"الأبرية" و"الكابد".. أطباق رمضانية أصيلة في المائدة النوبية

أسوان - إيهاب عمران:

يحافظ النوبيون على تقاليدهم الرمضانية العريقة، حيث يظل الإفطار الجماعي في الشوارع عادة متجذرة، رغم تغير نمط الحياة الحديثة. وقبيل أذان المغرب، يخرج كل فرد بصينية مليئة بالأطباق والمشروبات التقليدية، ليجتمع الأهالي حول مائدة واحدة، في مشهد يعكس روح التكافل الاجتماعي.

يقول عبد الناصر صابر، مرشد سياحي نوبي، إن أبرز ما يميز رمضان في النوبة هو الإفطار الجماعي، حيث يجتمع سكان كل شارع أو حي لتناول الطعام سويًا، مقدمين أصنافًا خاصة، أبرزها مشروب "الأبرية"، و"الحلو المر"، إلى جانب الكركديه والكابد.

أما نجاة سيد، وهي من أبناء النوبة، فتؤكد أن النوبيين يحتفظون بأطعمتهم التقليدية التي لا يعرفها سوى أهل المنطقة، مثل "عيش الدوكة" و"الفتى" التي تشبه الفتة لكن تحضر بالزبادي واللبن، وغيرها من الأكلات التي تعدها المرأة النوبية بإتقان.

الأبرية.. مشروب رمضاني مميز

قبل حلول رمضان بأسابيع، تبدأ النساء النوبيات بتحضير "الأبرية"، وهو مشروب يصنع من خليط الدقيق والماء، يعجن بطريقة خاصة، ثم يُخبز على "دوكة حديدية" حتى يتحول إلى رقائق هشة تُحفظ لحين استخدامها في الشهر الكريم. وعند تقديمه، يُنقع في الماء مع عصير الليمون، ليصبح مشروبًا منعشًا يروي العطش بعد يوم صيام طويل.

يُتناول "الأبرية" مع التمر، وهو عنصر أساسي على المائدة النوبية، حيث يُنقع في الماء أو اللبن، أو يُغلى للحصول على مشروب تقليدي يسبق وجبة الإفطار، إلى جانب مشروبات أخرى مثل الكركديه، الدوم، والتمر الهندي.

"الكابد".. خبز بطابع نوبي

توضح دعاء المشير، أن "الكابد" يعد من أشهر الأطباق النوبية، وهو نوع من الخبز يُخبز على "الدوكة الحديدية" بطريقة تشبه القطايف، ويُقدم مع "الويكة" الساخنة أو "الإتر"، وهي ملوخية تُطهى بأوراق الخبيزة بدلًا من الملوخية التقليدية. كما يمكن تناوله كتحلية عند إضافة العسل الأسود والسمن إليه.

يُحضر "الكابد" من خليط الدقيق الأبيض ودقيق الشامي القادم من دراو، ويُعجن بالماء والخميرة، ثم يُترك ليختمر قبل خبزه على "الدوكة"، وهي فرن مسطح من الحديد أو الصاج. يُطهى خلال دقائق قليلة، ويُستخدم كبديل للخبز مع مختلف الأطباق النوبية.

إرث ثقافي متجذر

تبقى النوبة، بعاداتها وتقاليدها، نموذجًا حيًا للحفاظ على التراث، حيث تشكل أطعمتها ومشروباتها جزءًا أصيلًا من الهوية الثقافية لأبنائها، مما يعكس تميز المجتمعات المحلية بأطباقها الفريدة التي توارثتها الأجيال.