فريق المعجزات في بطولة أفريقيا.. حكاية أول منتخب للمبتورين في مصر (قصة مصورة)
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
-
عرض 11 صورة
كتابة وتصوير- شروق غنيم:
لايزال يستدعي سيف سلامة تلك اللحظة؛ حينما ذهب قبل ثلاثين عامًا إلى أحد نوادي كُرة القدم للعب، بشغف انضم صاحب الثمانية أعوام وقتذاك للتدريبات، بذل كل طاقته، صار يتدرب كلاعب خط وسط، مُرتديًا تيشيرت يحمل رقم 8 تيمُنًا بلاعبه المُفضل هشام حنفي، ذات يوم نادى عليه المُدرب من وسط الأطفال، بحماس تقدّم إليه "اللي بيتنده عليه معناه إنه اتقبل في الفريق، لكن مش ده اللي حصل معايا، أول ما شاف دراعي قالي معلش مش هينفع تكمل، أنتوا ليكوا ألعاب مُعينة والكورة مش منها".
اخترقت الكلمة قلب الصغير، لم يكن يُريد أي لعبة أخرى سوى كُرة القدم، لكن النظرات والكلمات نفسها طاردته على مدار سنوات عُمره لأن لديه بترًا في يده اليُمنى، غير أن كل شيء تبدّل قبل ستة أعوام، حينما تعرف على محمود عبده، الذي أسس أول فريق للمبتورين في مصر، انضم لرحلة تجاوزت تحديات وصعاب كُبرى، لكنهما حملت أمال أصحاب الأطراف المبتورة بعودة كُرة القدم لعالمهم.
ستة أعوام مضت على تأسيس محمود عبدالعظيم (الشهير بمحمود عبده) أول فريق كرة قدم للمبتورين، بكل فخر يتذكر حين كان الفريق مكوّنًا من 9 لاعبين فقط، وصار حاليًا يضم 130 لاعبًا، مشاعر مختلفة يشعر بها تجاه رحلة طويلة مرت بتحديات جمّة، لكن انتهت بخطوات كُبرى حققها الشاب مع الفريق؛ تم اعتماد اللعبة رسميًا في مصر، أعلن نادي بيراميدز تأسيس أول فريق لهم، يبتسم عبده بينما يقول لمصراوي "لما الحلم بيتصدق بيتحقق.. كمان شهرين هنلعب في أفريقيا".
في الثامنة ونصف صباح الجمعة الماضية، بدأ المنتخب الوطني لكرة القدم للمبتورين تدريباتهم داخل ستاد المحافظة في مدينة السلام، يستعدون لخوض منافسات بطولة كأس الأمم الأفريقية التي ستقام فعاليتها في تنزانيا أواخر شهر نوفمبر المقبل، والتي تُعد أول بطولة للفريق بعد اعتماد اللعبة رسميًا من قِبل وزارة الشباب والرياضة واللجنة البارالمبية المصرية.
يستعد اللاعبون للتدريب، يخلعون الأطراف الصناعية ويرتدون الملابس الرياضية ثم ينهمكون في الإحماء استعدادًا لبدء مباراة وِدية للاستعداد للبطولة، يقف حُراس المرمى على طرفي الملعب، وفي المنتصف ستة لاعبين من كل جانب، يمررون الكُرات، يحاولون إحراز الأهداف، فيما لا تنقطع الكلمات الحماسية من قائد الفريق محمود عبده "يا جماعة لازم نركز في اللعب ومنضيعش كل تعب السنين اللي فاتت.. إحنا اللي أثبتنا إن إيد لوحدها ممكن تسقف".
وسط اللاعبين يقف أسامة حسن، المدير الفني للمنتخب الوطني، يدوّن في مذكرته ملاحظاته عن الفريق، اختار 25 لاعبًا للمعسكر الأول لاستعدادات البطولة الأفريقية، يصيح في اللاعبين مُحفزًا بأن قائمة الأسماء لاتزال مبدئية وفي إمكان أي لاعب إثبات نفسه للانضمام للمحفل الدولي "بحب اسميه بمنتخب المعجزات، إحنا رايحين البطولة عشان نرفع الكأس لمصر".
قبل ثلاثة أعوام شعر عرفة ناصر بأن شغفه بالكرة قد سُلب منه، حادث تسبب في بتر قدمه اليُسرى "الحاجة الوحيدة اللي بحبها راحت مني، قولت خلاص كدة مفيش كورة ثاني"، لكن أحيانًا كان يرافق أصدقائه في الشرقية إلى أحد الملاعب الشعبية "كنت ألعب شوية وأطلع أرتاح".
ذات مرة التقط صورة داخل المستطيل الأخضر ونشرها عبر صفحته على فيسبوك "كابتن سيف شافها، ومكنش في أي سابق معرفة بينا بس لقيته بيكلمني وبيقولي تحب تيجي تلعب معانا في الفريق؟". كان ذلك عام 2019، عاد الأمل مُجددًا للشاب صاحب الـ23 ربيعًا، ابتهجت روحه حينما عانقت الكُرة أقدامه من جديد "معاهم نسيت إني حصل لي بتر".
"كنت معكم أمين عبدالعظيم في أول تدريبات منتخب المعجزات"، يدّب الصوت الحماس في أرجاء المكان، يُعلق أمين على مباريات الدوري ممتاز ب، لكنه أيضًا يلعب حارس مرمى في صفوف المنتخب الوطني لكرة القدم للمبتورين، وتم اختياره في المعسكر التدريبي الأول للمنتخب ضمن 24 لاعب أخر.
منذ صغره تعلق قلب أمين بكرة القدم، غير أن محاولاته لم تفلح للانضمام إلى أي نادي "كنت بلعب أحيانًا مع أصحابي بشكل ودي، لكن في أي نادي مكنش ليا مكان، كان بيتقالي أنت بدراع واحد مش هينفع نسجلك".
بذل الرجل الأربعيني كل ما في وسعه ليبقى في الملعب الأخضر، اتجه إلى التعليق الكروي الذي أحبه منذ صغره أيضًا "لكن طول عمري عيني على اللعب"، ومثل باقي اللاعبين انتعشت حياته مُجددًا حينما قابل محمود عبده وسيف سلامة وصار حارس مرمى في الفريق "باجي من شربين في المنصورة مخصوص كل أسبوع عشان أتدرب.. الكورة هي حياتي".
بعد قرابة ساعة ونصف يتبدل اللاعبون داخل الستاد، يعود بهم قائد الفريق محمود عبده لإجراء بعض التدريبات لكن قبلها يُجري اجتماعًا سريعًا، يُخبرهم بأبرز الأخطاء التي وقعوا فيها خلال التدريب، يُعيد عليهم قواعد اللعبة، فيما لا تغيب عيونه عن مراقبة أصغر لاعب في أرجاء المكان
أينما وُجد عُمر أيمن، شعر اللاعبون بأنهم يرون أنفسهم حينما كانوا صغارًا وكانوا يتوقون لوجود فرصة للعب كرة القدم بشكل رسمي، يُنادي مؤسس الفريق على الصغير، يُخبره بأنه مستقبل الفريق "أنت اللي هتكمل مسيرتنا كلنا".
عن طريق الصُدفة عرف عُمر عن الفريق من خلال أحد اللاعبين في الفريق "شوفت صوره وقولتله أنا زيك بحب الكورة، وخدني معاه". أحب صاحب الاثنى عشر ربيعًا كرة القدم منذ كان في الصف الثاني الابتدائي "كنت بشوف العيال بتلعب في الشارع وأنزل معاهم، بس هنا حاجة تانية".
يقول الصغير كيف تبدل حاله حينما انضم إلى منتخب كرة القدم للمبتورين "كنت مبسوط، لأني زمان كنت بلعب مع ناس عادية فمش شبهم، هنا تدريب بجد ونظام كورة زي اللي بشوفه في التلفزيون، في مُدرب وحكام وكله بيشجعني.. بيقولوا لي أنت مستقبلنا".
في مسار الرحلة لا ينسى محمود عبده من ساندوا الفريق، وكيف تبدل حاله حينما تم اعتماده من قِبل دكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة "ناس كتير وقفت في ضهرنا لحد ما بقى عندنا لجنة كرة قدم للمبتورين في مصر"والتي يرأسها محمد جاد. يُعدد قائد المنتخب الداعمين للفريق "حياة خطاب رئيسة اللجنة البارالمبية، بشمهندس خالد عبدالحفيظ والمدير التنفيذي للجنة كرة قدم المبتورين، نادي بيراميدز وتأسيسه لأول فريق في مصر.. مبسوط إن إحنا بقى لنا وجود، ونفسي باقي الأندية تعمل زي بيراميدز".
رحلة طويلة وشاقة إلا أنها ممتعة لكل الفريق، يتأمل سيف اللاعبين في الستاد، قابل بعضهم عن طريق الصدفة، إذ لا يتاخر كابتن الفريق عن دعوة أي شاب للانضمام لهم "حتى لو ماشي في الشارع وشوفت حد على عكاز، بنزله مخصوص عشان ييجي يلعب هنا معانا.. من سنين كان حلمي ألاقي ناس شبهي بتلعب كورة، بحاول أحقق ده ليهم".
من محافظات شتى يتكوّن الفريق، يأتي اللاعبون أسبوعيًا من محافظاتهم تلبية لحلم تكوّر بداخلهم صغارًا أن يصيروا لاعبي كُرة قدم وألا تقصيهم الإصابة عن ذاك الحلم "إحنا لقينا بعض، وحلمي إننا سوا نرفع كأس أفريقيا والعالم".
فيديو قد يعجبك: