لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل تنجح تونس في تجربة التحول الديمقراطي؟

02:48 ص الأحد 15 سبتمبر 2019

يوسف الشاهد في قائمة تضم 26 مرشخا للرئاسة في تونس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بي بي سي

تعد وفاة الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي اختبارا آخر للديمقراطية الوليدة في البلاد. فبعد ثورة 2011 تم تبني النظام القائم على التعددية الحزبية، والذي يمثل قارب النجاة في الأوقات المضطربة.

فلم تؤد وفاة السبسي في 25 يوليو الماضي الى دخول البلاد في مرحلة عدم اليقين كما هو الحال مع موت رؤساء أو ملوك في المنطقة. ففي تونس هناك احترام للدستور وفي غضون شهر من الوفاة أدى رئيس مؤقت اليمين الدستوري، وتم الإعلان عن انتخابات رئاسية، وإجراء تعديلات رئيسية في القانون الانتخابي.

وقد عكست هذه الإجراءات التغيير الذي شهدته تونس في السنوات الثماني الأخيرة.

ولكن الديمقراطية مازالت هشة في هذا البلد الواقع في شمال افريقيا ليس بسبب الوضع الاقتصادي والأمني الحرج فحسب، وإنما بسبب الإرث السلطوي ونفوذ شبكات السلطة وتأثير مرحلة بن علي، وبالتالي فإن المخاوف من إمكانية تراجع الديمقراطية لها مبرر.

وبينما ساعدت سياسات الإجماع وتشارك السلطة بين الأحزاب الرئيسية في تخفيف حدة الاستقطاب الإسلامي - العلماني فإنها أبطأت تقدم الإصلاحات الاقتصادية من طرف آخر.

إنجازات

في الوقت الذي أكد فيه الدستور على الحريات المدنية والمساواة بين الجنسين، فإنه حد من دور المؤسسة العسكرية، وأسس نظاما سياسيا جديدا يتم فيه تقاسم السلطة التنفيذية بين رئيس يصل إلى الحكم بالانتخاب الشعبي المباشر، ورئيس حكومة ينتخبه البرلمان، كما كرس الدستور الفصل بين السياسة والدين.

وقد أجرت تونس العديد من الانتخابات الحرة والنزيهة، كما سمحت الحريات السياسية الجديدة أيضا للحريات المدنية بالازدهار. لكن يبدو أن هناك عوامل تعيق التحول الديمقراطي.

شبكات النظام القديم

فقد أعاقت شبكات عصر بن علي السياسية والاقتصادية والإدارية، والتي لها تأثير على أعلى مستوى، تكريس النظام الديمقراطي وممارسته.

وكان قد تم حل حزب بن علي، التجمع الدستوري الديمقراطي، بعد الثورة، ولكن رموزا مهمة به عادت إلى السياسية والمدنية. فبعض من وزراء ووكلاء وزراء حكومة يوسف الشاهد بين عامي 2017 و2018 خدموا من قبل كوزراء أو كوادر حزبية في التجمع الدستوري الديمقراطي في عهد بن علي.

وقد غلف تأثير الشبكات القديمة المناقشات الشرسة التي أحاطت بهيئة الحقيقة والكرامة واختصاصاتها، ومداها المحتمل، والتفويض الذي تتمتع به. فهذه الهيئة التي انتهى تفويضها في ديسمبر عام 2018 تأسست للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدتها البلاد في عهد النظام القديم. وهي لم تستكمل أعمالها أبداً.

ففي مستهل عام 2017 صدر قانون مثير للجدل يمنح العفو لكبار المسؤولين في عهد بن علي المتهمين بالفساد، ودائما يضرب المثل بهذا القانون كنموذج آخر على نفوذ تلك الشبكات.

كما كان للشبكات الاقتصادية أيضا تأثير على الرأي العام. وتركزت ملكية وسائل الإعلام في أياد قليلة للغاية. وقد أعاق هذا التوجه نهوض مشهد إعلامي حر يقوم على التنوع رغم تأكيد الدستور على حرية الصحافة.

ممارسات سلطوية

كما أن استمرار الممارسات السلطوية في تونس يعيق العملية الديمقراطية.

ويدخل في هذا الإطار استخدام المحاكم لغايات سياسية، ولجم الأصوات التي تنتقد الحكومة ومؤسسات الدولة، أو للإطاحة بمعارضين سياسيين.

فقد تمت محاكمة المشرع والمدون ياسين العياري في محكمة عسكرية عام 2018 بسبب منشورات في حسابه على فيسبوك انتقد فيها الجيش.

كما يطرح أيضا اعتقال المرشح السياسي والقطب الإعلامي نبيل القروي قبل نحو 3 أسابيع من انتخابات 15 سبتمبر الرئاسية، بتهم تتعلق بغسيل أموال والتهرب الضريبي، مخاوف من لعب غير نظيف.. وذلك من أعراض إرث النظام السلطوي. ورغم ذلك، فإنه مازال في السباق الانتخابي ولم يخرج من قائمة المرشحين.

وكانت أنشطة القروي الخيرية ونفوذه الإعلامي قد حققت له شعبية، وفي استطلاع الرأي الذي أجري في يونيوالماضي جاء على رأس قائمة المرشحين الأوفر حظا. ويقول إن اعتقاله له دوافع سياسية. ويشير الكثيرون إلى الشاهد، وهو مرشح رئاسي أيضا، ولكنه نفى بشدة الاتهامات بأنه يقف وراء اعتقال القروي. وقد دفعت القضية نقابة القضاة في تونس للدعوة إلى وقوف القضاء بعيدا عن السياسة.

الإجماع يخفف التوتر

وخلال الأعوام الثمانية الماضية ميز المشهد السياسي في تونس ذلك التوتر بين معسكر العلمانيين من جانب وحزب النهضة الإسلامي من جانب آخر، ولكن قادة الجانبين دعموا مبدأ الإجماع والتسويات.

فقد احتفظت النهضة بالأغلبية البرلمانية وكان جزءا من تحالفات حكومية عديدة، ولكنها سلمت السلطة خلال الأزمة السياسية عام 2013 رغم التفويض الانتخابي القوي الذي كانت تتمتع بها، ورغم ذلك ظل العلمانيون، سواء من المناوئين للنهضة أو شركائهم في الحكومة، غير مقتنعين بالتفاعل البراغماتي للحركة في العملية السياسية، واستمروا في ربطها بالمتشددين الإسلاميين.

وخوفا من الإقصاء أو الاضطهاد الذي عانته الحركة في ظل النظام السابق، واصلت النهضة السعي صوب الإجماع، الأمر الذي تطلب منها أحيانا الموافقة على سياسات، اعتبرتها غير ديمقراطية، تحت تأثير شريكها في الائتلاف الحكومي حزب نداء تونس العلماني.

ومن الأمثلة على ذلك إقرار قانون العفو عن مسؤولي نظام بن علي، وإصدار قانون صارم لمكافحة الإرهاب.

الاقتصاد

سبقت المشاكل الاقتصادية الثورة، ولكن التغير الاقتصادي الذي كان من المتوقع أن يواكب التحول الديمقراطي لم يتحقق.

فقد شهدت تونس 9 حكومات منذ عام 2011 وتنجح في معالجة أكثر المشكلات الضاغطة التي دفعت الشباب لقيادة الثورة، كما لم تعمر أي منها فترة تسمح بالدفع نحو الإصلاحيات الاقتصادية الضرورية.

وألقى البعض باللوم في ضعف التقدم على استمرار سياسة الإجماع. كما أن استمرار معدل البطالة المرتفع والفوارق بين المناطق المهمشة اقتصاديا والمدن الساحلية الأكثر تطورا أدى لاستمرار الإحساس بالامتعاض. فضلا عن أن الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن سياسات التقشف أدت لاستمرار الإضرابات والاحتجاجات.

التحديات الأمنية

بات الإرهاب مصدر قلق رئيسي مما أدى نظريا لتدمير صناعة السياحة في البلاد. فالسنوات التي أعقبت الثورة شهدت تفكيك الجهاز الأمني التابع للنظام السابق، وخلخلة السيطرة على الحدود، والمزيد من الحريات المدينة، فضلا عن النزاعات المسلحة في سوريا والجارة ليبيا.

وبينما واصل كل من تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة شن هجماتهما في تونس فإن قدرتهما على زعزعة التجربة الديمقراطية في البلاد كان محدودا.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: