بين "زبون" و"قهوجي".. كيف مرّ خبر إعادة فتح المقاهي؟
كتب- محمد زكريا:
بقلق استقبل "عصام أسامة" خبر إعادة فتح المقاهي، قبل أن يثير استغرابه شرط الحكومة لذلك، لا سماح إلا بـ25% فقط من طاقتها، لكن الشاب الذي يسكن حي إمبابة الشعبي، يزعم أنه لا سبيل لذلك، ضاربا المثل بعدم التزام أهالي الحي بتطبيق حظر التجوال، فما بالك بإعادة المقهى حتى ولو بشروط، يخشى صاحب الـ27 عاما من المرض بـ"كوفيد-19"، في وقت تتزايد أعداد الإصابات التي تعلنها وزارة الصحة يوميا، اقترب العدد من 57 ألف مصاب و2278 وفاة حتى موعد إعلان القرار، وكذا يتحدث عن تزايد أعداد الضحايا بين أصدقاءه وجيرانه.
اليوم الثلاثاء، 23 يونيو 2020، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن مجموعة قرارات جديدة، بشأن خطة التعايش مع فيروس كورونا المستجد، على رأسها فك حظر حركة تجوال المواطنين والحافلات، ومن بينها إعادة فتح المقاهي، مع السماح بتواجد 25% فقط من طاقتها، ليتم الإغلاق في العاشرة مساء، على أن تُطبق القرارات اعتبارا من السبت المقبل 27 يونيو.
بالبكاء استقبل "أحمد الحوال" خبر إعادة فتح المقاهي "بقالي 4 شهور ونص، قاعد مش بعمل حاجة، النفسية بقت زي الزفت"، الشاب صاحب الـ28 عاما يملك "قهوة" بحي المطرية، يديرها عن والده، الذي يعمل بالكويت منذ سنوات طويلة، ويجد في القرار الأخير متنفسا لحياته الطبيعية، ومدخلا فيه براح للرزق، رغم ذلك لا يغيب الخوف من المرض عن مخيلته.
ينوي "الحوال" الاستعداد للتطبيق، لكن، ليس لديه خطة محكمة للالتزام، لا يعتبر الشاب قرار الـ25% واقعيا لحيه الشعبي، كما لم يعلن متخذ القرار آلية لتطبيق ذلك، لكن الشاب يعتقد أن "الحكومة مش هتركز مع موضوع الـ25% ده، ممكن تلاقي شدة أول أسبوع، بعد كده محدش هيركز"، لكنه ينوي اتخاذ عدد من الخطوات "هحاول أسيب مسافات بين الترابيزات، وهجهز كحول في القهوة، عشان الزبون يرش، أنا خايف برده على صحة بيتي، والزبون اللي قاعد هيكون خايف، فده يطمنوا"، كما شرع في شراء "كوبايات تيك اواي"، ورغم استعداده للفتح السبت المقبل "مش عارف الوضع هيكون إزاي يومها، الناس زهقانة وممكن تلاقيها متكربسة فوق دماغي في القهوة، فلا ينفع معاهم مسافات ولا كحول"، لكنه يفكر في خطط بديلة "نعمل ترابيزة للشلل الكبيرة، اللي بتتجمع 9 أو 10 على القهوة.. الفكرة هفضي لهم مكان إزاي؟".
لم يسبب الإغلاق أزمة معيشية لـ"الحوال"، يملك فائض اعتمد عليه خلال الشهور الماضية، لكنه حمل هم "العيال اللي شغالة معايا، كانت بتموت من الجوع"، حرص "الحوال" على دعمهم في الأسابيع الأولى "اللي كان ربنا بيقدرني عليه في رمضان، أكل أو فلوس، مكنتش بأخره عنهم"، ليتوقف عن ذلك بعد "الشهر الكريم"، ويطلب منهم البحث عن مصدر آخر للرزق، حتى زوال الغمة.
لكن عودة المقاهي، كان مصيري بالنسبة لـ"إسلام أبو طارق"، الرجل يعمل "قهوجي" بحي المقطم، عمل يتقاضى عليه راتب يومي، انقطع بمجرد قرار الإغلاق، فمن إجمالي العمالة في مصر هناك 63% غير رسميين، منهم 21% غير منتظمين (لا يملكون عملا ودخلا ثابتا)، وفقا لمنظمة العمل الدولية في 2019، ليخوض مشاق البحث عن العمل والمال.
مع إعلان وزارة القوى العاملة، تقديم منحة 500 جنيه، للعمالة غير المنتظمة المتضررة من فيروس كورونا المستجد، قدم "أبو طارق" في الحال، لكن لم يُقبل طلبه، ولا يعرف سببا لذلك، رغم أن "البطاقة بتاعتي مكتوب فيها: لا يعمل"، ليعتمد على منح الأحبة، والسلف في نهاية المطاف "عليا دلوقتي في الـ4 شهور دول بتاع 9 تلاف جنيه"، كان مضطر لذلك لأجل زوجة وثلاثة أطفال، والآن يُعلق الأمل على العودة إلى العمل في المقهى.
بمجرد صدور القرار، استقبل أحمد موسى مكالمات من أصدقاء له، للتهنئة بإعادة فتح المقهى، المهندس عُرف عنه شغف الالتقاء بها يوميا، وتدخين الشيشة، ويجد في القرار ما يسعده "أنا شغال في مواقع بتعامل مع عمال كتير يوميا، وقعدة القهوة بالليل هي اللي بتروق دماغ الواحد من الوش"، لا يجد الشاب في القرار ما يثير خوفه "بشكل أو آخر، الناس متعايشة بشكل طبيعي، مكنتش مستنية كلام الحكومة.. أنا بنزل الشغل، وبشوف الناس متجمعة في الشارع، فمجتش على القهوة يعني".
لكن أسامة يجد في المقهى مكمن خطر، "رغم عدم التزام أكتر الناس بالتباعد، بس كانت قرارات الحظر والإغلاق حاصرة الموضوع شوية، لكن سماح الحكومة بالتجمعات هيزودها، وهيخلي ناس كتير تفتكر أن الأزمة انتهت"، كما أنه يعتقد في عدم إمكانية منع "الشيشة" بقرار حكومي، وهي مصدر خطر لنقل العدوى حذرت منه منظمة الصحة العالمية "يومين تلاتة وهتلاقي القهاوي نزلت الشَيّش ولا في الدماغ"، لهذا ينوي الشاب الابتعاد عن المقاهي، على الأقل في الأسابيع الأولى للفتح، متمنيا أن ينجو وأسرته من مصيبة المرض بكورونا.
فيديو قد يعجبك: