طلعت زكريا.. قدرة فائقة على إضحاك الناس "مش حوار يعني" (بروفايل)
كتب- محمد مهدي:
داخل منزل بسيط بالإسكندرية، كان الطفل الأصغر "طلعت زكريا" يقف أمام أسرته المكونة من والديه و11 طفلا آخرين، يغني ويقُلد كبار النجوم صانعا حالة من البهجة في البيت الصغير، كان قادرًا على إضحاك من حوله دون مجهود، لذلك صار معشوقا لوالده "كانوا مبسوطين مني في البيت، ودايمًا بروح أغني للجيران في الأفراح" لا يترك أي مكان دون بصمة من روحه، حتى أن مواقع التواصل الاجتماعي شهدت قبل أيام من خبر وفاته المفجع انتشارا لـ "إفيه" أطلقه في فيلم "أوعى وشك" وهو "عادي مش حوار يعني".
لم يكن يرغب "طلعت زكريا" حينما دلف إلى عالم الفن من بابه الشرعي بانضمامه إلى معهد فنون مسرحية، سوى أن يقدم ما يُسعد الناس "عمري ما فكرت أبقى نجم كبير، كان همي إني أمثل" حينما وقف أمام لجنة القبول في المعهد ارتجف قلبه لكن عيناه لم ترى سوى حلمه بالوقوف أمام الكاميرا "كانت لجنة قوية من الأساتذة جلال الشرقاوي وكرم مطاوع وسعد أردش وعبدالرحيم الزرقاني" لذلك سرعان ما اجتاز الاختبار وأصبح طالبًا في الصرح الفني الأهم بمصر، وظل يكافح لسنوات من أجل الحصول على فُرصة حتى جاءته مع المخرج حسن عبدالسلام.
بدا أن الكوميديا هي الأقرب إلى قلب الفنان الشاب حينها "عملت حاجات صغيرة في البداية بس مكنتش اللي عايزه" من بينها فيلم حادي بادي من بطولة الفنان الكبير سمير غانم وفيلم ملائكة الشوارع للنجم ممدوح عبدالعليم وآثار الحكيم، قبل أن يطلبه المخرج المسرحي "حسن عبدالسلام" للانضمام إلى مسرحية "فارس وبني خيبان" الدور صغير "بس كانت فرحة العُمر" أدى دور أحد ضحايا الحرب "كان مأساوي لكن مع سمير غانم مفيش حاجة اسمها مأساوي، ومن هنا ابتدت علاقتي بالكوميديا وأستاذ سمير غانم".
اندفع مثل الصاروخ الذي يبحث عن السماء، فتوالت أعماله المسرحية مع سمير غانم "عملنا 6 أعمال مع بعض، منها مسرحية دو ري مي فاصوليا" كان يحصل على مساحات أكبر من الكوميديا رفقة النجم الساخر الكبير، شعر بوجود كيمياء على المسرح تظهر جلية خلال ظهورهما سويا أمام الجمهور، فيما اجتهد كثيرًا للحصول على أدوار تُظهر إمكانياته ككوميدان على شاشة السينما، حتى منحه صديقه النجم محمد هنيدي الظهور في فيلم "جاءنا البيان التالي" بمشهد صغير ليُصبح أحد أبرز مشاهد العمل في قلوب عشاق الضحك "محدش كان مؤمن إني ممكن أقدم كوميديا، لكن جيل هنيدي والسقا هما اللي صدقوا واكتشفوا المساحة دي".
بات ظهور "طلعت زكريا" في أي عمل فني جديد مرهون بـ "إفيه" جديد يدوي في صالات العرض، لا أحد ينسى جملته الشهيرة بفيلم أوعى وشك "هوب دبل كيك"، أو أدائه لشخصية مدرب كرة القدم في حي شعبي بـ "أبوعلي" وتعليقاته الساخرة "أنت فاكر نفسك بتلعب في مركز شباب ليفربول.. دانت في الحطابة يلا" أو حينما دخل عليه أحد الأطفال بأطباق فول وطعمية للانضمام إلى فريقه "تصدق بالله انت ما هتفارق دكة الاحتياطي طول منا بدرب".
كان الفنان الصاعد ببطء وثبات لا يفكر كثيرًا في مساحة الدور بقدر استخدام ظهوره في رسم البسمة على وجوه المشاهدين "المهم عندي إني أضحك الناس، اللي بتقضي يوم مشحون في حياتها" يظهر ذلك في مشاركته بمشهدين في فيلم "التجربة الدنماركية" للفنان العملاق عادل إمام، لكن لا أحد ينسى حواره الشهير مع الزعيم "قول حاحا" أو مساندته للنجم تامر حسني في بداياته السينمائية بفيلم "سيد العاطفي" قبل أن يتصدر أفيش أفلام عديدة بأدوار بطولة من بينهما "حاحا وتفاحة" و"قصة الحي الشعبي" في عام 2006، ثم "طباخ الريس" في 2009.
مسيرة من البهجة قدمها "طلعت زكريا" لجمهوره رغم تذبذب مستوى أعماله وانتقاد البعض لمحتوى ما تم تقديمه في بعض الأفلام، لكنه ظل من أبرز الوجوه التي يحبها الجمهور في كافة نواحي الفن، سواء في السينما أو المسلسلات أو المسرح أو الأداء الصوتي في تجارب عديدة مثل "سوبر هنيدي" ليصل مجموعها إلى ما يقارب 160 عملا، نجح خلالهم في تقديم نفسه كفنان منح جمهوره الكثير من الضحك والسعادة.
فيديو قد يعجبك: