في مشروع نيل الفرات.. أيادي مهاجرات تغزل ثقافة الأوطان

كتابة وتصوير- شروق غنيم:

فلسفة مشروع "نيل الفرات" للأعمال اليدوية تتجلى من شعاره، بيوت متراصّة ومتلاصقة غير أن أشكالها مختلفة. أقصى اليمين يرتكز بنيان البيت النوبي، يجاوره شكل معمار البيوت السودانية، فيما تراص بجوارهم البيت الأثيوبي "فكرتنا قايمة على مزج ثقافات مختلفة في مشروع واحد".

عام 2015 بدأ مشروع "نيل الفرات"، إذ أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين عن ورشة تدريبية لتدريب السيدات المهاجرات على الحرف اليدوية. منذ تلك اللحظة وانضمت ماري مهيك إلى المشروع.

منذ ثمان سنوات قدمت ماري إلى مصر من بلدها جنوب السودان، بعدما تقلب الأخير في نار الأوضاع الاقتصادية الصعبة، قررت أن تغادر بحثًا عن فرصة عمل أفضل، فكان المشروع بمثابة طوق نجاة للسيدة السودانية.

معرفة بسيطة ربطت ماري بالحياكة "كنت أطرز في البيت بس حاجات بسيطة ومش واخدة الموضوع جد"، لكن مهاراتها تطورت كثيرًا حين خاضت تجربة التدريب، صار الأمر داخلها أكبر من مجرد مشروع عمل "بقى يربطني ببلدي برضو، لإني طول الوقت بفكر في ألوانها، شكل الشجر، التمساح، البحر، كل ده بييجي على بالي عشان أنقش أشكال تعبر عنا على الشنط واللعب".

ستائر، حقائب، دُمى قماشية؛ كلها أعمال يدوية صنعتها نساء من السودان وأثيوبيا، وسوريا، فيما انضمت لهن فوزية عباس، ابنة النوبة. قبل 37 عامًا استقرت السيدة الخمسينية في القاهرة، اعتادت على صناعة أشياء بسيطة بالكروشيه، غير أنها حين سمعت عن الورشة التدريبية أرادت أن تحصل عليها لتتعرف على عالم الحرف اليدوية بشكل أكبر.

قٌبِلت فوزية بسبب مهاراتها، اندمجت سريعًا مع الأجواء، صارت صديقة لباقي سيدات المشروع "وبقيت برسم البيوت النوبية على المنتجات"، فيما ميزت أعمالها بالألوان الفريدة لأهل النوبة "الأحمر والأصفر والأزرق أساسي في أي شغل بعمله"، برز ذلك في ستار صنعته بالكروشيه فقط "بقدر أعمله من أوله لآخره لوحدي".

لكن باقي المنتجات تمر على أيادي باقي السيدات "كلنا بنشتغل مجموعة مع بعض"، فتتآلف الثقافات لتصيغ منتج واحد، تتوزع المهام بينهما وتتقسم على مراحل "في اللي بيبقى مهمتها الخياطة، واحدة التطريز، اللي بتكوي واللي بتفنّش"، وحين ينتهين من صناعته تغمرهن السعادة "لإننا بقينا واحد، وقدرنا إن ثقافات مختلفة تتوحد على إنها تطلع النتيجة دي".