة المياه، وتعقب حركة العاملين يخلق مناخا من "الخوف وانعدام الثقة".
ويقول إن أي مراقبة ينبغي أن تكون بالتوافق مع الموظفين، وليس بفرضها عليهم.
ووجد استطلاع أجراه اتحاد النقابات عام 2018، أن المواقف تجاه مراقبة مكان العمل اعتمدت على طبيعة أعمال المراقبة.
مثلا، اعتُبِر تعقب أماكن وجود المقتنيات الخاصة بالشركة، مثل العربات، وأجهزة الكومبيوتر المحمولة، والهواتف، غير مقبول من قِبِل أقل بقليل من ربع الأشخاص المستطلعة آراؤهم.
لكن استخدام برمجيات التعرف على الوجه، ومراقبة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، خارج ساعات العمل، اعتُبِر غير مقبول من قبل نحو ثلاثة أرباع الموظفين.
وتقول النقابة إن المراقبة يمكن أن تكون لها أحيانا منافع تعود على الموظفين بالفائدة. مثلا، تعقب مكان موظف معين يمكن أن يوفر له أمانا أكبر. كما أن تسجيل المكالمات يمكن أن يمنح الحماية للموظفين من شكاوى العملاء.
بيد أن إدوارد هوتون، رئيس الأبحاث في معهد تشارترد للأفراد والتنمية، يقول إن تكنولوجيا المراقبة يمكن أن "تتسبب في إحداث الضرر أكثر مما قد تجلب النفع" لأن الموظفين قد يشعرون بأنهم لا يحظون بالثقة في أنهم يقومون بأعمالهم بفعالية.
فيديو قد يعجبك: