إعلان

موقفنا من الفتن السياسية المعاصرة

12:11 م الثلاثاء 27 أغسطس 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب: الشيخ أشرف سعد محمود

بسبب الخلافات السياسية ...لا شك أننا نعيش حالة من الفتنة بكل ما تعنيه الكلمة من معان، ولو كانت الفتنة في أمور الدنيا كالمال أو الصحة لهان الأمر، لكنها فتنة الدين التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم الحالقة، وهذه الفتنة أثرت تأثيرًا كبيرًا على علاقات المحبة والمودة والإخاء بين الناس أصدقاء وأقارب وأحباب حتى امتدت فأفسدت هذه الخلافات أخص العلاقات والروابط المقدسة وأقواها ألا وهي العلاقة بين الزوجين، وقد روى الترمذي وأبو داود بسندٍ حسن واللفظ للترمذي من حديث أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى: قال إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة... لا أقول: الحالقة التي تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين .

علينا إذن أن نواجه حالة الفتنة وأن نعمل على الوحدة وجمع الشمل وعلى إصلاح ذات البين، وقد يبدو الأمر صعبًا علينا لا سيما مع وجود حالة من التصلب والعناد التي يمارسها البعض تجاه القضايا الخلافية بحيث يحتكر بعقله الحق والحقيقة.

وفي حالتنا هذه الأمر صعب ومعقد جدًّا حيث تتطور الموقف إلى نزاع سياسي مصبوغ بلون الدم... ولذلك لا يصلح أبدًا أن نواجه الفتنة بمجرد كلام عاطفي يدغدغ المشاعر ويسكن الجراح تسكينا مؤقتا، كما لا يصح أبدًا أن نفقد الأمل في الله تعالى في التصالح ولم الشمل، فالأمل في الله تعالى سيظل قائما ما وجدت النية الصالحة الصادقة لإصلاح ذات البين.. ولا يكون ذلك في نظري إلا بعدة أمور.. أو وصايا عشر..

1- أولا يجب أن نتفق على نبذ العنف وعدم جواز حمل السلاح بأي حال من الأحوال.. ولا ينبغي أبدًا أن نتفهم أية دوافع لحاملي السلاح ولا يصح التعاطف مع من يدافع عن رأي أو عن شرعية عن طريق حمل السلاح... فقد خرج بحمله للسلاح عن حد الشرع والقانون وروع وهدد أمن المجتمع.. ولا ينبغي أبدًا أن نتعاطف مع من يرهب المجتمع بالسلاح أو نبرر له فعله.. فمفسدة العنف وسفك الدماء فوق كل مفسدة.

2- ضرورة إظهار التعاطف الصادق المخلص مع الضحايا والشهداء والجرحى من كلا الطرفين.. فالدماء لها حرمة وقداسة في الإسلام تفوق حرمة الكعبة المشرفة.

3- ضرورة الاتفاق على عدم جواز الاستعانة أو الاستقواء بالخارج مهما كانت الدوافع.. واعتبار ذلك جريمة وخيانة... خاصة الاستعانة بالدول التي لها تاريخ أسود في استعمار واحتلال الشعوب العربية والإسلامية وانتهاكات حقوق الإنسان كأمريكا وإسرائيل وكثير من الدول الأوروبية التي لم تعترف حتى الآن بالأضرار البالغة التي سببتها للعالم العربي والإسلامي إبان الاحتلال.. فكيف يتصور عاقل من هؤلاء أن ينصروا حقا إلا ما يصب في إطار مصالحهم الاستعمارية؟

4- التوقف عن بث الأكاذيب والشائعات.. فقد دأبت بعض المؤسسات الإعلامية على بث الأكاذيب وتلفيق الصور والمشاهد التي تنصر ما تعتقد أنه صواب.. وعلى من يروج للأكاذيب أن يتفهم أنَّ الكذب فضلًا عن حرمته الشرعية أبدًا لن ينصر قضية حق.. وأن من يصنع الكذب وينشر الشائعات ويلفق الصور والمشاهد هو أول المتضررين من هذه الأكاذيب بسبب فقده شيئا فشيئا للمصداقية.. وعلينا أن نؤمن أن الحق لا ينتصر بالكذب..

5- وكما ينبغي التوقف عن بث الأكاذيب والشائعات، علينا أيضًا ألا نترك أنفسنا فريسة للأكاذيب والشائعات خاصة مع سهولة التلاعب والتلفيق في الصور والفيديوهات والأصوات، فينبغي علينا الحرص جدًّا على التعامل فقط مع الأخبار والصور الصادقة وعلينا التثبت جدًّا في قبول هذه الأخبار التي نرتب عليها المواقف والأحكام.. ولنتذكر أن التساهل في ترويج أو قبول خبر كاذب قد يتسبب في إزهاق أرواح بريئة دون أن ندري..

6- ضرورة الفصل بين موقفنا من المضلِّل (بكسر اللام المشددة) المخادع، والمضلَّل (بفتحها) المخدوع.. ففي الوقت الذي أطالب فيه بأقصى عقوبة قانونية لمن أجج نار الفتنة ودعا لها بكل وسيلة.. عليَّ أن أتفهم دوافع البسطاء والعامة الذين وقعوا فريسة لدعاة الفتنة... حيث إنَّ كثيرًا جدًّا ممن يتحركون بحماسة وبعاطفة دينية هم في واقع الأمر مظلومون وقعوا ضحية لقيادات تركتهم في صدارة مشهد رهيب وفرت هاربة عن المشهد لتنجو بنفسها... وهؤلاء لا شك ستتضح لهم الصورة شيئًا فشيئًا وسوف تزول الغشاوة من فوق أعينهم بقدر ما تنكشف لهم الحقائق وبقدر ما يجدون من مد يد العون والمساعدة... فلا شك أنهم في أزمة نفسية رهيبة لا يشعر بها إلا هم... إنها أزمة فرار القادة..

7- بناء المصالحة على المصارحة خير وأفضل من بنائها على المجاملة والعاطفة... فكل مصالحة تنبني على غش وخداع ورغبة مؤقتة من الخروج من المواقف الحرجة، لا شك أنها لن تؤتي ثمارها إلا بطريقة عكسية.. وهذه النقطة بالذات هي واجب النخبة والمفكرين وذوي الرأي.. الذين يتوجب عليهم أن يشرحوا بالعقل والحكمة والأدلة الصحيحة أسباب مواقفهم وأحكامهم.

8- المكاشفة والشفافية في كافة ما يدور حولنا من قضايا قانونية ومحاكمات ابتداء مما نسب إلى الرئيس المعزول محمد مرسي وانتهاء بما نسب إلى غيره من قيادات الإخوان مع توفير محاكمات عادلة ونزيهة وشفافة تبتعد عن أية إجراءات استثنائية غير قانونية.

9- تقبل أحكام القضاء أيا كانت نتيجتها ومهما بلغت درجة عدم قناعتنا بها، إذ لا معنى للاعتراض على أحكام القضاء إلا تقويض دعائم دولة القانون وهدمها وهذا لا يصب في مصلحة أي طرف.

10- الوقوف مع النفس وقفة صادقة... ومراجعة المواقف والتصرفات، وعدم المكابرة وعدم التمادي في الخطأ والتخلي عن سلوك العناد والكبر... من شيم وصفات المصلحين الصادقين المخلصين.. وبقدر ما تتحلى بالقدرة على مواجهة النفس والغير بالأخطاء بقدر ما تحقق فرصا لإصلاح ذات البين.

أخي المصري: 

إذا لم تكن قادرا على الالتزام بهذه النقاط العشر الفائتة فعليك بالاعتزال والسكوت واللجوء للدعاء والصبر والصمت وعدم الخوض في أي حديث يؤدي إلى ضغينة أو احتقان او فتنة فلرب دعوة صادقة من قلب معتزل صامت صادق يجمع الله بها الشمل ويصفي بها القلوب..

هذا والله تعالى أعلم..

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان