لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"مبناخدش إجازة".. سائقو النقل الثقيل على طريق "أكل العيش" رغم العواصف

02:55 م الخميس 12 مارس 2020

سائقو النقل الثقيل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

12 يوما لم يرَ فيها أحمد فاروق عائلته، يقود سائق النقل الثقيل بين الإسكندرية والقاهرة، ناقلا شُحنات الغلة، يقضي ليله في الشارع، يتناول الطعام الذي حضّرته زوجته، ويُطمئن أهله أولا بأول. اعتاد صاحب الـ38 عاما تلك الحياة، غير أن سوء الأحوال الجوية أمس واليوم جعلا عمله أصعب، حتى أنه اضطر للوقوف في طريق مدينة أكتوبر منذ الأمس ولم يتحرك إلى الآن.

منذ الأمس، تجري استعدادات الحكومة المصرية لمواجهة موجة الطقس السيء، التي بدأت ليلا وتستمر ليوم الجمعة، حيث توقع الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الري والموارد المائية، أن هطول أمطار سيكون بكثافة تصل إلى 15 ملم يُسبب أمطاراً غزيرة، وقد يتضاعف لتصل درجة السيول إذا بلغت الكثافة ما بين 40 أو 45 ملم، تصحبه عواصف شديدة ما أدى لتوقف الدراسة والعمل في القطاع العام والخاص اليوم الخميس.

سمع فاروق عن أحوال الطقس كالآخرين، لكن لا خيار لديه "دي حمولة ناس وشغلانتي.. حتى لو مش عايز أطلع مش بمزاجي"، حين ساءت الأحوال بالأمس، كان السائق قريبا من ميناء الإسكندرية ينتظر تفريغ الحمولة التي سيذهب بها إلى أحد مصانع الغلة بأكتوبر، لم ترده اتصالات من زوجته فقط "جيراني وصحابي كلموني يحذروني"، فما كان من ابن محافظة كفر الزيات سوى "أدعي ربنا يسترها عليا واعمل احتياطي وخلاص".

تلك الاحتياطات يعرفها ناصر عبدالواحد جيدا "زي إننا ناخد أكل زيادة ونكون دايما متابعين الجو ولو فيه فرصة نبات في منطقة بليل ونتحرك الصبح يبقى أحسن". يعمل ناصر سائقا للنقل الثقيل منذ 25 عاما، طاف مُدن مصر وسافر ليبيا والسودان "وشفت ظروف جوية أصعب من كدة بكتير"، يتذكر السائق الخمسيني قبل حوالي عشرة أعوام حين كان عائدا من ليبيا "ولقينا فجأة ضباب نازل علينا انا مشوفتوش في حياتي"، وقتها كان أمام عبدالناصر حافلات ومن خلفه "مفيش فرصة أقف ولا أمشي"، اضطر للسير حوالي 400 كيلو على سرعة منخفضة "الطريق بياخد ست ساعات خد اتناشر ساعة"، لم يكن يرى مترين أمامه من فرط الضباب "كنا ماشيين بحول الله مش عارف عدت إزاي"، مر عبدالواحد بالكثير خلال عمله، لذا ورغم صعوبة الطقس على الطريق الزراعي، حيث يسير حاليا "بس لازم أفضل ماشي".

قبل منتصف ليل الأمس، تحرك عبدالواحد من مدينة الشلاتين، جنوب مصر، كان الطقس جيدا "وفجأة الساعة 3 الفجر الدنيا اتحولت والسما اتفتحت علينا"، ظل على الطريق حتى وصل قبيل مدينة مرسى علم "اضطرينا نركن العربيات في منطقة أمان لحد ما الدنيا تهدى"، كان الجوع والتعب يفت في عضد عبدالواحد ومن معه في السيارة "معرفناش ننزل من العربية عشان نطبخ.. فاضطرينا ناكل جوة الكابينة واتحبسنا جواها ييجي 12 ساعة"، ومنذ عدة ساعات وصل السائق للطريق الزراعي ومازال ينتظر هدوء الأحوال الجوية.

حوالي مليون و600 ألف سائق نقل ثقيل يعملون في مصر، بعضهم لا يملك خيار البقاء خلال الليل على الطريق "لأن مفيش أمان" كما يحكي حمادة يحيي، ابن محافظة كفر الزيات.

WhatsApp Image 2020-03-12 at 1.36.10 PM

يُعاند حمادة تثاقل جفنيه "منمتش إلا كام ساعة بس بقالي يومين"، اعتاد صاحب الثلاثين عاما على صعوبة العمل "بس موجة البرد المرة دي صعبة أوي"، فمنذ تحركه بالأمس من الإسكندرية لم يجد فرصة للراحة "لو حتى واقفين في منطقة كويسة الواحد مش بيعرف يرتاح غير وسط ولاده"، كان حمادة يقود حافلة خلف فاروق "ولما تعبنا وعوزنا ناكل معرفناش نتصرف إزاي"، اضطر الصديقان برفقة اثنين آخرين للاحتماء بمبنى تحت الإنشاء بمدينة 6 أكتوبر، وما أن انتهوا حتى عادوا لسياراتهم سريعا فمنذ الصباح "المطرة موقفتش في أكتوبر ولا على الصحراوي".

لا يتخيل عبدالواحد حياته دون العمل "الشغلانة مش مربحة اوي.. بنبعد عن أهلنا وبنشوف مشاكل.. بس انا بحبها"، لا يستطيع السائق المقيم بمحافظة كفر الشيخ أخذ إجازة طويلة "اكتر حاجة عشر أيام وأرجع تاني بسرعة"، فيما يتصبّر فاروق بالمقابل المادي الذي يحصل عليه مع انتهاء كل شُحنة، يشعر بمسئولية ضخمة "أمانة على كتافنا ولازم نوصل الشحنة وهي سليمة"، لذا يصطحب دائما أغطية من البلاستيك "بس ساعات مبتبقاش كافية لو المطر شديد زي النهاردة"، أما يحيي فلا يهوّن عليه صوت ابنه ذو الإحدى عشر عاما "بيكلمني كل شوية انت فين؟ مش هتيجي؟ هات حاجة حلوة"، يسمع الشاب في الخلفية صوت بقية أبنائه إذ يلهون في المنزل "وبحس إنهم يستاهلوا أرجع لهم وانا قادر أصرف عليهم مهما كان الوضع يخوّف".

فيديو قد يعجبك: