لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"لسه بيسدد فلوس السفر".. إعصار دانيال في ليبيا يعصف بحياة وأحلام ناصر

03:50 م الأحد 17 سبتمبر 2023

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبد الرحمن:

مثله مثل غيره من أفراد أسر مكلومة، بقرية الشريف التابعة لمحافظة بني سويف، جلس ربيع فاروق مع ما تبقى من أفراد أسرته، بعدما فقد الرجل الخمسيني نجله ناصر ذو الـ24 عاما وشقيقه وعدد من أبناء عمومته في إعصار ليبيا المدمر الذي أودى بحياة 76 شابا في مقتبل العمر بالقرية بخلاف عدد من الأشخاص المفقودين حتى الآن.

"كان نفسي ادفنهم كلهم هنا عشان نعرف نزورهم"، يقولها الأب الذي لم يمكنه الإعصار المدمر الذي ضرب عددا من المناطق الليبية مساء الاثنين الماضي، بدفن جثمان نجله مثل بقية شباب القرية: "كان نفسي أشوفه نظرة أخيرة".

صباح الثلاثاء الماضي، استيقظ ربيع صاحب الـ 52 عاما على أنباء وفاة أعداد كبيرة من شباب القرية في مدينة درنة بليبيا التي يعمل بها نجله وشقيقه وعدد من أقاربه نتيجة إعصار دانيال يقول "ابني هناك مع اخويا وولاد عمه"، أسرع الرجل للاتصال على نجله للتأكد من صحة تلك الأنباء التي ظل يرددها أغلب أهالي القرية لكن دون فائدة: "كل ما ارن عليه ألاقي التليفون مغلق ورنيت على أخويا مغلق"، لم يدر الرجل ماذا يفعل حينها وقف في مكانه صامتا ليقطع هذا الصمت أحد الجيران يخبره بوجود حشد من أهالي القرية الذين لديهم أولاد في ليبيا أمام أحد المساجد لمعرفة أسماء ضحايا الإعصار التي تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

"كنت خايف أروح عند المسجد ألقي ابني وأخويا فيهم"، يستكمل الأب، الذي هرول مسرعا وهو يدعو ألا يجد فلذة كبده وشقيقه بين أعداد الضحايا: "روحت لقيت أخويا وأولاد أخويا بس ابنى مش موجود"، وعلى الرغم من حزنه الشديد على فقدان شقيقه وأبناء أشقائه لكن عدم وجود نجله بكشوف الضحايا أعطى له أملا، ليبدأ رحلة بحث انتهت بنبأ دفن جثمان نجله مثل العديد من شباب القرية في الأراضي الليبية.

"دفع فلوس عشان يسافر ولسه مديون بيها"، يقول الأب. منتصف العام الماضي، حزم نجل ربيع حقائبه حتى مرت عليه السيارة التي تقله وعدد من شباب القرية الذين اتخذوا نفس قراره بالسفر إلى الأراضي الليبية للعمل هناك، يقول الأب: "العربية تاخدهم لحد مطروح من هناك يروحوا إلى ليبيا"، وذلك مقابل دفع مبلغ مالي لا يقل عن 25 ألف جنيه يتم دفعها لبعض الأشخاص: "في ناس بتدفع هنا وفي ناس بتدفع أول ما توصل هناك بعد ما تشتغل أو يكون ليها حد في ليبيا يدفع وإحنا هنا ندفع الفلوس لأهله"، يقولها الأب الذي عانى مرارة السفر إلى ليبيا لسنوات طويلة قبل أن يستقر في مصر نتيجة ظروف صحية.

"تعبت من الشغل في المعمار وقلت أرتاح شوية"، يقولها الأب، متذكرا السنوات الطويلة التي قضاها في منطقة درنة الليبية الأكثر تضررا من إعصار دانيال ما بين الجوع ومشقة العمل دون راحة: "ممكن تشتغل اليوم كله من غير ما تقعد غير إن كل 10 أشخاص في أوضة مع بعض"، الأمر الذي دفعه إلى رفض طلب نجله بالسفر ومعايشة المعاناة التي كان يعيشها، لكن مع الإصرار المستمر لنجله بالسفر مثل بقية أصدقائه وافق، يقول "هناك الحياة صعبة والناس اللي بتسافر بتستحمل عشان حال البلد هنا صعب".

"هنا أغلب الناس تعبانة ماديا عشان كدة السفر هو الحل"، يقول أحمد مطاوع أحد أبناء القرية، وهو الأمر الذي تسبب في ارتفاع أعداد المسافرين إلى ليبيا للعمل خلال السنوات الأخيرة يقول الرجل "الشباب بتغير من بعضها وبتسافر"، موضحا أن هناك العديد من الشباب الذين لا يتعدى عمرهم الـ 16 عاما تركوا البلد وسافروا إلى ليبيا بحثا عن حياة أفضل لهم ولأسرهم عقب عودتهم بعد قضاء فترة من الوقت وذلك من خلال بناء منزل جديد أو حتى الزواج.

"السفر مخاطره كبيرة وممكن الواحد يموت في الجبل قبل ما يروح ليبيا"، يستكمل مطاوع، يتذكر العديد من الشباب الذين تم القبض عليهم من قبل مجهولين أثناء سفرهم وقبل دخولهم الأراضي الليبية يقول: "أسر كتيرة هنا عيالها كانت مسافرة لقوا ناس بيتصلوا عليهم عيالكم معانا ومطلوب منكم دفع مبلغ مالي لتركهم"، في هذه الحالة تجد الأسرة نفسها مجبرة على دفع تلك الأموال لإنقاذ حياة أولادهم، موضحا أن هناك بعض الشباب تم دفع الأموال لهم ولم يعودوا.

فيديو قد يعجبك: