كل شيء سيتغير.. علماء يرسمون صورة العالم بعد كورونا
القاهرة (وكالات)
على الرغم من أن العالم لم يتوصل بعد إلى علاج مؤكد لفيروس كورونا المستجد، فإن الباحثين بدأوا من الآن يرسمون صورة للعالم بعد التعافي.
نحو 3 مليارات من سكان الأرض محبوسون في منازلهم، والاقتصاد العالمي يترنح، والظواهر الاجتماعية تتغير، فهل سيعود العالم كما كان بعد انتهاء الوباء، هل سيكون الأمر بمثابة ضغطة على زر (إعادة تشغيل العالم)؟
مجموعة من علماء المستقبليات، تقول إن حيث فترة العزل ستترك تأثيرات وتغيرات بارزة على كل جوانب الحياة، بداية من القيادة وطريقة الحكم، مرورا بالأنظمة الدفاعية، ووصولا إلى شكل حياتنا وعاداتنا اليومية، وفقا لوكالة سبوتنيك التي استعرضت في تقرير مواسع سيناريوهات المستقبل.
القيادة
يقول مدير الابتكار والتحول والتبصر بالمدرسة العليا للتجارة في فرنسا ريني روهيرربيك، لوكالة سبوتنيك "نحن الآن محاصرون بالغموض، الطرق القديمة لاتخاذ القرارات تفشل بسبب نقص المعلومات، وفي مثل هذا الموقف، نحتاج إلى قادة يمكنهم العمل وسط هذا الغموض، بخطط سريعة وعن طريق التعلم من الأخطاء".
يضيف روهيرربيك "في الأشهر القادمة علينا التأكد من أن القادة يحصلون على التدريب المناسب، حيث يجدون فجأة أن عليهم العمل والقيادة في هذه البيئة الغامضة.. بعد مرور الوباء سنرى زيادة في عدد القادة الذين يتخذون قراراتهم بناء على قناعتهم وموهبتهم إلى جانب تطبيق التقنيات الصحيحة، والسيناريوهات السريعة القائمة على التعلم من الأخطاء".
ويقول عالم المستقبليات البارز والمدير التنفيذي لمؤسسة دافنشي توماس فريي "يبدو الأمر وكأننا ضغطنا على زر ضخم لإعادة تشغيل الإنسانية كلها، لكن هذه الحالة مدفوعة بشكل كبير بحالة من الخوف والذعر، ومن غير المعقول أن نعتقد أن القادة الحاليين لن يتم انتقادهم بشدة بعد هدوء الأوضاع، انتقلنا من عصر (الجهل نعمة) إلى عصر نعرف فيه أننا نعاني من مشكلة لكن لا نعرف كيف نتصرف حيالها".
ويشدد فريي "تركيزنا الآن يجب أن ينصب على المعلومات، والقرارات يجب اتخاذها عن طريق تحليل كميات هائلة من المعلومات.. قادة المستقبل يجب أن يعتمدوا بشكل أكبر على المعلومات لتحديد الاتجاهات والأولويات، ففي النهاية الأزمات العظيمة تولد قادة عظماء".
ويتوقع الباحث وعالم المستقبليات براين ألكسندر أن تتمدد سلطات الدولة في المستقبل، إذ يقول "قد نشهد تمددا في سلطات الدول، خاصة في الأجزاء المتعلقة بمراقبة السكان والصحة العامة والسياسات الصناعية والسياسة بشكل عام، والصين تقدما نموذجا لمثل هذا التمدد".
ولا يستبعد ألكسندر أن يهدد هذا التمدد في سلطات الدول الحريات الشخصية والفردية.
الأنظمة الدفاعية
يعتقد الباحثون أن العالم بعد كورونا سيشهد تعزيز الاستعداد للمخاطر بما في ذلك المخاطر الآتية من تهديدات غير مرئية، وزيادة القدرات لمواجهة الحروب البيولوجية.
يقول توماس فريي "عصر الأسلحة والمعدات الثقيلة سينتهي، والحروب البيولوجية والالكترونية والعقلية تبدأ للتو.. معظم البلدان ستعدل من شبكاتها لتجعل من التهديدات غير المرئية تهديدات مرئية، كل عبور للحدود سواء عبر المطارات أو الموانئ سيشهد زيادة في الرقابة ونظم كشف عبر الصوت والصورة، إضافة إلى زيادة استخدام الطائرات المسيرة لزيادة التغطية، وسيكون الهدف ألا يعبر أي فيروس أو بكتيريا أو جرثومة أو فطر دون كشفه".
ويتوقع الباحث براين ألكسندر أن "تعمل الدول على زيادة قدراتها لمواجهة الحروب البيولوجية، وأن تغير من سياساتها، ومناهجها التعليمية واتفاقاتها التجارية وعلاقات العمل بها"، ويشير إلى أن "الجيوش قد تبدأ في الاستماع أكثر إلى التوقعات القائمة على العلم".
ثقافة العمل
غيّر الحجر الصحي المفروض في العديد من البلدان التي تواجه فيروس كورونا المستجد من شكل وطريقة العمل، فالعديد من المؤسسات سمحت لموظفيها بالعمل من المنزل، ما وضع تحديات عديدة أمام كل من الموظفين والمديرين.
يقول براين ألكسندر في هذا السياق، "كلما زاد وقت العزل لمحاربة الوباء، كلما سنعتاد على العمل عن بعد، لكن تتبقى مخاوف بعض المديرين من تكاسل الموظفين خلال وجودهم وحدهم في فترات العمل".
ويرى توماس فريي أن "يجب أن يجد الناس طرقا لتحفيز ذاتهم على العمل، وإدارة جيدة للوقت، كما سيحتاج المدارء إلى الإدارة بشكل مختلف، كما يجب أن تتحول أجزاء من البيوت إلى أماكن مناسبة للعمل".
يتفق ريني روهيرربيك مع فريي في رأيه في ضرورة توفير بيئة مناسبة للعمل من المنزل، ويقول "العديد من الناس الذي جربوا العمل من المنزل الآن تفاجأوا بكم المزايا التي يوفرها لهم العمل عن بعد من المرونة، واحتمالية الاهتمام بالأطفال لوقت أطول والوقت الذي يوفره عدم التنقل من المنزل إلى العمل".
نمط الحياة
يعتقد الباحثون أن وباء كوفيد- 19 أحدث تغيرات لا رجعة فيها في أنماط الحياة بشكل عام، إذ يقول براين ألكسندر "بعد انتهاء الوباء سيحدث اندفاع في زيارات الناس لعائلاتهم والمطاعم والذهاب إلى السينما، والسفر، سيلتئم شمل المحبين والأقرباء، لكن لن يعود مستوى التواصل بينهم إلى ما كان عليه في السابق، لأنهم تعلموا بشكل ما أن يعيشوا بعيدا عن بعضهم البعض".
ويشير ريني روهيرربيك إلى التباعد الاجتماعي بين الناس، قد يجعلهم أكثر قربا على المستوى النفسي حول العالم، ويقول "أعتقد أن اتحاد الناس لمواجهة الأزمة الحالية سيقربهم من بعض بشكل أكبر، حتى كمجتمعات دولية، وسيعزز التعددية، كما سيعزز قدراتنا على إيجاد إجابات لتحديات أخرى تواجه الإنسانية".
فيديو قد يعجبك: