لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"جروح مفتوحة" في نقابة الأطباء.. مشاهد من تأبين طبيبات المنيا (معايشة)

06:29 م الثلاثاء 21 يناير 2020

وقفة رمزية لنقابة الأطباء حدادًا على طبيبات المني

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- شروق غنيم:

تصوير- روجيه أنيس:

لا يزال أنين الحادث مسموعًا، حزن غائر في نفوس رفاق طبيبات المنيا، وغضب حيّ سيطر على المشهد داخل نقابة الأطباء بدار الحكمة وسط القاهرة خلال تأبين ثلاث شهيدات حادث الأربعاء الماضي. ظهر اليوم بدأ الحدث بالوقوف دقيقة حداد على أرواح الراحلات، بينما انتهى وقد التحم الأطباء أمام نقابتهم في وقفة رمزية للتعبير عن مطالبهم لمحاسبة المسئولين عما جرى.

1

2

الأربعاء الماضي، بينما تتوجه عشرون طبيبة من المنيا إلى القاهرة لحضور تدريب بمعهد الأطباء التابع لوزارة الصحة بالعباسية، اصطدمت سيارة ربع نقل بسيارتهن "ميكروباص" على الطريق الصحراوي الشرقي، أسفرت عن مصرع ثلاث طبيبات (رانيا محرم، سماح نبيل، نورا كمال) وإصابة 16 أخريات، فيما توفي سائق عربتهن ومساعده.

3

على جبهة حائط نقابة الأطباء كُتب بخط عريض "حداد"، تُبصر جهاد عباس الكلمة، تقف العبارات في حلقها، تستجمع قواها ثم تذكر أمام الحاضرين سيرة صديقاتها الراحلات. "أنا دفعة 2017 ودول أصحابي.. كانوا أقرب للملايكة". يتعاقب على الميكروفون أصوات مختلفة من أطباء يعتصرهم الألم والغضب على فراق زملائهم، وكذلك مسئولين من النقابة، بينما الجالسين على المقاعد تُذرَف دموعهم دون توقف.

4

استهل الحديث الدكتور حسين خيري نقيب الأطباء، الذي أدان ما حدث مع الطبيبات من "تعسف إداري لضرورة انتقالهن من المنيا للقاهرة ليلًا في جو غير آمن وعدم توفير مواصلات آمنة، وتهديدهن وترويعهن بنقل أو انتداب خارج الإدارة"، بينما طالب أعضاء مجلس النواب التقدم بطلب استجواب وزيرة الصحة.

كان الغضب جليًا في صوت الدكتور إيهاب طاهر، أمين عام نقابة الأطباء حين بدأت كلمته "كنت متوقع إن سيادة الوزيرة تيجي النهاردة وتعلن مسئولية الوزارة بوضوح عما ترتب على الحادث، لكن محصلش"، فيما أعقب حديثه بالإجراءات التي اتخذتها النقابة "تم استدعاء 6 من الأطباء الإداريين المسئولين عن إصدار هذه التعليمات التعسفية لطبيبات المنيا، 2 من مساعدي وزيرة الصحة، و4 من مديرية الشئون الصحية في المنيا"، فيما تقدمت النقابة ببلاغ للنائب العام تحت رقم 3562 وبلاغ للنيابة الإدارية تحت رقم 3440، بحسب قوله، فيما قدموا دعم مادى لأسر الشهيدات من النقابة ومن اتحاد المهن الطبية.

5

8 سنوات قضتها سلمى بهاء، طبيبة من المنيا، لازمت الطبيبات الراحلات باستثناء دكتور رانيا محرم "لإنها دفعة أكبر مننا فمتقابلناش". عاصرت الطبيبات لحظات مختلفة في حياة بعضهن؛ المناسبات السعيدة حين حضرت فرح الطبيبة سماح في أكتوبر الماضي "وكنت معاها وقت التجهيزات هي وريمون جوزها"، الأوقات الصعبة مع الطبيبة نورا حين رحل والدها من شهور قليلة ماضية "محدش في الدفعة يقدر ينساهم، نورا بهدوئها وطيبتها، وسماح بفرفشتها وهزارها مع الكل".

دفعة 2017 كانت صغيرة العدد، 300 طبيبًا بداخلها كانت فرصة للالتقاء دائمًا "عشان كدة كلنا نعرف سماح ونورا"، كانت تبسط سماح البهجة أينما حّلت، تذكر سلمى أيام الامتحانات الشفوي والعملي "كانت أجواء صعبة وبيبقى في ضغط"، خرجت وقتها من الاختبار بينما دخلت في نوبة بكاء "سماح هي اللي جت تطبطب عليا يومها وتهون عليا"، تئن جراح الطبيبة الشابة، يعاودها البكاء لكن هذه المرة دون وجود رفيقتها للتخفيف عنها "دلوقتي أنا بعيط عليها هي".

6

حينما وقع الحادث أعلن وفاة الطبيبتين سماح نبيل ورانيا محرم، بينما كانت نورا لاتزال في العناية المركزة. راود سلمى الأمل في استيقاظ صديقتها لتعود للحياة "عارفة إن أهلها مش هيستحملوا حاجة زي دي خصوصًا باباها لسه متوفي". استمسكت بالدعاء، صلّت من أجل نورا، وخلال "النبطشية" جاءها الخبر "نورا كمان راحت".

عايشت منة السيد-اسم مستعار- الحادث بشكل آخر، تعمل الطبيبة الشابة داخل معهد ناصر، وبينما تتصفح هاتفها عرفت بما جرى، لم تمر ساعات قبل أن تعرف أن نورا كمال نُقلِت إلى معهد ناصر في حالة خطرة "حسيت إن إحنا دكاترة وبيجيلنا خبر بعضنا وإحنا في نفس المكان"، اقتربت السيد من إصابات الطبيبة الراحلة "كنت عارفة إنها يعتبر جاية خلصانة بس كان عندنا أمل تكمّل"، بعد يومين فارقت الحياة، لم تجد وسيلة للتعبير عن غضبها سوى بحضور حفل التأبين داخل النقابة "كلنا ممكن نبقى مكانهم في أي لحظة".

7

ذهبت رفاق الطبيبات الراحلات إلى أسرهن في المنيا، كان الموقف صعبًا عليهن جميعًا "إحنا نفسنا بندور على اللي يخفف عنا، ربنا يصبر أهاليهم"، فيما جئن إلى القاهرة من أجل الاطمئنان على المصابات. داخل العناية المركزة تمكث نوارة نبيل، راعوث إشعيا، آمنة محمد التي استعادت وعيها بعد غيبوبة.

8

حاولت سلمى التخفيف عن صديقاتها داخل غرف العناية المركزة "آمنة متأذية نفسيًا لسه ومش قادرة تتكلم، راعوث كانت مبتسمة وبتهزر"، أما نوارة نبيل فظلت تسأل عن رفيقتها الدائمة نورا كمال "مقدرناش نقولها إنها توفت لإنهم مكانوش بينفصلوا عن بعض، كنا بنعتبرهم حاجة واحدة". كلما تعاود نوارة السؤال يزداد الوجع داخل الطبيبات "الموضوع مأساوي ومش هنقدر نتخطى آلامه"، بينما تُبكي دكتور منال فايز، أستاذ مساعد الآشعة بطب المنيا، حال الأطباء بشكل عام " لا وضع مادي ولا احترام ولا أمان، لازم كل المسئولين عن اللي حصل يتحاسبوا ويتعاقبوا".

فيديو قد يعجبك: