الفقر والإدمان يضعان سوهاج في الصدارة.. وأبناؤها في انتظار "حياة كريمة"

كتب- أحمد شعبان:

على رأس قائمة المحافظات الأعلى في نسبة التدخين وتعاطي المواد المخدرة، حلّت محافظة سوهاج، مسجّلة نسبة 12.2% في تعاطي المخدرات، لتحتل الترتيب الأول، فيما حلت ثانية، بعد محافظة المنيا، في نسبة التدخين التي بلغت 47.4%، وفق مسح أجري على 30 ألف أسرة للشريحة العمرية من 12 سنة حتى 60 سنة بكافة محافظات الجمهورية، وفق ما أعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، الثلاثاء.

سوهاج التي يزيد عدد سكانها عن 5 ملايين و300 ألف نسمة، ليست المرة الأولى التي تتصدر فيها مراتب متقدمة في أرقام رسمية عن الأحوال المعيشية، لكنها صدارة "سلبية تشير إلى الوضع الصعب اللي عايش فيه أهلها"، يقول "محمد السيد"، أحد شباب المحافظة، قبل أن يعرج على ذكر ترتيبها المتقدم في المحافظات الأكثر فقراً في مصر، حين حلت في المركز الثاني، بعد محافظات أسيوط، مسجلة نسبة فقر بلغت 59.6% بين مواطنيها، وفق ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن خريطة الفقر 2017/ 2018، علماً بأن محافظات الصعيد تأتي في على رأس الأكثر فقراً بنسبة تفوق 50%.

خلال استعراضها لنتائج المسح القومي لتعاطي وإدمان المخدرات، أشارت الدكتورة نيفين القباج إلى وجود علاقة مباشرة بين نسبة الفقر ونسبة التعاطي، وحسب ما أعلنت الوزيرة حلت سوهاج أولى في تعاطي المخدرات، وثانية في التدخين، وثالثة في تناول الخمور، بين محافظات مصر.

تعزو الدكتورة مديحة عبادة أستاذ علم الاجتماع بجامعة سوهاج أسباب ارتفاع تعاطي المخدرات في محافظة سوهاج إلى أنها تشهد مستوى فقر مرتفع، تعاني منه نحو 236 قرية، فيما تقل فرص العمل بالتوازي مع غياب أساليب التنشئة السليمة وحملات التوعية بمخاطر الإدمان. لمس ذلك محمد السيد، 26 عاماً، للبحث عن فرصة عمل في مجال التسويق الإلكتروني "سبل الرزق قليلة في سوهاج، والناس عايشة يوم بيوم، ودايما حاسين بتعاسة، فبيلجأوا إنهم يغيبوا عن الوعي، لدرجة أن الموضوع بقى شائع وأصبح شرب الحشيش مثلا زي السجائر"، وفق ما يقول.

لذا لم يفاجئ "محمد" الإعلان عن تصدر المحافظة لقائمة الأعلى في تعاطي المواد المخدرة، كذلك جاءت بعض من تعليقات قليلة تداولها أبناء المحافظة على وسائل التواصل الاجتماعي في نفس السياق، وأشار آخرون إلى الفقر الذي تعاني منه المحافظة، فيما حملت تعليقات آخرين سخرية حول تصدر المحافظة المركز الأول!

والحال كذلك بالنسبة لـ"محمد صلاح"، 26 سنة، لم يتابع ما قالته الوزيرة بخصوص محافظته، لكنه يقول "متوقع طبعاً إن سوهاج تيجي في المركز الأول، المخدرات منتشرة بشكل كبير، حتى مؤخراً ظهر نوع مخدر جديد اسمه (الشابو) هو أخطر من الكوكايين وبدأ كتير في الإقبال على شرائه، وزادت الحملات الأمنية مؤخراً بسبب انتشاره"، كان آخرها قبل يومين حيث ضبط عاطل مطلوب في 4 قضايا بحوزته 59 تذكرة "هيروين" و"شابو" بسوهاج.

بينما في شهر مايو الماضي، تمكنت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات من ضبط عامل تخصص في الاتجار بمخدر الآيس (الشابو) وقيامه بإعداد معمل لتصنيع وإنتاج ذلك المخدر. انتشار المخدر بشكل كبير في المحافظة، وتحديداً في مركز البلينا، دفع عدداً من شباب قرية برديس التابعة للمركز، إلى تنظيم حملة للتوعية بخطورة المخدر الذي يصل سعر الجرام منه في سوهاج إلى نحو 1800 جنيه، وفق ما يقول محمد صلاح، أحد أبناء مركز البلينا.

في رأي "صلاح" فإن السبب وراء انتشار المخدرات هو الفقر، وغياب فرص العمل "أيضاً هناك عدد كبير من أبناء المحافظة يعملون بالخارج سواء في محافظات أخرى، أو خارج مصر، بالتالي هناك تأثير على التربية والوعي وغياب رب الأسرة في أحيان كثيرة"، حسبما يقول، وهو ما يراه أيضاً "محمد أشرف"، 27 عاماً، أحد أبناء المحافظة، إذ يقول "من قلة المعيشة والشغل ممكن تلاقي 5 أو 6 أنفار عايزين ينسوا اللي هم فيه فبيشربوا مخدرات".

يأمل "محمد السيد" أن يساهم تنفيذ المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" في عدة قرى بالمحافظة إلى تحسين مستوى المعيشة والخدمات المقدمة، من صرف صحي وتعليم وصحة وغيرها، لرفع مستوى الوعي وتوفير فرص عمل تنتشل مواطني المحافظة من أخطار تعاطي المخدرات "الناس معندهاش حاجة بيعتمدوا عليها غير مشاريع صغيرة بيعملوها، أو العمل في المقاولات، حتى زراعة الأرض مبقاش موجود بسبب التجريف والبناء على الأراضي، لكن محتاجين موارد تانية الناس تعيش منها كاستثمارات أو مصانع مثلاً".