لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد زلزال تركيا| هل تصمد مباني مصر في مواجهة الزلازل؟

03:40 م الخميس 23 فبراير 2023

القاهرة - تصوير: مارينا ميلاد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

- مارينا ميلاد:

اهتزت القاهرة في ذلك اليوم، حين ضربها زلزالا قوته 5.6 ريختر عام 1992. هرع سكانها إلى الشوارع، غير مدركين ما يحدث أو ما عليهم فعله. لم يكونوا مستعدين لتلك اللحظة، ولم تستعد المدينة أيضًا، فانقطعت الاتصالات، أُغلقت الطرق، وارتبك كل شئ.

لم يُخلف هذا الزلزال 541 قتيلا وآلاف المصابين والكثير من الأبنية المنهارة فحسب، بل كان الخوف والصدمة هي حصيلته الأكبر. ربما تجدد هذا الشعور بعد ثلاث عقود، عندما أعاد زلزال تركيا المدمر ذلك المشهد بكل مأساويته لأذهان الذين حضروه.. تصاعدت مخاوفهم من تكراره مع شعورهم بالزلزال البعيد مرتين، وكثرة الحديث عن قرب المنطقة العربية من مخاطر الزلازل.

فهل صارت مصر مستعدة الآن وستصمد مبانيها في وجه زلزال مُحتمل؟

يقول وليد عبد اللطيف (مدير مركز بحوث ودراسات الهندسة المدنية) إن أي مبنى جديد يُطبق اشتراطات الأمان وفقا للكود المصري؛ يمكنه الصمود إن حدث زلزالا، لأن هذا الكود يأخذ في اعتباره مقاومة أحمال الزلازل.

والكود المصري هو "مجموعة الاشتراطات والمواصفات القياسية التى تخص أعمال تصميم وتنفيذ المنشآت، والتى يتم إصدارها من خلال المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء".

وكانت المرة الأخيرة لتحديث هذا الكود هو عام 2018، وفقا لشريف الهادي (الأستاذ بالمعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بقسم الزلازل)، الذي يشير أيضًا إلى أنه يجري تغييره كل ثلاث سنوات أو مع حدوث زلازل كبرى مثل زلزال تركيا الأخير.

وأودى هذا الزلزال، الذي بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر، بحياة أكثر من 35 ألف شخص في تركيا وأكثر من 6 آلاف شخص في سوريا، وترتفع تلك الأرقام بمرور الوقت مع استمرار عمليات البحث عن الضحايا. وبحسب السلطات التركية، فإن عدد المتضررين من الزلازل بلغ قرابة 13 مليون شخص في عشر مدن، مع انهيار أكثر من 33 ألف بناية أو تصدعها.

وإن وقع زلزال مماثل في مصر، فعلى الأغلب لن تبقى الأبنية العشوائية أو القديمة المتهالكة أو المتغاضي عن اشتراطات الكود المصري بها، كما يقول وليد عبد اللطيف (مدير مركز بحوث ودراسات الهندسة المدنية). وهنا يرى أنه لابد من هدم تلك الأبنية غير المخطط لها ومراقبة الأحياء والجهات المعنية لوضع المباني القائمة.

وأجازت مصر خلال الفترة الماضية التصالح في مخالفات البناء مقابل دفع غرامات مختلفة، بشرط ألا تتعلق المخالفات بالسلامة الإنشائية.

332996315_619755316630468_1217960420218401523_n

فكرة التصالح نفسها جَرت في تركيا، لكن أثار زلزالها الأخير الكثير من التساؤلات حول "عفو البناء" وعمليات الاحتيال في هذا القطاع. ووجه فؤاد أوقطاي (نائب الرئيس التركي) أصابع الاتهام إلى 134 مقاولا لمبان دمرها الزلزال، وتم توقيف البعض منهم في المطارات. كما أرسلت وزارة العدل خطابًا إلى النائب العام لإنشاء مكاتب للتحقيق في جرائم الزلازل.

مع ذلك، تبدو الصورة غير مخيفة في مصر بالنسبة لعباس الزعفراني (أستاذ التخطيط العمراني وعميد كلية التخطيط سابقًا)، الذي يقول إنه بعد زلزال 1992 بات هناك انتباها للمباني أكثر ومراجعة مطابقتها للكود المصري.

فأصبح أقل سمك للأعمدة القائم عليها المباني 30 سم بعدما كان 25 سم، كما يقول "الزعفراني"، موضحًا أن المقاولين لا يغشون في هذا الجزء المهم لأنه قليل التكلفة.

تلك المواصفات ربما تصمد أمام زلزال قوته لا تزيد عن المتوسط الذي شهدته مصر في تاريخها، وهو 6 ريختر تقريبًا، بحسب "الزعفراني".

فيما يرى شريف الهادي (الأستاذ بالمعهد القومي المصري للبحوث الفلكية بقسم الزلازل)، أن صمود المباني من عدمها يتوقف على عوامل عدة منها ما يتعلق بالبناء نفسه وصلابته، والنقطة الأهم هو موقعه ومسافته من مركز الزلزال، فتأثير الزلزال القادم من تركيا، لن يكون مثل الآتي من أحد مكامن الزلازال النشطة في مصر.

وبالتالي يضع "الهادي" وزملاؤه بالمعهد ما يسميه "خريطة نطاقات الخطورة الزلزالية"، لتحديد العجلة الزلزالية المتوقعة بالمناطق المختلفة وأعلى قوة ستتحملها، ويحصل المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء على تلك الخريطة لإقرار اشتراطات البناء. ويوضح "الهادي" أن نطاق دهشور ومحافظتي القاهرة الكبرى والإسكندرية ذات اشتراطات عالية وصارمة.

لكن حتى وإن كانت المباني جيدة، فالمشكلة في وجهة نظر عباس الزعفراني (أستاذ التخطيط العمراني)، هي عدم التخطيط العمراني الملائم للمناطق، حيث زاد السكان وتكدست المناطق بالبنايات الملاصقة لبعضها وضاقت الشوارع.

هذه الصورة يمكن أن تسبب كارثة حتى وإن لم يكن الزلزال مدمرًا، كما يرى "الزعفراني"، فالناس ستتدافع ولا يمكنها الهروب، كذلك لن تتمكن معدات الإنقاذ من الدخول إلى شوارع كثيرة.

يقدر "الزعفراني" أن هذا المشهد يشكل 60% من عمران مصر، وهذه نسبة لا يمكن هدمها، لكن على الأقل يمكن هدم 5% وتوسعة الشوارع الضيقة لخلق منافذ في حالات الطوارئ، حسب حديثه.

أما النقطة الثانية التي ستمثل مشكلة هو عدم وجود قواعد "المدينة الصامدة في مواجهة الكوارث". يضرب مثالا على أن خارج مصر تصل رسائل للمواطنين على الهواتف المحمولة لتحذيرهم من وجود عواصف أو أي ظواهر، لكنه لم يجد ذلك متاحا بالقدر الكافي في مصر.

فيقول: "وقت زلزال 1992 لم يعرف أحد ما الذي عليه فعله؟، ما هو السلوك الصحيح؟.. واعتقد أن ذلك مستمرًا حتى الآن".

اقرأ أيضا:

تفاعلي| كنائس ومساجد وقلاع.. ما هي المناطق الأثرية المتضررة من زلزال تركيا؟

فيديو قد يعجبك: