لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من محافظات مصر .. وافدون يلتمسون ليلة القدر على أبواب "الحسين"

05:03 م السبت 01 يونيو 2019

أسر تأتي من المحافظات لقضاء ليلة القدر في الحسين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد زكريا وشروق غنيم:

تصوير- شروق غنيم:

في شوارع الحسين، ثمة أجواء مختلفة سيطرت على المكان أمس الجمعة؛ من محافظات مختلفة جاء أناس اعتادوا على قضاء ليلة السابع والعشرين من رمضان في ساحة الحسين، لا يعرفون أحدًا في القاهرة فتصير الحارات والحدائق مسكنًا لهم، يقيمون الصلاة والذكر، وحين يبزغ فجر اليوم الجديد، يلملمون أغراضهم ويرحلون إلى قراهم وقد شعروا أنهم قد نالوا محبة وسكينة تلك الليلة.

منذ 10 سنوات، يعيد رضا عبد العزيز الأمر نفسه، والذي أخذه عن والده وأجداده، يأتي من بلدته كفر شكر بمحافظة القليوبية، إلى حي الحسين، في شهر رمضان، حيث يقضي ليلة كاملة بين جوامعه ليتبرك بهم "في ليلة القدر".

1

بعد صلاة الفجر، تبدأ رحلة أسرة عبد العزيز، رجال ونساء وأطفال، يستقلون السيارات إلى القاهرة، "ومعانا أكلنا وشربنا؛ لحمة وفراخ وعصير؛ واللي ربنا يقدرنا عليه.. وفي ساعة فطار، اللي معدي تقوله أقعد اتفضل.. أهو كله ثواب".

على بعد أمتار من مسجد الحسين، تفترش أسرة عبد العزيز أرضًا تستند إلى حائط، يخصصون وقتًا للصلاة وقيام الليل في المساجد القريبة، ووقتًا لأحاديث ودية بينهم، لا يغيب عنها "ذكر الله".

2

فلأجل الذكر، تحملت أسرة صاحب الـ48 عاما مشقة السفر إلى القاهرة "إحنا بنحس براحة عند سيدنا الحسين، ومبيجلناش نوم.. ما ياما نمنا"، لكن ما إن يقضوا صلاة الفجر في المسجد، يستعدوا للرحيل إلى كفر شكر، وكلهم شوقًا إلى عودة في عام قادم.

مع كل رمضان تنتظر بدرية عبدالقادر بشغف الأطفال ذاك اليوم، ليلة السابع والعشرين من رمضان، إذ بات للسيدة السبعينية طقوسًا مختلفة تُزيح عنها كل ما مرت به خلال عام، فتلتمس ليلة القدر في رحاب مسجدي السيدة زينب والحسين.

من عزبة وهبة بالمحلة الكبرى تأتي السيدة السبعينية رفقة أقاربها، من الثامنة صباح الأمس انطلقت ثلاث عربات تحمل كل "الحبايب"، وفي الثانية عشر ظهرًا وصلت. لكل فرد مبلغ محدد "رايح جاي بــ100 جنيه"، لا تعبأ بدوية بما تنفقه في ذلك اليوم والذي قد يصل لمائتي جنيهًا "إنشالله استلف له فلوس"، تنسى ذلك مادام يُبذَل من أجل "ليلة العمر".

3

قبل أربعة أعوام بدأت بدوية في التوافد إلى القاهرة في ليلة السابع والعشرين من رمضان، قبلها كانت تقضيه في قيام الليل في إحدى المساجد القريبة ببلدتها، لكنها ذاقت حلاوة اليوم حين جاءت إلى مسجد الحسين "في شعور مختلف وأنت بتصلي وسط كل الناس دول اللي جايين من كل حتة".

تُحضر السيدة السبعينية زاد اليوم معها، ما يكفيها من طعام وشراب حتى فجر اليوم الجديد، وحين تنتهي من أداء صلاة التراويح تتفقد الشوارع الضيقة بمنطقة الحسين، تفترش أغطية على الأرض، وتجلس بصحبة رفاقها حتى صلاة الفجر "بشتري للعيال حمص وغوايش للبنات، بحب ابسط برضو الأطفال في اليوم ده عشان يفتكروه بكل حاجة حلوة".

4

على الأرض تمكث بدرية ويحيطها باقي أقاربها، على أقدامها يرتكز مصحف صغير غير أنها لا تُجيد قراءته "أعرف اقراه بس وأنا مشغلة الراديو وأنا سامعة الشيخ بيقرأ، بس أول ما يخلص معرفش"، تحاول تمرير الوقت حتى قدوم موعد السحور وصلاة الفجر بالتحدث مع رفاقها وتجديد الدعاء "بدعي أقول يا رب افتح لكل الغلابة طاقة القدر".

فرشة متواضعة يجلس عليها شعبان مصطفى، يردد أمام العابرين في الشارع، تلك الأحاديث والآيات القرآنية التي تحث على الذكر ووِد "أهل البيت"، يعتبر الرجل "ليلة القدر" في الحسين، فرصة ذهبية لاقتناص الأجر، وجواب لدعوة يرجوها من الله.

اعتاد الرجل الخمسيني تلك الأجواء، يبذل كل طاقته في أن تصير تلك الليلة مختلفة عن باقي الليالي الرمضانية، يتفرّغ طيلة اليوم للصلاة والعبادة، يعتقد بأن تلك الليلة قد تكون "القدر" فيكثر من دعاؤه وصلواته، بينما يحث من حوله على أهمية تحري تلك الليلة.

5

من محافظات مختلفة جاء الجمع، غير أنهم يتشاركون التفاصيل ذاتها، افتراش أدوات بسيطة على الأرض للجلوس، إحضار الطعام برفقتهم خلال السفر، وعدم خلو الجلسة من الدعاء والأحاديث.

لنبوية السيد خطط جّمة لليلة السابع والعشرين، أولها أن تؤدي صلاة المغرب في مسجد السيدة زينب، تدخل وسط الزحام، يدق قلبها من هيبة المشهد "من كتر العدد صلينا برة"، في الساحة كسرت السيدة الخمسينية صيامها، ثم اتجهت نحو مسجد الحسين "بحب أصلي في المكانين، هو يوم واحد اللي باجي فيه القاهرة، ولازم أقضيه كويس".

لا تعرف ابنة محافظة المحلة أحدًا في القاهرة، تقضي يومها متنقلة بين المسجدين وحين تنتهي من أداء الصلاة والذكر تبحث عن منطقة هادئة قريبة من مسجد الحسين، تلتقط أنفاسها وترتاح قليلًا رفقة كل من ترك بلده لأجل هذا اليوم، تحتضن حفيدتها بين يديها وتنتظر حتى صلاة الفجر لتعود أدراجها وتسافر إلى قريتها وقد شعرت بأنها أحسنت خِتام رمضان.

فيديو قد يعجبك: