قصص الأنبياء (28): خاتم سليمان -عليه السلام- وهل وجده في بطن سمكة؟
كتب- إيهاب زكريا:
في حلقات يومية، وخلال شهر رمضان المبارك، يقدم مصراوي للقارئ الكريم قصص الأنبياء، استنادا لمصادر معتبرة في السيرة والتاريخ الإسلامي، وفي الحلقة السادسة والعشرين يقدم "مصراوي" قصة سليمان -عليه السلام- فورد في: "كتاب" الكامل لابن الأثير: أعطى الله سبحانه وتعالى لسيدنا سليمان عليه السلام مزايا فريدة، وصفات لم توجد في غيره من الأنبياء والرُّسل؛ حيث كان يتولّى الحكم، وقد فهَّمه الله لغة الطير
القرآن الكريم وخاتم سليمان
قال تعالى: "وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ(34)"،{ص}.
قال السعدي في تفسيره لهذه الآية: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} أي: ابتليناه واختبرناه بذهاب ملكه وانفصاله عنه بسبب خلل اقتضته الطبيعة البشرية، {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} أي: شيطانا قضى اللّه وقدر أن يجلس على كرسي ملكه، ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان، {ثُمَّ أَنَابَ} سليمان إلى اللّه تعالى وتاب.
فلماذا ارتبطت قصة خاتم سليمان بهذه الآية الكريمة؟ "مصراوي" يصحبكم للإجابة عن هذا التساؤل.
الحديث الشريف وخاتم سليمان
روى أحمد والترمذي وابن ماجة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: تَخْرُجُ الدَّابَّةُ وَمَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَعَصَا مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِنِ بِالْعَصَا، وَتَخْطِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْخَاتِمِ، حَتَّى أَنَّ أَهْلَ الْحِوَاءِ لَيَجْتَمِعُونَ، فَيَقُولُ: هَذَا يَا مُؤْمِنُ, وَيَقُولُ هَذَا: يَا كَافِرُ .
والحديث: ضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة، وقال عنه: منكر. وفي سنن الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَعَصَا مُوسَى، فَتَجْلُو وَجْهَ المُؤْمِنِ، وَتَخْتِمُ أَنْفَ الكَافِرِ بِالخَاتَمِ، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الخُوَانِ لَيَجْتَمِعُونَ فَيَقُولُ: هَذَا يَا كَافِرُ، وَهَذَا يَا مُؤْمِنُ. قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وقال الألباني: ضعيف.
وجاء في تفسير ابن جرير الطبري، وتفسير ابن كثير: وليس في هذا الحديث – مع ضعفه- ولا في غيره إلا ذكر الخاتم، دون أدنى إشارة إلى أنه كان سبب ملكه عليه السلام، أو أن الجن والإنس دانوا لسليمان عليه السلام بهذا الخاتم.
وإنما ذكر ذلك بعض الإخباريين، ونقلوا في ذلك آثارا عن بعض السلف – وهذه الآثار- إن صحت عمن نسبت إليه من السلف – فإنها مأخوذة عن أهل الكتاب، وفيها من الطعن في سليمان عليه السلام ما هو ظاهر.
فهل قصة خاتم سليمان أساسها هو هذا الحديث الشريف؟
الخاتم في بطن سمكة
بحسب المعتقدات اليهودية فإن الخاتم كان يملكه النبي سليمان، الذي أعطاه الله القدرة على قيادة الشياطين (أو الجن)، والحديث مع الحيوانات، واستعمل هذا الرمز شعارا لعدة دول إسلامية في الأناضول مثل إمارة قرمان وإمارة قندار، وهو عبارة عن نجمة خماسية أو سداسية على غرار نجمة داود، كما يعتقد البعض أن الخاتم به قوى سحرية ومصدر مهم يعبر عن التقاليد اليهودية.
وورد في "التلمود" ما يفيد أن النبي سليمان كان لديه خاتم منقوش عليه الاسم الأعظم، الذي انقاد بتأثيره كل الإنس والجن والغيلان والحيوانات، بكل أنواعها لسليمان، فسخرها لنفسه وقوى بها مملكته حتى اغتر بجلالة ملكه فاستكبر، وهذا ما يرق الرب يهوه، فكان أن سرق أحموديس – كبير الجن- خاتمه وتشكل في صورته وتمكن من الجلوس على العرش، وبعدما هرب الملك سليمان وبينما كان يصطاد سمكه وجد في بطنها الخاتم، وفى طرفة عين وصل أورشليم وقتل الجنى واعتلى العرش مرة أخرى.
الشيطان يسرق الخاتم
ويذكر كتاب "أعجب الأساطير" لـ عصام عبد الفتاح، خاتم سليمان حسب أساطير القرون الوسطى والمعتقدات الخاصة باليهود والمسيحيين والمسلمين، هو خاتم سحري كان مملوكا من طرف الملك سليمان، الذي أعطاه القدرة على قيادة الجن أو الحديث مع الحيوانات.
ومن الأساطير التي ذكرت عن هذه الخاتم أنه في يوم من الأيام خلع النبي سليمان خاتمه من يده، وطلب من زوجته أن تحفظه حتى يدخل الخلاء ليقضى حاجته، فأتى لها الشيطان بصورة سليمان، وطلب منها الخاتم، فأعطته إياه وعندما خرج سليمان من الخلاء طلب استرداد الخاتم من زوجته، فوقع فى نفسها أن الشيطان يريد أن يخدعها، حيث إنها اعتقدت أنها أعطته بالفعل لسليمان، وهكذا تم طرده من البلاد فعمل صيادا، ثم أراد الله أن يفقد الشيطان هذه الخاتم فوقع فى الماء، وابتلعته سمكة، وبينما كان سليمان ذات يوم يصطاد، إذ اصطاد سمكة، ففتح بطنها لينظفها ويأكلها، فوجد الخاتم، فلبسه وذهب وطرد الشيطان من قصره وعاد له ملكه.
ويوضح كتاب "العجائبي في السرد العربي القديم" أن أغلب الأشياء العجائبية المرتبطة بالخواتم والخرز، تستمد مرجعيتها من خاتم النبي سليمان، وهو الخاتم الذي نسجت حوله المخيلة الشعبية العديد من الخرافات والأساطير، باعتبار أنه خاتم نبي، وأن قوته مستمدة من قوة الاسم الإلهي الخفي الساكن فيه.
الخاتم كان يسخر لسيدنا سليمان الكثير من الأمور التي كان يريدها، وإن هذا الخاتم حمل الكثير من الأسرار، واشتمل على الاسم الأعظم لله عز وجل، كما أن هذا الاسم كان مكتوبًا على قلب سيدنا آدم عند خلقه.
الخاتم يمثل صفة الدعاء إلى الله عز وجل، فالإنسان يستخدم الاسم الأعظم لله من أجل أن يسخر له الله ما يريد، كما أنه كرامة أكرم الله بها نبي الله سليمان من أجل أن يكون قادراً على تسخير الأرض والرياح وجميع المخلوقات له من أجل أن يستطيع العيش على الدنيا حاكماً بأمر من الله عز و جل، كما أن سره بقي أمرًا لم يعلمه أحد سوى الله.
خرافة
وقال العلماء إن هذه القصة إحدى خرافات التي تناقلتها أجيال بني إسرائيل، وهي غير صحيحة، والهدف منها هو تضليل الناس عن الحقيقة، وإفشاء حالة من الجهل بين الناس، والتشكيك في عصمة أنبياء الله – سلام الله عليهم أجمعين
فيديو قد يعجبك: