وسائل تعين على الثبات الديني في زمن الفتن
كتب - أحمد الجندي:
نعيش واقعًا مليئاً بفتن لا يعلم بها إلا الله، فتن قتل، وهرج، فتن إنترنت وشائعات وانفتاح على العالم، كلٌ يكتب ما يريد دون وازع من ضمير يردعه وغيرها الكثير من الفتن التي نحتاج فيها عون الله تعالى أن يثبتنا ويبصرنا فيها بالحق.
وأولى هذه الوسائل هي التي تزيد من الإيمان واليقين، وتحض على الطاعة، وتدفع إلى العمل الصالح، وبها يتذوق العبد طعم الإيمان،منها طلب الهداية إلى صراط الله المستقيم، والمسلم في كل صلاة لا بد أن يدعو فيها: {اهدنا الصراط المستقيم}.
روى الطبراني عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه سلم: (يا شداد بن أوس إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة فاكنز هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك)
وكذلك الاستقامة على دين الله تعالى، وعدم التفريط في شيء منه، قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ }، قال قتادة: " أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، (وَفِي الآخِرَةِ) في القبر".
كما أن التمسك بالسنة يزيد من الإيمان واليقين، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)، و كثرة ذكر الله، قال ابن عباس رضي الله عنه: "الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها، وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس".
أما النوع الثاني فهي وسائل تعصم من الوقوع في الفتن، أولها الصبر على أمر الله، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيه مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله) قيل: يا رسول الله أجر خمسين منهم ؟ قال: (أجر خمسين منكم) . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وثانيًا الاستعاذة بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه: (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن) فقالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
وثالث أمر: مراقبة الله عز وجل وحفظه، وروى الترمذي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ}، وأوضح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله معنى (احفظ الله يحفظك) جملة تدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله حفظه الله، حفظه في بدنه، وحفظه في ماله، وأهله، وفي دينه، وهذا أهم الأشياء وهو أن يسلمك من الزيغ والضلال، لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله هدى {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} وكلما ضل والعياذ بالله فإنه يزداد ضلالا ".
وأخيرًا مصاحبة الصالحين من المؤمنين، وترك مصاحبة من عداهم من المفتونين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته "أي: يمنع خسارته" ويحوطه من ورائه "أي: يحفظه ويصونه، ويدافع عنه بقدر استطاعته")
ومن أعظم ما يُنتفع به من عوامل الثبات على الدين: عدم التعرض للفتن، والسعي في توقّيها بالبعد عنها وعن أسبابها، فيصفو الحال للقلب، فيتذوق طعم الإيمان، وقد جاء في حديث الدجال قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ).
فيديو قد يعجبك: