لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور- في النوبة.. شريف يجمع "الراديوهات" النادرة منذ 30 عاما

04:11 م الخميس 06 مايو 2021

شريف محمود عاشق الراديو وجمعه مقتنياته

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:
تصوير: جلال المسري

على ضفاف النيل في جزيرة سهيل النوبية، يركض الطفل الصغير "شريف محمود" وسط أقرانه وذويهم ساعة العصاري في شهر رمضان الكريم، يفترش الجميع السجاد المنزلي، يجلسون عليها بينما يلتفون حول "الراديو" يستمعون إليه حتى المغيب في حالة من البهجة ظلت باقية داخل قلبه لسنوات طويلة "يمكن دا السبب اللي خلاني لما أكبر أحب الراديوهات، وأدور عليها في كل مكان، وأصرف عليها فلوسي بدون تردد" عشق من نوع خاص يتحدث عنه الرجل الخمسيني في حواره مع مصراوي.

منذ 30 عاما تلمس الشاب العشريني وقتها خطواته في عالم المقتنيات النادرة وخاصة "الراديوهات" القديمة، لذة لا شبيه لها تساوره عند الحصول على مذياع يعود صنعه لعقود ماضية "بدايتي كانت في أسوان، مكان للأنتيكة، هناك اشتريت أول راديو" الحنين إلى الأيام الحلوة ومدى تعلقه بسماع الإذاعة سواء القرآن الكريم أو الأعمال الفنية المختلفة دفعه لشراء الراديو العتيق "لقيته عند راجل كبير وحالته كويسة برغم إنه اتصنع في سنة 1945" حاول إقناع صاحبه بالبيع لكنه رفض في البداية.

صورة-1

"قالي دا عزيز عليا، بتونس بيه واتنقل من إيد لإيد عشان يوصلني" لكن مع إصرار شريف في الحصول على المذياع ودفع مبلغ مالي كبير حينها "45 جنيه كنت شايلهم عشان يساعدوني في الجواز" اضطر مالكه إلى التخلي عنه لصالح المُحب الجديد "روحت بيه وأنا جوايا فرحة شديدة، محبتش أفاصل مع الراجل، خوفت يزهق ويصمم على عدم البيع" عندما دلف إلى بيته اضطربت ملامح والدته وبدا عليها الحزن.

"قالتلي معقول تضيع الفلوس في الحاجات دي، مش كنت تجيبلك أوضة النوم أولى عشان تكمل نص دينك" حاول الابن شرح الموقف لوالدته، السعادة التي يشعر بها عندما يستمع إلى صوت الإذاعة من راديو قديم مستعيدا ذكريات رمضان"مكنش حد بيقتنع أوي باللي بقوله، أمي قالتلي كده مش هتتجوز ابدا" يذكرها ضاحكا بينما احتفظ بهوايته، يبحث دائما في كل مكان عن أي مذياع مُلفت أو صُنع في أزمنة سحيقة، لم يجد ضالته في أسوان فقرر التوجه إلى القاهرة.
حين استفسر شريف عن أشهر منطقة لبيع "الأنتيكة" كانت الإجابات تُشير إلى سوق الجمعة في منطقة السيدة عائشة "هناك الواحد ممكن يلاقي أي حاجة من الإبرة للصاروخ" يقولها على سبيل المجاز، دون انتظار توجه إلى هناك في اليوم المُحدد "ومن ساعتها بقيت زبون دايم ويمكن صاحب مكان، اتعرفت على كل الناس" يغرق الرجل لساعات طويلة في هذا العالم ورغم خبراته المتراكمة مع البائعين لكن ذلك لم يمنع التعرض لبعض الأزمات .

صورة-2

ذات يوم شاهد راديو جميل وكبير معروض للبيع، من النظرة الأولى انجذب إلى المذياع لكن سعره مرتفعه، تركه ليتجول في سوق الجمعة ثم عاد إليه مرة ثانية "واشتريته في النهاية، والراجل جربه قدامي وكان شغال وعشرة على عشرة" حمله بين يديه متوجها إلى مسكنه المؤقت ثم عاد به إلى أسوان ومنها إلى النوبة "وأول ما وصلت البيت لقيته مش شغال" انقض عليه الحزن بغتة.

صدمة لم تكن على البال، انتهت فرحته سريعا "مردتش استسلم، لفيت بيه في أسوان لكن مفيش حد قدر يصلحه" نصحه البعض بإعادته إلى صاحبه فرد بضحكة فاترة "السوق هناك البضاعة لا ترد، اللي بتاخده مش بيرجع تاني" غير أنه احتفظ بالراديو "وبقيت بنضفه على طول وبحب أتفرج عليه لأنه قيمته كبيرة حتى لو مشتغلش" يتعامل الرجل الخمسيني باحساس مرهف مع التجربة"كل واحد وله هوايته، ودي هوايتي المفضلة".

لدى شريف حتى الآن 6 أجهزة من "راديوهات" متنوعة من أشهرها "واحد كان بيستخدموه الإنجليز في معسكراتهم، له طابع واضح في لونه وتصميمه، عامل زي اللاسلكي، وبحب اسمع الإذاعة عليه باستمرار" يحتفظ بهم في مكان مخصص بمنزله الذي يستضيف بصورة مستمرة على مدار شهر رمضان الكريم الأقارب والأصدقاء "بعد الفطار بحب أفرجهم على الحاجة اللي شايلها"يشارك ضيوفه المقتنيات البديعة يروي لهم حكاياتها التاريخية وكيفية حصوله عليها ثم يقوم بتجريبها أمامهم والاستماع إلى الراديو في صحبتهم.

صورة-3

في الساعات الأولى من الصباح خلال شهر رمضان يخرج شريف أحيانا من بيته حاملا مذياع من "الراديوهات" التي يملكها، يحن لتكرار تجارب الماضي ينطلق إلى النيل "بتمشى وأنا بسمع الإذاعة أو أقعد في الهدوء اتونس بالراديو" متعة خالصة يصعب الحصول عليها في هذا الزمان "أكتر حاجة بحب اسمعها إذاعة الأغاني سواء كان بيعرضوا حاجة لمطربين الزمن الجميل أو مقاطع مزيكا من دول العالم".
لا تقتصر علاقته بالراديو في رمضان بالصباح الباكر فقط "لو إجازة بقضي وقت كبير معاه، أسمع كلمتين وبس والمسلسلات الإذاعية، بتديك مساحة للتخيل بدل التلفزيون" فيما يقضي معظم الوقت مع إذاعة القرآن الكريم في رحاب تلاوات كبار المشايخ "أكتر شيخ بحب صوته هو "محمد محمود الطبلاوي" وفي المساء قد لا ينتبه كثيرا لما يعرض على المذياع لكنه يُبقيه بجانبه كعادة لا يستغنى عنها منذ طفولته.

فيديو قد يعجبك: