علماء يدحضون الأسطورة التي تربط بين الزلازل واكتمال القمر
كتب - حاتم صدقي:
لم تكن الزلازل الكبيرة التي وقعت مؤخرا هي الوحيدة التي شهدها العالم في ظل طور القمر المكتمل ولكن سبق ذلك حدوث زلازل كثيرة، كانت أيضا في ظل الطور المكتمل للقمر.
ولعل دمار مدينة فالبارايسو، بشيلي في عام 2010، الذي قتل أكثر من 500 فرد، والذي حدث خلال اكتمال القمر، يتفق مع الأسطورة القديمة التي ربطت بين وقوع الزلازل وهذه الحالة أو الطور القمري.
في نفس الظروف كان الزلزال الكبير بقوة 9.1 درجة بمقياس ريختر والذي وقع يوم 26 ديسمبر عام 2004، ومزق قاع المحيط الهادي في الساحل الغربي لجزيرة سومطرة الإندونيسية، وأدي التسونامي الذي صاحبه إلى قتل أكثر من 230 ألف مواطن إندونيسي من 14 قرية، الأمر الذي جعله أكبر كارثة طبيعية في التاريخ.
ولم يكن زلزال سومطرة هو الزلزال الكبير الوحيد الذي حدث في ضوء القمر المكتمل، ولكن سبقه زلزالان كبيران دمر أحدهما شيلي في 2010 ودمر الآخر ألاسكا في عام 1964. وكان حدوثهما أيضا مواكبا للقمر المكتمل، مما يجعل من المغري القول بأن المزيد من الزلازل الكبيرة يمكن أن يحدث خلال القمر المكتمل.
لكن الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة "رسائل البحوث الزلزالية" نفت تماما وجود مثل هذا الارتباط، وأكدت أنه نوع من الموروث الشعبي.
من خلال الدراسة التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، قامت الدكتورة سوزان هوف الباحثة الأمريكية في مجال الزلازل وخبيرة المسح الجيولوجي بتحليل الارتباط المفترض عن طريق فحص 204 زلازل، تبلغ قوتهم 8 ريختر فأكثر، تم تسجيل حدوثهم على مدي الأربع سنوات الماضية، ثم قامت بعقد مطابقة بين التقويم القمري خلال تلك الفترة وزمن وقوع هذه الزلازل.
لم تجد الباحثة أي ارتباط بين الزلازل وحالة القمر، حيث لم تقع أية زلازل بالتزامن مع اكتمال القمر، أو مع ظهور الأهلة.
لكنها وجدت أن معظم الزلازل تحدث في أيام عادية خلال الدورة القمرية، أكثر من ارتباطها باكتمال القمر.
وهناك بعض العلوم السليمة تربط بين القمر والحركات الزلزالية، ويرجع ذلك إلى أنه خلال فترات القمر الجديد "الهلال" والقمر الكامل، تقع الأرض والشمس والقمر على خط واحد مستقيم تقريبا.
لعل هذه المحاذاة السماوية تسبب هذا لكوكب الأرض، وتزيد من حالة المد والجزر سواء في المحيطات أو الأرض الصلبة، وهذا التأثير ليس من القوة إلى الدرجة التي تجعله يسبب زلزالا.
لكن إذا ما جاز لجاذبية القمر أن تزيد من الشد بمنطقة فالق، يكون بدرجة خطيرة من التمزق، فلا تكون الهزة الأرضية حينئذ مستحيلة.
ولا تعد هذه- كما تقول الدكتورة هوف- فكرة مجنونة، ولكن أثر الجاذبية يكون ضئيلًا جدًا لدرجة يمكن اهماله، ويمكن أن يحدق أثره فقط في ظل ظروف ضيقة أو محدودة جدا، لذلك لا يمكن ترجمته إلى قوة واضحة، ومن المؤكد أنه لن يكون حدثا يمكن أن يُنظر اليه في تقويم أو استخدامه في عمل تنبؤات.
وفي عام 2004 علي سبيل المثال، نشرت الباحثة الجيوفيزيقية اليزابيث كوشران - التي لم تشارك في البحث الجديد- دراسة أظهرت زيادة طفيفة في عدد الزلازل خلال مراحل المد والجزر الخفيف، ولكنها كانت فقط في قاع المحيط العميق.
ومنذ عامين نشر خبير الزلازل الياباني ساتوشي أيدي وزملاؤه من جامعة طوكيو بحثا اقترح فيه أن عدد الزلازل القوية عالية القيمة بمقياس ريختر أيضا يزيد بدرجة طفيفة مع زيادة ضغوط المد والجزر.
لكن مرة أخرى، يكون هذا التأثير ضئيلًا جدًا لدرجة أن احتمال حدوث زلزال خلال أي وقت يكون فيه القمر كاملا يظل لا يمثل فرقا مع أي يوم آخر في دورة القمر. وبالطبع فإن مثل هذا التغير الضئيل لا يساعد العلماء في التنبؤ متي يمكن للزلازل الكبيرة أن تحدث؟، كما أنه لا يساعد المواطنين العاديين ولا أجهزة الطوارئ في الاستعداد.
ويقول جون فيدال خبير الزلازل ومدير مركز أبحاث الزلازل بجامعة جنوب كاليفورنيا إن دراسة الدكتور هوف تفضح الخرافة السائدة التي يتبناها البعض بأن القمر يمكن أن يخبرنا أو يتنبأ بأي شيء عن المخاطر المحتملة في المستقبل.
فيديو قد يعجبك: