سخرية فاستراحة محارب فعلامة النصر.. 3 صور أيقونية في أزمة قناة السويس
كتب- عبدالله عويس:
على مدار 6 أيام، حبست السفينة الجانحة بقناة السويس أنفاس العالم اقتصاديًا، فكل شيء مهدد، نتيجة توقف الحركة الملاحية في الممر الأكثر ازدحامًا وأهمية. على أن الأزمة انتهت، وعادت الملاحة من جديد، تاركة تفاصيل يعدها البعض الأهم في عالم الملاحة وحركة السفن، في العصر الحديث، وتاركة كذلك أيقونات متمثلة في ثلاث صور، ستظل شاهدة على ما حدث.
ظهر الأربعاء الماضي، نشرت الهيئة العامة لقناة السويس، صورًا توضح فيها جهودها لتعويم السفينة البنمية الجانحة، بالكيلو متر 151 ترقيم القناة، ومن بين الصور، حفار لا يكاد يظهر إلى جوار السفينة الضخمة، التي تعادل 4 أضعاف ملعب لكرة القدم، بطول يبلغ 400 متر، وعرض يصل إلى 59 مترًا، فيما تبلغ الحمولة الإجمالية لها 224 ألف طن. وحازت تلك الصورة على سخرية كبيرة، حتى أنها تحولت إلى نكتة جابت مواقع التواصل الاجتماعي. يشببها البعض بالأحلام والواقع، والمرتب والإنفاق، والانطلاق والعجز. فيما ظل الحفار يعمل لإزالة الرمال وتوسعة مكان جنوح السفينة، لا لدفعها كما زعم البعض أو توهم، وهو ما أوضحه الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة القناة، حين قال إن «عملية توسيع الطريق أمام مقدمة السفينة مهم من أجل إعادة تعويمها، إذ أن العمق في وسط قناة السويس 24 مترًا، لكنها على الأطراق تنخفض بين مترين إلى ثلاثة، ما يؤكد أهمية الحفر أمام السفينة». لكن ذلك لم يوقف سيل السخرية من الحفار.
ظل العمل قائمًا على تعويم السفينة، وصلت الكراكات والقاطرات، واتضحت صورة الموقف لدى المسؤولين، ووضعت خطة محكمة لإنقاذ الموقف، وإعادة حركة الملاحة للشريان المهم عالميًا، واستخرجت الكراكات نحو 27 ألف متر مكعب من الرمال. وانتشرت صورة كالنار في الهشيم، لأحد العمال متكئا، ومن خلفه السفينة العملاقة "Ever Given"، وتنتشر عبارات السخرية أيضا، فتعليق يقول إن هكذا يكون حال العامل المصري الذي يدعي فهم كل شيء بينما لا يعرف من الأمور شيئًا، أو تعليقات أخرى تتحدث حول الشخص الذي يدرك مجريات الأمور كلها، لكنه يقرر أن يستريح لشرب كوب شاي، ثم يعيد للعالم اتزانه بكل بساطة، وفق عمله اليومي. هذا العامل اسمه أحمد عزت، الشهير بالـ«زوز».
يعمل عزت في هيئة قناة السويس منذ 17 عامًا، وقبل تلك الصورة التي التقطت ليل الأحد، كان الرجل قد عمل على مدار 17 ساعة لم يجلس فيها أو يسترح، وكان عليه أن يصلح بعض الأعطال في قاطرتين، وتم ذلك داخل المياه وليس على الرصيف: «مكنتش حاسس برجلي، وكنا خلصنا دورنا في دخول القاطرات للشغل، وبدأ الشد وتحريك المركب». يعمل الشاب فنيًا على القاطرة «بركة 1» وخلال محاولة قطر السفينة حدثت مشكلة: «الواير اتقطع، واستدعوني أصلح الواير». ولم يكن عزت يقصد التباهي بتلك الصورة، كل ما في الأمر أنها كانت استراحة محارب، عمل لساعات طويلة دون راحة. ورغم السخرية وحالة الإحباط التي كانت تسيطر على البعض ممن لا صلة لهم بالعمل في الهيئة، كان الشاب يستجمع قواه وتركيزه للعمل بأفضل شكل ممكن.
«شكلها فرجت يا رجالة» قالها علي العوامي، وهو يجهز نفسه ورفاقه لالتقاط صورة مع بعضهم البعض توثيقًا لعملهم خلال تلك الأيام الحرجة في قناة السويس، قبل أن يصرخ الرجل بشكل هستيري وهو يكبر؛ ليلتقط له صديقه أحمد إبراهيم صورة، كان لها حظ كبير من الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن البعض قارنها بصورة عبور خط برليف، وإن اشتمل الأمر على مبالغة بحسب الرجل إلا أن ذلك أسعده: «الصورة مش متجهز لها، كنا بنجرب التصوير، وفجأة السفينة اتحركت فكان ده رد فعلي» يحكي العوامي، والذي له 17 عامًا في الهيئة، يعمل فيها فني تشغيل وصيانة معدات ديزل، على الكراكة مشهور: «الصورة دي كانت تعبير عن فرحة كل العاملين، ورد على كل الاستهزاء مننا».
في أوضاع بالغة الخطورة، كان الشاب يعمل مع رفاقه، وصل عمق الحفر أسفل قاع المركب 18 مترًا، ورغم الاحتفاء الكبير الذي تابعه الرجال بما قدمه العاملون في هيئة قناة السويس، إلا أن مكالمة من أطفاله وزوجته مثلت له سعادة ما بعدها سعادة: «لما تلاقي ولادك بيتصلوا بيك يقولولك إحنا فخورين بيك يا بابا فدي عندي بالدنيا كلها».
فيديو قد يعجبك: