صدمة اليمين الفرنسي بسبب تسجيلات ساركوزي
بي بي سي
تترنح المعارضة اليمينية في فرنسا من تأثير صدمة التسجيلات الخاصة بالرئيس السابق، نيكولاس ساركوزي، في قصر الإليزيه أثناء فترة رئاسته.
في هذه التسجيلات، يُسمع ساركوزي وهو يمازح زوجته كارلا بروني أثناء مناقشة شؤون سرية خاصة بالدولة معها.
وأعد هذه التسجيلات باتريك بويسون الذي كان أحد المستشارين المقربين من ساركوزي.
ويعتبر بويسون إحدى الشخصيات المثيرة للجدل، وترجع جذوره السياسية إلى اليمين المتطرف.
ويُعزى إليه الفضل في فوز ساركوزي في انتخابات الرئاسة عام 2007 من خلال توجيه الأخير إلى تشديد موقفه بشأن قضايا الهجرة والجريمة والهوية الوطنية.
وبعد انتخاب ساركوزي، قال عن بويسون إن ''قليلا من الناس يمكنني القول إنهم سبب وجودي هنا. وباتريك أحدهم.''
لكن باتريك بويسون (64 عاما) أصبح له أعداء.
فقد استاء كثيرون من أعضاء حزب الاتحاد من تأثير بويسون، حيث كانوا يكرهون شخصيته الضبابية. كما خشوا من توجيهه المحتمل للرئيس إلى فكر حزب الجبهة الوطنية.
ويبدو الآن واضحا أن بويسون - أثناء فترة عمله كمستشار رئاسي بارز - كان يعدّ التسجيلات بحماس. وقد استخدم جهاز تسجيل كان يضعه في جيبه دون علم ساركوزي. ومجموع مدة التسجيلات التي قام بإعدادها يصل إلى مئات الساعات.
ولم يكن لدى ساركوزي أدنى علم بهذا الأمر.
نقطة ضعف سياسية
وأنكر بويسون في البداية وجود هذه التسجيلات. ثم زعم أنها كانت ''لأسباب متعلقة بالعمل''، حيث أشار إلى إمكانية عمل كتاب عن حكم ساركوزي. لكن لم يصدقه في هذا إلا قليلون.
ويرى البعض أن التسجيلات تعكس ثقافة اليمين المتشدد كثيرة الريبة. بينما يرى البعض أنها نوع من الحماية.
ويقول جان سيباستيان فيرجو، من موقع ''أتلانتيكو'' اليميني الذي نشر بعض التسجيلات، إن بويسون كان يحمي نفسه ''فهو أصلا يميني متشدد، يكرهه الكثيرون في الإليزيه. فكان من الطبيعي أن يحاول اتخاذ بعض الاحتياطات حال حدوث محاولات لإسقاطه.''
وتضع التسجيلات حزب الاتحاد اليميني المعارض في مأزق شديد، حيث كان يعتمد على تدهور شعبية الرئيس الحالي الاشتراكي فرانسوا هولاند.
كما تقلص التسجيلات من فرص نيكولاس ساركوزي، الذي يعتبر أن ترشحه في سباق الرئاسة القادم في 2017 أمر حتمي.
فالاعتماد على مستشار يميني متطرف نقطة ضعف في حد ذاتها، وإن كانت بمثابة مساومة سياسية مشروعة. لكن عندما يكون هذا المستشار مخادعا، فإن من الضروري استخدام التقييم الشخصي.
ويقول وزير مالية الحكومة الاشتراكية الحالية، بيير موسكوفيتشي، إن وجود مثل هذا الرجل في منصب كبير مستشاري الرئيس ''له الكثير من الدلالات بخصوص طريقة التعامل مع شؤون الدولة في عهد ساركوزي''.
ويعتبر ما ظهر من تسجيلات بمثابة قذائف مدفعية. وهي تظهر حديث الرئيس باستهتار أمام دائرته السياسية والشخصية.
وتم إعداد التسجيلات مطلع عام 2011، قبل فترة قصيرة من إعلان ساركوزي عن تغيير حكومي. وفي هذه التسجيلات يتحدث ساركوزي مرات مع مجموعة من المستشارين، بينهم بويسون، ومرة مع زوجته كارلا بروني.
وفي أحد التسجيلات لبويسون مع مستشار آخر لساركوزي، يدور حديث باستخفاف عن وزراء، منهم وزير العدل ووزيرة الشؤون الاجتماعية.
كما تفاخر كل منهما بمدى تأثيره على الرئيس، واتفقا على أن الرئيس لا يتخد قرارا بدون موافقتهم.
وتحدث بويسون كذلك عن احتمال انتقال أمين عام مجلس الوزراء إلى وزارة الداخلية، مضيفا أن ذلك قد يسبب مشاكل ''لتدخله في بعض شؤون النيابة'' أثناء عمله في الرئاسة.
ويشير هذا التسجيل إلى تدخل الرئاسة في النظام القضائي. وكان بويسون نفسه محل تحقيق قضائي في ادعاءات بأنه يتقاضى أجرا مبالغ فيه مقابل عمله كمستشار رئاسي.
ساركوزي يقاضي بويسون
كما يظهر التسجيل تضرر بويسون من وجود كارلا بروني في اجتماعات استراتيجية يعقدها ساركوزي. وتظهر بروني نفسها في أحد التسجيلات وهي تتهكم من اضطرارها لترك الغناء في سبيل الرئاسة وتأثير ذلك على وضعهم المادي.
ويظهر ساركوزي في التسجيلات بصورة جيدة. فهو خلوق، محب لزوجته، ولا يهين زملائه الغائبين.
لكن المشكلة تكمن في وقوعه تحت تأثير مستشار مخادع يُنتقد بشدة في الأوساط السياسية.
وتسبب بويسون في خسارة ساركوزي سباق الرئاسة عام 2012، حيث وجهه إلى مخاطبة اليمين المتطرف.
لكن البعض يرى، بغض النظر عن شخصية بويسون، إن خسارة ساركوزي لم تكن بسبب حسابات خاطئة لمستشاره. والأمر المفاجئ بشأن هذه الانتخابات ليس خسارة ساركوزي، وإنما الفرق الضئيل الذي خسر به.
وقام ساركوزي بمقاضاة بويسون لانتهاك الخصوصية، كما يعمل على ربط نفسه سياسيا بمنهج وسطي.
وربما قضى بويسون على نفسه سياسيا بهذه التسجيلات، إلا أن فكره سيستمر في السياسة الفرنسية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: