لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أول أسطورة مصرية في الاسكواش.. قصة "الباشا الصعيدي" في بلاد الإنجليز

09:30 م الثلاثاء 07 يونيو 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- عبدالله عويس:

من قرية أبو تيج في صعيد مصر، انتهاء ببريطانيا، انتزع شاب مصري لقب "أول مُهيمن في تاريخ لعبة الاسكواش"، وكأنما كان ذلك إيذانا بهيمنة مصر على اللعبة. حفر "الباشا" اسمه بين أساطير اللعبة، كأول مواطن غير إنجليزي يفوز ببطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش، ليس مرة واحدة فحسب، وإنما ست مرات متتاليات، ونفس الرقم لبطولة الهواة. وأُطلق اسم مصر على أحد شوارع بريطانيا تقديرًا لأسطورته.

في عام 1909 ولد عبد الفتاح عمرو، بمحافظة أسيوط، جنوب البلاد. درس في جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) ثم درس القانون بجامعة أكسفورد. هناك أمسك الرجل بمضرب الاسكواش لأول مرة في حياته، فهو لم يمارس في مصر سوى رياضتي "التنس والبولو" ومثل مصر في "كأس ديفيز" للتنس. لكن تناغمًا كبيرًا جرى بينه وبين اللعبة، ليهزم أساطير اللعبة في عقر دارهم.

كان انتقال عبد الفتاح الذي حصل على لقب "بيك" ثم "باشا" لبريطانيا للعمل كدبلوماسي مصري في الحقبة الملكية، ثم عمل لاحقًا سفيرًا لملك مصر والسودان في المملكة المتحدة بين عام 1945 و1952، على أن قيمته الدبلوماسية لم تبزغ كما فعلت أسطورته الرياضية. ففي الأعوام من 1933 حتى 1938 فاز "الباشا" بست بطولات متتالية في بطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش كما يُظهر الموقع الرسمي للعبة.

حفر الباشا اسمه بين أساطير اللعبة كأول مواطن غير إنجليزي يفوز ببطولة بريطانيا المفتوحة

في عام 1933 واجه عبد الفتاح باشا عمرو، دون بوتشر، الفائز باللقب في عامي 1931 والعام الذي يليه، فهزمه ونزع عنه اللقب، ولم يجد منافسًا له في العام التالي، حتى كان عام 1935 حين فاز الباشا المصري من جديد على بوتشر، ولم يخسر اللقب حتى تقاعد من الرياضة في 1938. يقول دون بوتشر عنه "لإعطائك فكرة عن لياقته وقوته، فأنا اللاعب الوحيد الذي سجل ضده نقاطا في اللعبة الخامسة من مباراة خطيرة" على ما نقل موقع الاتحاد الدولي لمحترفي الاسكواش.

موقع الاتحاد الذي سبق وكتب عن عبد الفتاح باشا أنه "رفع مستوى اللعبة إلى آفاق جديدة من خلال قدرته المميزة في التسديدات وسرعته ولياقته البدنية"، ونسب له الفضل في "وضع الأسس التي بنيت عليها مصر هيمنتها على اللعبة"، يضع قائمة لأفضل 20 لاعبًا في رياضة الاسكواش حاليا، نصفهم مصريون، بعد استبعاد محمد الشوربجي، الذي صار يمثل منتخب إنجلترا، ويلعب تحت علمها. وفي العشرة الأفضل كان 6 مصريين في القائمة، والأول عالميا أحدهم.

الحديث عن محمد الشوربجي، الذي وصف قراره باللعب لبريطانيا بالصعب، واستغرق منه شهورا في التفكير، ودفعه له قلة الدعم والاهتمام، أعاد للأذهان ثنائية مصر وبريطانيا في تلك اللعبة. فمن "الباشا" أول لاعب مصري يصبح أسطورة في اللعبة، على حساب الإنجليز، إلى الشوربجي الذي تربع على عرش اللعبة لفترة طويلة، وحقق فيها بطولات جعلته أكثر لاعب مصري في التاريخ يفوز ببطولات للمحترفين، وينتهي به الحال في بريطانيا أيضا، وبين الباشا والشوربجي، قائمة طويلة من الأسماء، للاعبين أظهروا تميزا كبيرا في الاسكواش، بين زمن الباشا والشوربجي.

"الباشا" أول لاعب مصري يصبح أسطورة في اللعبة

وعمل عبد الفتاح باشا عمرو، مستشارًا قانونيًا للسفارة المصرية في لندن، ثم شغل منصب سكرتير الغرفة التجارية المصرية البريطانية، ثم عين وزيرا مفوضا بالسفارة المصرية بلندن، ثم سفيرًا لدى بريطانيا في عام 1945، وحتى قيام ثورة يوليو 1952، ليستقر الرجل في لندن، وهناك جرى حوار بينه وبين الدبلوماسي المصري مصطفى الفقي، عام 1972، والذي كان يعمل آنذاك بالقنصلية المصرية العامة في لندن.

في كتابه "عرفتهم عن قرب" الذي صدرت طبعته الأولى في عام 2016، يقول الدكتور مصطفى الفقي، إنه كان يجلس بمكتبه بالقنصلية في لندن، حين أبلغه معاون الخدمة، أن رجلاً كبيرًا يريد مقابلة القنصل، ويمسك جواز سفر مصري عليه شعار "التاج الملكي" وحين قابله الفقي، أخبره عبد الفتاح أنه سفير مصر الأسبق، ليخبره الفقي بأنه بطل الاسكواش أيضًا و"المستشار ذو الحظوة عند الملك فاروق".

توفي لاعب مصر التاريخي في الاسكواش وآخر سفراء حقبة الملكية المصرية في لندن عام 1988

وأخرج عبد الفتاح باشا آنذاك جواز السفر القديم، الذي انتهت صلاحيته من 15 عامًا، طالبًا جواز سفر جديد لمصر، فطلب منه أن يحتفظ بالقديم كذكرى، لأنه مدون فيه أنه "سفير ملك مصر والسودان في المملكة المتحدة" ليوافق الفقي على الأمر. وتحدث الاثنان بعد ذلك عن طريق "Egypt lane" الذي يراه الفقي في طريقه لأكسفورد، وكان لديه فضول بسر تسميته، ليخبره عبد الفتاح، بأن ذلك كان تكريما للاعب اسكواش تاريخي، وسفير سابق في بلاد الإنجليز. وفي عام 1988، توفي لاعب مصر التاريخي في الاسكواش، وآخر سفراء حقبة الملكية المصرية في لندن.​

فيديو قد يعجبك: