إعلان

"يوميات النيل".. حكاية شريان الحياة بعيون 9 مصورين أفارقة

07:14 م الثلاثاء 21 يونيو 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

على ضفة نهر النيل بالمنيا اعتاد المصور روجيه أنيس قضاء بعض الوقت، بالنسبة له يعتبر النيل المكان الذي يشعر فيه بالبراح، ومعظم حياته لم يعرف أكثر عن النيل سوى ما يعرفه المصريون، غير أنه قرر في 2019 السعي وراء معرفة أكبر عن النيل، وأنشأ مشروعًا تحت اسم "يوميات النيل".

كان نتاج المشروع قصص مصورة من دول حوض النيل، في معرض يحمل نفس الاسم بمعهد جوتة، يستمر حتى يوم 20 يوليو، ويشارك في المعرض المصورون؛ روجيه أنيس، أسماء الجعفري، ميكونين تشومي توليرا، واتسيمبا ميريام، أنتوني أوتشينج، توني وايلد، مارثا تاديسي، جوريتشوم نديبو، ديمج ماجوت، سيلكوس نديهوكوباوايا وهيلين كريريسك.

1 (1)

قبل أربعة أعوام شارك أنيس في ورشة تضم صحفيين ومصورين وباحثين، كما يذكر المدير الفني لمبادرة يوميات النيل لمصراوي، وكان نتاجها معرض صور فوتوغرافية عن نهر النيل "وقتها حسيت إني عايز أعرف أكتر عن النيل، أزور دول تانية وأشوف أكتر، لأن النيل مش خط واحد، لكن فيه منبع وشرايين وحكايات كتير على ضفافه"، من هنا بدأ اهتمام أنيس بنهر النيل، لكنه اكتشف أنه لن يستطيع بمفرده معرفة كل ما يتعلق بنهر النيل "كنت حاسس إني محتاج أعرف عن النيل من السكان الأصليين نفسهم، ومن هنا فكرت في مشروع يوميات النيل".

2 (1)

أقام أنيس ورش عمل يتعلم من خلالها مصورون من دول حوض النيل "ازاي يحكوا قصص عن النيل"، نُشرت تلك القصص المصورة بعد ذلك بالتعاون مع مؤسسة "انفو نايل"، مدعومة بالأرقام والبيانات "مكنتش مجرد صور فوتوغرافية لكن قصص مرتبطة بمعلومات وأرقام".

3 (1)

وعلى مدار أشهر تعاون 9 مصورين وصحفيين من دول حوض النيل، لرصد وجمع الحكايات المختلفة ، لم يكن الهدف مُجرد التصوير الفوتوغرافي لزوايا مختلفة من النيل، بل حكاية قصة سكانها الأصليين الذين يعيشون في دول؛ أثيوبيا، السودان، أوغندا، كينيا، الكونغو الديمقراطية، جنوب السودان، بوروندي ومصر،

4 (1)

تنوعت الحكايات بين دول المنبع والمصب، وظهر في المعرض المقام أطياف مختلفة من حكايات النيل؛ فمن السودان وثق أنيس الفيضانات التي اجتاحت 16 ولاية سودانية خلال عام 2020، بسببها لقى 103 شخص حتفهم، وانهارت عشرات الآلاف من المنازل،

5 (1)

كانت تلك أول مرة يرى فيها أنيس الأثر المدمر لنهر النيل، وحرص على توثيق آثار فيضان لم يأت مثله منذ فيضانات عامي 1946 و1988 التي كانت تعتبر الأسوأ في السودان، حينها أدرك أنيس وجهًا آخر للنيل، لكنه جانب سيء "دايمًا بنتكلم عن الفقر المائي وقلة المياه، لكن ماذا عن الوجه الآخر للنيل؟ ماذا عن زيادة المياه اللي بتدمر حياة ناس؟".

6

كانت أوقاتًا صعبة بالنسبة لأنيس، رصد فيها بعدسته البيوت المُهدمة، وحيوات تم تدميرها، ولم ينس ما قاله له أحد السودانيين الذي ملّ من إصلاح بيته الذي تدمر مرارًا بسبب الفيضان، ويقول أنيس "وقت الفيضان الناس بتهجر بيوتها بسببه، وبعدين ترجه تصلحه تاني وتبنيه بنفسها، قابلت الراجل ده وقالي إنه مش هيقدر يرجع تاني، وكان لسة باني البيت جديد، واتهد البيت بسبب الفيضان"، وقرر السوداني ترك أرضه وبيته التي عاش فيهم سنينًا.

7

تلك القسوة التي رآها أنيس بنفسه، شهدها المصورون أيضًا المشاركين في "يوميات النيل"، ففي أوغندا وثق "واتسيمبا ميريام" حياة سكان منطقة "ريبون" الذين يعيشون بالقرب من بحيرة فيكتوريا، حيث سجل منسوب المياه أعلى ارتفاع له في أبريل 2020، مما أدى إلى مغادرتهم المنطقة، كما رصدت كاميرا ميريام ازدياد عدد السرطانات الزاحفة التي تمزق شباك الصيد، مما يؤثر على معيشتهم.

8

وفي بوروندي التي يقع فيها أحد منابع النيل قرر المصوران سيلكوس نديهوكوباوايا وهيلين كريريسك تسجيل معالم مجرى النيل في رحلته نحو الشمال، وثقا مشهد لسد "روفيرونزا" الذي يمد البورونديون بالطاقة، كما وثقا الهرم المصغر الذي بناه المستكشف الألماني بوركهارت فالديكر عام 1937، وصادق الألماني في رحلته أحد منابع النيل في بوروندي، ويقوم ببناء الهرم عند المنطقة التي يرتفع فيها ينبوع النهر، كرمز للاتصال بين مصب النيل في مصر ومنبع النيل في بوروندي.

وفي مصر قامت أسماء الجعفري بتوثيق حكاية عائلتها التي تعمل في زراعة قصب السكر، ورسمت صورة لأسرتها المنتمية إلى مركز إدفو بأسوان، تتوزع بين حب الأرض والنيل والاضطرار للعمل بالقاهرة، ورغم الهجرة والغربة لكن ظل حنينهم الدائم نحو الأرض ونسمات النيل، فاعتادت منذ صغرها العودة إلى بلدها الأصلية خلال زيارات.

10

دبت الحياة داخل معرض "يوميات النيل"، دارت الحكايات وتنوعت حول همّ مشترك، تكلمت الجُدران عن آلام بشر وأوجاع واحدة من دول ربط بينها نبع الحياة المتجدد، ومثلما تنوعت الحكايات بين دول حوض النيل كان الجمهور أيضًا، جاء من ثقافات مختلفة، لكنهم اجتمعوا على حب النيل، مُعلنين دون اتفاق شفهي رفض أي أزمة بين دول حوض النيل، أو كما يقول أنيس "الأكيد إننا لازم نفكر سوا، محدش يقدر يمتلك النيل لوحده".


1 (1)

فيديو قد يعجبك: