لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"مش عارفين البيوت من البحر".. روايات شهود على غرق قرية "الديسمي" بالصف

09:11 م السبت 14 مارس 2020

قرية الديسمي بالصف تغرقها السيول

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

حينما انقضى يوم الخميس الماضي، ظن عمرو عرفات أن حالة الطقس السيء المعلن عنها باسم "منخفض التنين" في طريقها للتجاوز. "مجرد أمطار شديدة شوية لكن هتعدي" لا أكثر، غير أنه مع مساء أمس الجمعة تحطمت كل الظنون؛ انهالت الاستغاثات من معارف وأصدقاء الشاب الثلاثيني في قرية الديسمي التابعة لمركز الصف بالجيزة "السيول دخلت البيوت والناس بتغرق". في البداية لم يستوقف عرفات الظرف الجديد على منطقته، لكن مع الدخول لمواقع التواصل ورؤية العديد من المقاطع المصورة الناقلة للوضع؛ قرر الشاب التحرك لنجدة جيرانه حال العديد من أبناء مركز الصف.

نحو 3 كيلو مترات تفصل بين قرية الديسمي ومكان إقامة عرفات في مركز الصف. بدأ النداء لأصحاب السيارات من أجل التحرك وإنقاذ الأهالي "اللي عنده عربية نص أو ربع نقل أو ملاكي كان بيروح"، فيما اجتمع آخرون على فتح بيوتهم لإيواء القادمين من القرية الغارقة "كل عيلة في البلد عندها ديوان فتحته للناس اللي جاية". تملك عائلة عرفات ديوان استقبال للضيوف. فضل الشاب البقاء في مكانه وتحضيره، فيما ذهب من يستطيع انتشال الناس من الطريق.

1

مع وصول الناجين إلى الصف، عرف الشاب أن السيول ضربت الديمسي منذ أول أمس الخميس في ساعات الليل، ومن استطاع خرج عبر القوارب. استمع عرفات لأصوات مكتومة من الصدمة، لا تنطق سوى بعبارات متكررة "البيوت وقعت والدنيا خربت"، فيما تشتت شمل البعض "الناس خرجت باللي لحقته. اللي خرج بعياله ومش عارف باقي أهله فين"، فلا يعلمون إن كانوا في عداد المفقودين بمياه السيول، أم تفرقوا بين الدواوين والمساجد ومراكز الشباب.

نحو 500 مترًا مساحة ديوان أسرة عرفت امتلأت منذ أمس بالناجين من السيل كما يقول لمصراوي "حوالي300 شخص في الديوان بتاعنا بس لكن في ديوانات كتير والمساجد كمان فتحت أبوابها للناس". يعدد الشاب عشرات الأشخاص داخل 5 دواوين وآخرين في 4 مساجد كبرى بمركز الصف.

2

مع تزايد الأعداد، قرر أبناء الصف تجميع جهودهم عبر إنشاء مجموعة إنقاذ بين هواتفهم على "واتس آب" للتواصل بينهم؛ يمر البعض لتفقد احتياجات الأهالي من مأكل وغطاء وادوية، ويعد أخرون قوائم بأعداد وأسماء الناجين.

حضرت قوات الأمن والدفاع المدني، مساء أمس، لفتح الطريق الذي غمرته المياه، بينما تواجد أفراد الهلال الأحمر لتقديم المساعدة، مما دفع محمود عبد الغني، صباح اليوم، أن يخرج بقافلة إغاثة إلى الديسمي،جهز ما استطاع من مواد تموينية وأغطية، تصور الشاب أن بإمكانه المساعدة كما اعتاد في جمعيته الخيرية طيلة 9 سنوات؛ إذ يخرج عبد الغني لتركيب أسقف البيوت المحتاجة وغيرها من احتياجات فصل الشتاء وخاصة وقت الأمطار، لكن هذه المرة صدمه الواقع.

لم يتجاوز عبد الغني حدود القرية طيلة نحو 4 ساعات تجول بها على قدمه بعدما تلاشت المياه عن الطريق الأسفلتي قليلاً. رأي الشاب ما هاله "الماية لو حد مشي فيها تيجي لغاية رقبته"، فيما رصد محاولات الانقاذ عبر القوارب الخشبية "واللانشات".

3

تحولت الديسمي –إحدى وحدات الإدارية الستة في الصف- إلى ما يشبه البحر؛ رأها عرفات في كلمات الناجين والمقاطع المصورة "البيوت عايمة في الماية. متعرفش تفرقها من البحر"، بينما رصدها عبد الغني بعينيه ووثقها عبر هاتفه.

عاد عبد الغني إلى الصف محملاً بالألم "معرفناش ندخل ولا نساعد الناس هناك. الموضوع محتاج لانشات أو طايرات. دي حاجة خيال عمري ما شوفتها"، يعلم الشاب أن المركز الواقع جنوب الجيزة تعرض لموجة مشابهة قبل نحو أكثر من 30 عامًا، لكنه لم يتخيل أن يتكرر الأمر ويهطل نحو نصف مليار متر مكعب على مصر خلال اليومين الماضيين وفق تصريح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فيما يتساءل عرفات عن مصير المنكوبين من الديسمي "مش هينفع الناس تفضل في الدواووين والمساجد كده. محتاجين أماكن تتكفل بيهم بعد ما بيوتهم وقعت".

فيديو قد يعجبك: