لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أعاد النظر لطفلة أفريقية.. طبيب مصري يحلم بإنقاذ أهل النيجر

01:26 م الأربعاء 17 أبريل 2019

الطبيب والطفلة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد:

لا ينسى أحمد عدلي فرحته بإعادة البصر لأول مريضة عام 2009 كان لايزال طبيب عيون حديث التخصص حين قدمت سيدة مسنة أفقدتها المياه البيضاء نظرها، جاءت من الفيوم تتعكز على زوجها، لكنها غادرت القاهرة وهي ترى طريقها ثانية. من بعدها اعتاد عدلي الجراحات وابتسامة نجاحها حتى ألفها، إلا أنه مع مطلع إبريل الجاري رُد إليه مذاق تلك السعادة مرة أخرى على يد طفلة ذات ثلاثة أعوام في إفريقيا.

في مستشفى داخل مدينة "كانو" شمال نيجيريا. حضرت "زُليخة" مع والديها، لم تكد ترى الصغيرة الحياة حتى فقدت بصرها صحبها أبويها إلى جراح الشبكية المصري الوافد الجديد لبلدهم، لعله يمنحهم الأمل الذي فقدوه بإقرار الأطباء أن حالة طفلتهم "ميئوس منها". تعاني الصغيرة من مرض مناعي يسبب التهابات شديدة تؤدي لفقدان البصر نهاية الأمر كما يقول عدلي.

جلست "زُليخة" ضمن العديد من المرضى، تفقدهم عدلي "أطفال كتير فقدوا النظر ومقدرتش أساعدهم لتأخر حالتهم حسيت إني اتأخرت عليهم" يقول الطبيب إنه كشف على نحو 20 طفلًا يعانون الحالة ذاتها معظمهم فقد إحدى عينيه للأسف، لكن القدر ساق "زُليخة" كي لا تكون من هؤلاء الصغار، كما فعل القدر مع عدلي حين غير وجهته إلى إفريقيا.

طالما حلم عدلي بالسفر إلى القارة السمراء. عمل طبيب العيون في معهد ناصر منذ عام 2010، عايش الكثير من المرضى، وحين أُتيحت له فرصة العمل بالخارج رحل مع منتصف عام 2016 ذهب إلى الخليج، عمل في مستشفيات كبرى، يعددها "في مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومستشفى الملك خالد للعيون ودي أكبر مستشفى متخصصة في العيون في الشرق الأوسط فيها حوالي 20 غرفة عمليات"، لكن ظل شيء يؤرق نفس الطبيب "محستش براحة أو أني بصنع فارق أوي"، في الوقت الذي كان يقرأ عن التطوع في إفريقيا، وظل الأمر أمنية حتى حان الميعاد.

في يناير الماضي فُتح السبيل أمام عدلي للسفر بعد عودته من الخليج عام 2018؛ تواصلت معه مؤسسة عربية تعمل في أفريقيا تسمى "مؤسسة البصر" ، دعته للتطوع معها في نيجيريا. لم يتردد الطبيب في القبول، قرر أن يتمسك بالأمنية ويتنازل عن كل شيء دونها؛ تناسى تأشيرة ذهاب جاهزة للعمل في مستشفى كبير آخر بالسعودية مرة ثانية، وفوت رحلة طيران يحمل تذكرتها في أواخر مارس المنصرف.

في شمال نيجيريا وجد عدلي نفسه "منطقة مهملة ومهمشة زي الصعيد عندنا زمان" يصف الطبيب، أدرك أن بإمكانه إحداث فارق "أني أدخل خدمة طبية مش موجودة نهائيًا وأنقذ ناس من العمى". أثرت زُليخة كثيرًا في نفس جراح العيون "دخلت العملية مكنتش متوقع النجاح. كنا بنشتغل على فرصة ضئيلة وربنا كرمنا لأن حالتها مكنتش متأخرة زي أقرانها "، يتذكر بكائها الشديد وقت التردد على المستشفى وانفعالها على والديها بضربات أيديها، قبل أن تعود لبراءتها بعدما رُد عليها بصرها "جت في منتهى المرح تلعب وتضحك تاني يوم العملية".

طيلة أسبوعين قضاهما عدلي في شمال نيجيريا، تلوح ابتسامة زُليخة أمام الطبيب كلما رأى مريضًا آخر يعاني، يتذكر لقائه شباب توقفت حياتهم لفقدهم البصر، وضعف الإمكانيات، فيما عرف أن فرعًا آخر للمستشفى تبرعت جمعية خيرية بإنشائه في النيجر، التي تبعد قرابة 400 كيلو مترًا عن "كانو"، لكن ذلك غير كافي للرعاية الطبية لأهل المكان، فالعمليات والتجهيزات مكلفة.

انشغل جراح العيون بكيفية المساعدة في الدولة المصنفة ضمن أفقر دول العالم وفقًا للبنك الدولي عام 2018، في الوقت الذي تكرر أمامه ظهور إعلان مسابقة صناع الأمل، فكر عدلي في "رؤية للحياة" مشروع يتقدم به للجائزة وإن تمكن من الفوز بعائدها يتكفل بتجهيز المستشفى؛ سجل ما يتمناه في مقطع مصور ونشره على فيسبوك بينما كان لايزال في أفريقيا؛ لاقى ردود فعل ورغبات في التبرع عائدها يتجاوز مبلغ المسابقة.

لن يتمكن عدلي من المشاركة في المسابقة، إذ تشترط أن يكون المشروع مفعلاً ولازال مشروع الجراح الشاب في بدايته، لكنه يعتزم ألا يتوقف "هفضل ما بين مصر ونيجيريا. هسافر مرة كل شهر"، فيما يعمل على إقناع زملاءه الأطباء على التطوع. تبدلت خطط عدلي المستقبلية بالسفر إلى أوروبا وباتت قبلته إفريقيا، لإنقاذ أمثال زُليخة ممن يشكلون 36 مليون شخصًا فاقدين للبصر في العالم حسب آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية عام 2018.




فيديو قد يعجبك: