لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور.. من الطفلة الزجاجية إلى "المعجزة".. شروق تحقق حلمها بالالتحاق بالإعلام

02:03 م الأربعاء 17 يوليو 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

السويس حسام الدين أحمد

طفلة صغيرة يظنها الناظر للوهلة الأولى رضيعة، يحملها والدها داخل شنطة لـ"البيبهات" ليتمكن من نقلها من مكان لآخر خوفا على عظامها من التكسير، بعدما أخبره الطبيب أنها تعاني من مرض يسمى بـ"الطفل الزجاجي".. لم يستسلم الأب الذي رفض المساعدات المادية، وقرر السعي وراء حلم ابنته، كان يراقبها يوما بعد الآخر شاكرًا الله على هبته، وشاءت الأقدار أن تصبح الابنة من المتفوقين وتحصل على لقب الطفلة المعجزة بالسويس، اعتمدت على نفسها والدروس الخصوصية التي تتلقاها بالمنزل، ليكلل الله جهدها بالنجاح في الثانوية والالتحاق بكلية الإعلام.

موقف صغير عاشته "شروق" رفقه والدها كان كفيلا بترك بصمته في ذاكرة الطفلة ذات الست سنوات، ولد داخلها عزيمة، لتثبت لنفسها قبل الأخرين أنها تستطيع فعل ما يعجز عنه الأصحاء.

لم تذهب شروق للمدرسة طيلة حياتها، اعتمدت على المدرسين الذين وفرهم لها والدها، لشرح المنهج في منزل الأسرة البسيط، وحصلت على مجموع 96 % والذي أهلها للحاق بكلية الإعلام، حيث تسعى لتكون مذيعة أو صحافية بعد التخرج.

الطفل الزجاجي

يروي جمال سلامة، والد شروق أن ابنته ولدت قبل 18 عاما، تعاني من هشاشة وارتخاء بالعضلات، لدرجة أن عظامها تتكسر بمجرد الإمساك بها، وهي حالة نادرة معروفة طبيا باسم العظم الزجاجي، أو كما أخبره الأطباء "الطفل الزجاجي".

يحكي والد شروق: "سافرت بها إلى مستشفى أبو الريش بالقاهرة، للبحث عن علاج، وجاء الرد أنهم لا يملكون علاجًا"، مضيفًا أنه وصل عن طريق المذيع طارق علام، للطبيب جمال حسني استشاري تشوهات العظام، والذي تابع حالة ابنته وكتب لها علاج شهري قيمته في ذلك الوقت 1350 جنيه، وأخبره أن التدخل الجراحي لن يتم قبل أن تكبر الطفلة وتتحمل عظامها عملية جراحية.

ويكمل الأب أن شروق خضعت لعملية، بزرع مسارين بطول ساقيها وحتى الكعب قبل 4 سنوات، لضمان استقامة القدم والعكب حتى لا تتعرض لتقوس، وعقب تعافي الابنة خضعت لفحص طبي شامل بمركز البحوث الوراثية بالدقي، واعتمد لها أطباء المركز علاجًا يساعد على تقوية عظامها لكنه لن يؤثر في قامتها.

زراعة الأمل

يعلم الأبوين حجم معاناة ابنتهما وما ستواجه خلال مشوار حياتها، لذا عمدا إلى زرع الأمل داخلها، وقرر الأب أن يكون عند حسن ظن ابنته، ومساعدتها لتعيش حياة طبيعية، وتتجاوز نظرات العطف والشفقة من القريب والغريب، وبناء عليه قدم الأب ملف "شروق" في مدرسة الإيمان الابتدائية بمنطقة المثلث، وبعد فترة بدأت التلميذة في التغيب بسبب المرض.

جسد رضيع

"خذت شروق معايا، كنت شايلها في شنطة بيبي، بسبب هشاشة عظامها وجسمها الصغير" هكذا يروي الأب تفاصيل التحاق ابنته بالمدرسة، مؤكدا أن كل من يراها يظن أنها رضيعة إلى أن وصل مكتب مديرة المدرسة، حيث الصدمة الأولى.

" لو أعرف انها كدا مكنتش قبلتها في المدرسة".. كلمات نزلت كالصاعقة على مسامع الأب وابنته، ليتوجه بعدها مسرعًا لمديرية التربية والتعليم للإبلاغ عما حدث، وهناك وجد من اتصل بالمديرة وعنفها على تصرفها وطلب منها الاعتذار للتلميذة ووالدها.

عاد "جمال" للمدرسة مرة أخرى، وتقبل اعتذار المديرة، واستمرت الطفلة في المدرسة، حتى أكملت تعليمها الابتدائي، ثم انتقلت لمرحلة التعليم الإعدادي بمدرسة أحمد عبده الإعدادية، ولم تحضر للمدرسة إلا في أيام الامتحانات، بعد تقديم إجازات معتمدة من التأمين الصحي تعفيها من الحضور طوال العام.

من الألم تخرج العزيمة

الجملة التي ألقتها المديرة على مسامع الطفلة في أول يوم لها بالمدرسة الابتدائية، تركت أثرًا داخلها، وظلت تتذكرها.. "صممت إني أكون حاجه كبيرة، أنا مش أقل من أي شخص، بل سأتفوق عليهم" هكذا بدأت شروق تحكي قصتها، وكيف غيرها هذا الموقف لتصبح الجملة المؤلمة دافعًا لها نحو التفوق الدراسي، حيث أنها استطاعت تجاوز المرحلة الثانوية والتحقت بكلية الإعلام.

عادت "شروق" بذاكرتها إلى المرحلة الابتدائية، قائلة إنها حصلت على مجموع 96% جعلها من أوائل المحافظة، وبعد أن علم اللواء أحمد الهياتمي محافظ السويس في ذلك الوقت بقصتها، زارها في منزلها وكرمها تقديرا لها على تفوقها.

أصرت "شروق" على الالتحاق بالثانوية العامة لتكون صاحبة رسالة، ورأت ان العمل الإعلامي هو ما سيساعدها على نشرها.

وأضافت "شروق": المرض الذي أصابني وأنا صغيرة وأثر على شكلي وحجم جسدي هو منحة من الله، وله حكمة في ذلك، مضيفة أن الله رزقها كنزا في داخلها وهو الإرادة، وعقلا قادرا على الفهم والتحصيل سريعا، بمجرد الاستماع لشرح المدرسين والنظر في الكتاب، ما عوضها عن حضور الحصص في المدرسة.

"شروق" لها أربعة أشقاء أكبرهم "سمر"، ثم "شروق ورحمة ومحمد"، للشقيقة الكبرى دور كبير في حياة "شروق" فهي من عملتها كيف تمسك بالقلم وتكتب وهي نائمة، وساعدتها في التحرك بالمنزل، كما أنها ترافقهما عند خروجها من المنزل.

وتحكي "شروق": "التحقت بمدرسة شادية سلامة الثانوية بنات، وكنت أتلقى الدروس الخاصة في المنزل، وفي السنة الأخيرة حصلت على دروس في 4 مواد، أما مادة علم النفس، فاعتمدت على نفسي في مذاكرتها وفهمها.

وتضيف "الطالبة المعجزة"، كما أطلق عليها محافظ السويس السابق، أنها صبرت كثيرًا للوصول إلى ما تريد، فأحبت المواد الدراسية التي شرحها لها مدرسيها في المنزل، وكان يكفيها أن تستلقي على ظهرها وتذاكر لتفهم وتحصل المنهج.

لكن مع الاقتراب من حلمها بدخول كلية الإعلام بدأ القلق يراوادها، وعاشت فترة عصيبة تلك التي سبقت الامتحانات، بسبب الخوف والتوتر والخوف من ضياع الدرجات ومعها حلمها.

واستطردت أنها كانت تذكر نفسها دائما بأن لله حكمة في حياتها، وأن الله ميزها عن غيرها فجعل عزيمتها أقوى للوصول لهدفها: "كنت بصحى الصبح الساعة 7، كان بابا قبل ما ينزل الشغل ينقلني على الترابيزة عشان أذاكر، وأيام الامتحانات كان بيوديني اللجنة ويقعد لحد ما يطمن عليه، ويشوفني وأنا مستلقية على ظهري بحل الامتحان".

استطاعت شروق أن تحصد الدرجة النهائية في مادتي اللغة الفرنسية والتاريخ، بينما نقصت 3 درجات في اللغة الإنجليزية، و4 درجات في علم النفس، وحصلت على 72 درجة من 80 في اللغة العربية.

وتقول "الطالبة": فترة الصيف بعد انتهاء الدراسة كنت أقضيها في القراءة، تارة من الصحف الورقية، وأخرى من المواقع الإخبارية، وتبحث عن الجديد في مجال الإعلام والصحافة.

تنتظر شروق نتيجة اختبار القدرات بكلية الاعلام، وتتمني بعد التخرج أن تصبح مذيعة، وتختم حديثها بأن ما قدره الله لها كان سبب في نجاحها، ربما لو كانت شخصًا عاديًا لما حققت النجاح ،ولا رزقها الله عقلا يسبق سنها ولا إرادة قوية.

رسالة للطلاب

وهي نائمة على ظهرها، أمسكت بالقلم بطريقة لا يستطيع أن يقوم بها الاصحاء، وسجلت شروق رسالة للطلاب وكتبت "بالعزيمة والإرادة تقدر توصل لهدفك، وبالصبر هتوصل لحلمك".

وطلب والد شروق، من المسئولين التنفيذيين في السويس، مساعدته لإنهاء إجراءات الكومسيون الطبي، ليتنسى لابنته الحصول على سيارة معاقين، كما طالب بتوفير معاش تكافل وكرامة لها، مضيفا أنه لا يحتاج مساعدة مادية، وإنما حق ابنته فقط الذي تكفله الدولة لذوي القدرات الخاصة.

فيديو قد يعجبك: