مُشرف ترميم "الكباش" يسرد رحلة تحول الطريق لأكبر متحف مفتوح بالعالم (صور)
حوار- محمد مهدي:
يحفظ الدكتور عبدالناصر عبدالعظيم عن ظهر قلب الرحلة الكاملة لترميم طريق المواكب الكبرى الشهير بـالكباش، حيث أشرف على تلك العملية الدقيقة على مدار سنوات عديدة منذ بدايتها وحتى الرتوش الأخيرة بحكم عمله كمدير عام ترميم معبد الأقصر والكباش في 2004 حتى وصل إلى إدارة ترميم آثار ومتاحف مصر العليا في 2018 قبل أن يخرج على المعاش في أغسطس الماضي.
مسيرة ضخمة خاضها رجال الترميم والأثار على أرض الأقصر من أجل تحويل المحافظة وطريق الكباش إلى أكبر متحف مفتوح في العالم، شهد اكتشاف مئات من الكباش وبث الروح فيهم مرة ثانية بعد عقود طويلة من الاختفاء والتعرض لعوامل تعرية وهدم، يتحدث عنها عبدالعظيم في حواره مع مصراوي، موضحا بالمعلومات والأرقام كافة الخطوات التي جرت قبل الوصول إلى الافتتاح المهيب المنتظر إقامته غدا الخميس.
وبحسب وزارة السياحة والآثار فإن فعالية "الأقصر...طريق الكباش" ستبهر العالم بالجمال والمقومات السياحية والأثرية التي تتمتع بها مدينة الأقصر كما أنها تلقي الضوء على الحضارة المصرية العريقة، خاصة في ظل الانتهاء من أعمال تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية بالمحافظة وتطوير وتجميل الكورنيش والشوارع والميادين بها ومشروع ترميم صالة الأعمدة بمعابد الكرنك وتطوير نظم الإضاءة بمعبد الأقصر وترميم قاعة الـ 14 عمود بمعبد الاقصر، والانتهاء من مشروع الكشف عن طريق المواكب الكبرى.
- في البداية.. متى شرعتم في أعمال الترميم بطريق الكباش؟
أعمال الحفائر والترميم تمت في أزمنة سابقة داخل بعض المناطق الصغيرة بطريق الكباش الممتد من معبد الأقصر حتى معبد الإله خنسو الواقع جنوب معابد الكرنك بطول 2700 متر تقريبا لكن المشروع الفعلي بدأ في 25 ديسمبر عام 2009.
-لماذا تعتبر عام 2009 هو البداية الحقيقة لإحياء المنطقة؟
لأن فريق العمل قام بتقسيم الطريق كاملا إلى أربع قطاعات نظرا لمساحته الشاسعة، القطاع الأول هو الطريق الواصل من شمال معبد الأقصر حتى جنوب كنيسة العذراء والقطاع الثاني هو الطريق من شمال الكنيسة حتى شارع المطحن، والثالث هو الممتد إلى شارع المطار، والرابع من النقطة الأخيرة حتى معبد الكرنك، ثم انخرطنا في ترميم التماثيل.
- هل وجدتم التماثيل في حالة جيدة أم احتاجت إلى عمليات ترميم واسعة؟
لم تكن تجربة سهلة، معظم قواعد الكباش المكتشفة كانت غير مكتملة والأحجار الرملية ليست مستقرة في مكانها الأصلي وضعيفة بالإضافة إلى وجود تكلسات طينية لوجودها تحت سطح التربة لمدة طويلة والعثور على بعضها وسط المزارع والمساكن مما تسبب في تعرضها لمياه الصرف الصحي والري.
-ماذا عن باقي أجزاء التماثيل؟ هل عثرتم عليها مكتملة؟
معظم التماثيل وعددها نحو 850 كانت غير مكتملة، أبدان الكباش مكسورة إلى عدة أجزاء وبعضها عانى من فقد الرأس أو الرقبة أو الأرجل الأمامية أو الجزء السفلي أو شروخ دقيقة وفجوات وتفتت.
- كيف تعامل رجال الترميم لإنقاذ التماثيل وإعادتها لرونقها؟
في البداية عمل فريق المرممين على فك جميع الأحجار الرملية لقواعد التماثيل وتم تنظيفها باستخدام الفرش الناعمة والمشارط الدقيقة لإزالة الأتربة والاتساخات والتكلسات الطينية بحرص شديد حفاظا على الآثر، ثم التعامل بمحلول الكحول الإيثيلي المخفف بالماء لإزالة آثار الأتربة وغيرها من المواد التي تعسر إخراجها ميكانيكا.
أيضا قمنا بتقوية الأجزاء الضعيفة من الأحجار الرملية المكونة لهذه القواعد باستخدام محلول البارالويد المذاب في الأسيتون بتركيز 3% و تقوية بعض الأجزاء الضعيفة والرطبة بالأثيل سيليكات.
-ماذا عن التماثيل التي عانت من شروخ وفقدان لأجزائها؟
خضعت لعمليات ترميم ركزنا خلالها على تجميع ولصق وتثبيت الأجزاء المفصولة عن أبدان التماثل باستخدام أسياخ من الاستانليس ستيل مع مواد أخرى لوضعها في مكانها الأصلي مع ملء الشروخ و الفجوات الصغيرة باستخدام مواد تحاكي لون الأثر.
-وكيف قمتم بوضع التماثيل على جانبي الطريق كما سنراها في الافتتاح؟
حددنا الأماكن المناسبة وحفرنا قواعد بعمق 20 سم وملئها بالزلط الرفيع والخرسانة المسلحة مع وضع طبقة من الخيش المقطرن لعزلها عن المياه الجوفية وإعادة بناء الصف الأول من أحجار القواعد التي عثر عليها أثناء الحفائر بعد تنظيفها وتقويتها ثم الصف الثاني والثالث وربطها وتغطيتها عن طريق مواد خاصة.
- وما هي أبرز التحديات التي واجهتكم خلال أعمال الترميم في الطريق؟
واجهنا معوقات عديدة من أبرزها العمل في درجات الحرارة المرتفعة بمحافظة الأقصر خاصة في فصل الصيف حيث تصل إلى ذروتها، وأيضا استكمال المسيرة رغم تفشي فيروس كورونا المستجد في أنحاء مصر، لكن لم نتوقف وحافظنا على معدل التنفيذ مع تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية، وكانت مُرممي الآثار يقضون ساعات أطول أحيانا للانتهاء من مهمتهم.
-ماذا عن دور وزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار؟
دعم كبير بكافة السبل وقاموا بتوفير جميع مواد ومستلزمات الترميم ووضع ميزانية جيدة للعاملين فضلا عن الزيارات الميدانية لمتابعة العمل بصورة يومية والثناء والإشادة بالخطوات التي جرت لإحياء الطريق.
فيديو قد يعجبك: