من أسرار الخطابات الناجحة أمام الجمهور
( بي بي سي):
يسعى الناس جاهدين على مدار حياتهم ليصنعوا لأنفسهم اسما ذا شـأن، وقد تمكن ''تايلور مالي'' من تحقيق شهرة من خلال خطاب واحد ألقاه في مسابقة للشعر في شيكاغو بالولايات المتحدة عام 2000.
في خطابه ذاك أخبر مالي جمهور الحاضرين، وكان معلما بالمرحلة الإعدادية في نيويورك سيتي آنذاك، عن كيفية رده على تعليق مناهض للمعلمين صدر من أحد المحامين، عندما قال لمالي:''من يستطيع أن يقدم شيئا، يفعل، ومن لا يستطيع، يُعلّم''.
وكان ذلك المحامي قد سأل مالي قبلها مستخفا بمهنة التدريس عما قدمه (في حياته) كمعلم.
فكان جواب مالي حينها ''هل تعلم ماذا أفعل؟''، بحسب ما جاء في الكلمة التي انتهى بها المطاف بأن بثت على موقع اليوتيوب.
وتابع قائلاً: ''أنا أجعل الأطفال يعملون بجد أكثر مما توقعوا، ويمكنني أن أجعل تلميذاً حقق مستوى ضعيفا أن يشعر وكأنه أحرز وسام الكونغرس الشرفي، وبإمكاني أيضا أن أجعل تلميذاً أحرز مستوى متفوقا أن يشعر وكأنه لم يحرز شيئا''.
وأضاف مالي في ذلك الحديث أن التعليم كان مهمة سامية بالنسبة له، وليس عملا يُحكم عليه من خلال الأجور، وقد شاهد خطابه الحماسي هذا أكثر من ستة ملايين مشاهد على الإنترنت.
وقال مالي من داخل منزله في نيويورك: ''بدأت أدرك أن لدي شيئا متوهجا، وشيئا جيدا، ومفعما بالسخط الإيجابي، وهذا دومًا هو الأفضل بالنسبة للخطاب''.
ويجسد أداء مالي الخطابي الطريقة التي ينبغي أن تُلقى بها الخطابات الجيدة حتى في عالم الأعمال. فتخيل عرضاً متواضعاً في صالة عرض، أو عرض مبيعات روتيني معتاد وقد اشتمل على درجة من الاندماج المشحون بالعواطف، أو دعوة قوية لإنجاز ما، أو سرد قصة قوية.
وبالنسبة للمديرين، في اجتماعات الموظفين العادية، غالبًا ما يلجأون إلى ما يعرف بـ ''عرض الشرائح'' من خلال برنامج الكمبيوتر (باوربوينت) باعتباره جزءاً أساسياً من المهمة، ومع ذلك لا توفر الكثير من الشركات أي تدريب لموظفيها حول كيفية التحدث للجمهور، فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة هي طريقة تحليلية وخاويٍة لمخاطبة الجمهور، بحسب ما ذكره جيل أفري، وهو محاضر كبير في كلية هارفرد للأعمال.
نهج طبيعي
والخبر السار هنا هو إمكانية تعلم كيفية مخاطبة الجمهور، إذ يقول أفري: ''هناك من يؤمن بأنه إما متحدث جيد أو لا، ولكن هذه مجرد مهارات يمكنك اكتسابها بمرور الوقت''.
ويقول أفري إنه عليك أن تبدأ بتجنب الفخ المعروف، وهو سؤال نفسك ''ماذا أود أن أقول؟'' بل ضع خطة لخطابك بشكل مختلف: ''ماذا يريد الجمهور سماعه''.
ففي اجتماع الموظفين الذي يتعين عليك فيه الإفصاح عن أخبار سيئة، فكر فيما يريد أن يسمعه موظفوك حتى تظل معنوياتهم عالية، وليس ما يريد رؤساؤك أن تنقله إليهم.
وبعد ذلك، اعتبر كل خطاب وكأنه قصة لها مقدمة، وحكاية، وحجة، وتفنيد، وخلاصة، وعليك أيضا أن تشعر وكأنه رحلة تأخذ فيها جمهورك معك، وليس مجرد سرد للحقائق والأرقام، حسبما يقول أفري.
عليك عرض مضمون قصتك بعاطفة جذابة
ومثال ذلك، يحبذ أفري استخدام مشهد من مسلسل يعرض على التليفزيون الأمريكي يسمى ''الرجال المجانين''، وفيه يقوم مدير الإعلانات دون درابر بتقديم عرض لشركة صناعة الكاميرات كوداك، ويريد درابر من الشركة توظيف وكالته للإعلان فقام بمشاركة صور شخصية لحفل زفافه، وصور لأطفاله وهم يلعبون في المنتزه، فكانت نتيجة مخاطبة العواطف والمشاعر هو قيام الشركة بالتعاقد معه.
وليست القصص الجيدة وحدها هي التي تجعل الحديث مقنعًا وجذاب، وتشاركيا، وغالبًا ما يفرط مقدمو العروض في استخدام تقنية شرائح ''الباوربوينت''، والرسوم البيانية التي تعتبر منصة للخطابات السيئة، حسبما يقول أفري. وبدلاً من ذلك عليك أن تجهز عرضًا قوياً أولا، ثم تفكر في طريقة تساعدك بها الوسائط في عرض الحكاية.
وقال أفري: ''إذا نظرت إلى الخطباء العظماء على مر التاريخ، ستجد أنهم لم يستخدموا (برنامج العرض) الباوربوينت''.
وأكبر فخ للوسائط المتعددة يتعرض له المديرون هو استخدام شرائح عرض قديمة في عرض تقديمي لمستوى إدارى أعلى، ومن المحتمل أن يضع موظف في درجة أقل شرائح تحتوي على آخر أرقام المبيعات، وأنت تعد خطابًا حولها الآن، ومن ثم تصبح الكلمة خاوية من أي عاطفة.
وبدلاً من ذلك، استخدم عرض الشرائح لتعزيز طريقة عرضك، حسبما ذكر أفري، وابتعد تمامًا عن وضع أي نص حرفي من خطابك في شرائح العرض التقديمي، لكن أضف فقط مواد مرئية تدعم النقاط التي تذكرها في خطابك.
وقال تور هوجنز، محاضر في كلية بي آي النرويجية للأعمال في أوسلو، إنه بعد ذلك يحين وقت التمرين أمام شخص تثق فيه، وأن تقوم باختبار خطاباتك أمام شخص يعرفك جيدًا، وبإمكانه أن يقدم لك ملاحظات بناءة وصادقة.
فكر فيما يريد أن يسمعه موظفوك حتى تظل معنوياتهم عالية، وليس ما يريد رؤساؤك أن تنقله إليهم.
وبالطبع لا مفر من أن تقع في بعض الأخطاء في البداية، ''فإن كنت تقدم عروضًا تقديمية، ستكون هناك بعض النقاط التي قد تثير غضب الجمهور،'' كما قال هوجنز.
وأضاف: ''أنت بحاجة إلى معرفة النقاط غير الواضحة في عرضك التقديمي،'' كما أقر بأنه غالبًا ما يستخدم قلم رصاص أثناء حديثه، وفي نهاية المطاف أخبره زميل بأن هذه الحركة تشتت المستمعين.
وقال هوجنز: ''يخشى الناس الحديث أمام الجمهور أكثر من خوفهم من الموت نفسه، وهذه نقطة بداية جيدة، والسبب في الحقيقة هو أنك تعرف أن غيرك يشعر بنفس الشئ.''
وبعد أن ألقى مالي كلمته عن المعلمين، ترك التدريس ويعمل حاليًا في وظيفة بدوام كامل تقوم على تحفيز الآخرين، وغالبًا ما ياتي على قمة الفعاليات التي يشارك فيها معلمون، ويطلبون منه سرد الخطاب الذي جعله مشهورًا في بداية مشواره، وفي كل مرة يحاول إيجاد ذلك السخط الإيجابي الذي يزيد من حماسته للخطاب.
وقال مالي: ''جزء من الخطاب الجيد أن تجد العاطفة التي تناسب ذلك الخطاب، إذ يستحق جمهورك أن يرى آخر نسخة من أدائك''.
وتذكر أنك في المرة القادمة ستواجه ما يمكن أن يكون عرضاً روتينيا : فعليك بعرض مضمون قصتك بعاطفة جذابة، وقد يجعلك هذا تكسب عقول وقلوب مستمعيك.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: