هيثم أحمد زكي.. "أنا مش عاشق ضلمة ولا زعلت الضي" (بروفايل)
كتبت-رنا الجميعي:
داخل منزل أحمد زكي كانت سلمى الشماع تلتقي بأفراد أسرته، بينهم جلس ابنه الصغير "هيثم"، التي قدّمته الإعلامية قائلة "الوجه الجديد اللي بيبتدي في شارع النجاح وهيقدم لنا أعمال كبيرة، هيثم أحمد زكي".. في عمر الخمس سنوات كان الابن يتلقى تلك الافتتاحية، طفل صغير لازالت تتفتح أعينه على الدنيا، لا يفقه شيئًا سوى حبه للعصافير التي يُربيها، غير أنه كبُر، ويعلو ظهره تَرِكة ثقيلة لم يتحمّلها.
أمام الكاميرا ظلّ الصغير يُحملق ببراءة واستغراب، "قولي يا هيثم انت عملت أفلام مش كدا؟" سألت الشماع الابن هذا السؤال، غير أنه لم يردّ، وفضّل الهرب من أمام الكاميرا، لم يكن لهيثم أية مسئولية في ذلك الإرث الثقيل، فقد ألقت نجومية والده أحمد زكي بابنه إلى الظلّ دون قصد، نشأ هيثم بشخصية غير اجتماعية، بخلاف والده الذي غنّى ذات مرة في فيلم "مستر كاراتيه": "وعرفت ديّتها"، لكن الابن لم يعرف "ديتها"، حاول وعافر طيلة سنوات عمره الخمس والثلاثون، وقد أراحه القدر من ذلك العذاب.
كان الفن عمادًا أساسيًا في حياة الوالد، نقل حُبها لابنه "بابا كان عايزني أمثل، سمعته بيقول مرة دا انت الوحيد اللي هتبقى أحسن مني"، هكذا قال هيثم في إحدى لقاءاته، وكذلك حمّلته نظرة الوسط الفني إليه بنفس الرغبة، الفن لا يورث كان ذلك رأي والدته هالة فؤاد في ذلك اللقاء مع سلمى الشماع، والمهم هو الموهبة، وهو ما آمن به هيثم أيضًا فقد شعر أن لديه تلك الهبة الإلهية، التي جعلته يسلك طريق والده، ويتذكر اللعبة المفضلة بينه وبين أبيه "كنا نبدّل الأدوار بينا، أنا أبقى هو وهو يبقى أنا، ونتفق إن محدش فينا يضحك، وكنت بفاجئه بتمثيلي، يمكن كنت بمثل أدامه أحسن بكتير من لما وقفت أدام الكاميرا".
بدأ هيثم مشواره الفني بتدابير القدر، لم يكن له يد في ذلك، حيث أكمل مهمّة أبيه في فيلم "حليم"، الذي توفي خلال التصوير، ومثّل دور عبد الحليم شابًا، وقد كان عمر هيثم حينها عشرين عامًا "أنا مش عارف ازاي جالي قلب أعمل الدور بعد وفاته، يمكن استمديت القوة دي من أبويا"، منذ البداية كان ثِقل تاريخ زكي الفني يُلاحق هيثم، ورغم ذلك قرر يُكمل التمثيل الذي يُحبه، ولأن الجميع حمّله تلك المسئولية المرهقة، فقد كان ثاني دور له هو بطولة فيلم "البلياتشو"، عام 2007، غير أنه ابتعد بعدها لثلاث سنوات "اتهاجمت جدًا من الصحافة، وثقتي نفسي كممثل راحت تقريبًا لأن أنا كنت في بداية مشواري"، في بداية تلك الفترة التي انقطع فيها هيثم كان تائهًا، لم يُفكّر قطّ في التمثيل، غير أن النصف الآخر من الفترة نفسها عاد إليه مُجددًا شغفه بالتمثيل "ابتديت أروح دروس تمثيل وأتعلم، وأرجع أشوف أفلام بابا تاني، مش قادر أقبل على نفسي إن الناس تقولي إني مثلت بس عشان بابايا أحمد زكي".
ذلك اليقين بالموهبة داخل هيثم هو ما دفعه للعودة مُجددًا إلى التمثيل، ظلّ يحمل امتنانه للمخرجين الكبار، كانت كلماتهم تتردد داخل ذهنه "أستاذ يوسف شاهين الله يرحمه لما شافني كان يقول الولد ده لازم يمثل"، كذلك حمل داخل نفسه فضل المخرجين شريف عرفة وخالد يوسف وخالد الحجر وخالد مرعي وهاني خليفة عليه، فقد أعادت ثقته بنفسه من خلال العمل معهم، في فيلم "كف القمر" 2011، و مسلسل "دوران شبرا" في نفس العام، وفيه فاز بجائزة أفضل ممثل شاب، وفيلم "سكر مر" 2015، ثُم الجزئين لفيلم "الكنز"، الذي يُعرض الجزء الثاني منه في قاعات السينما حاليًا.
حاول هيثم أن يخرج من عباءة أبيه خلال مشواره الفني القصير، لكنّه ما إن يقف أمام الكاميرا حتى يُلجمه لسانه "كل مرة أروح فيها أصور ألاقي الناس واقفة ورا الكاميرا مستنيين يشوفوا ابن أحمد زكي هيمثل ازاي"، يعتبر هيثم أن بدايته الحقيقية في التمثيل كانت في فيلم "كف القمر"، مع المخرج خالد يوسف، حيث لعب دور ياسين أحد أبناء قمر "من وقتها شفت شكر من الناس"، ثم جاء دوره في مسلسل دوران شبرا الذي يصفه بأنه خطوة جيدة في مسيرته "في التجربة دي أنا شيلت من على دماغي همّ إني أنا ابن أحمد زكي".
وبعدها جاء مسلسل "السبع وصايا"، عام 2014، ليضعه أمام نفسه في امتحان حقيقي لموهبته التمثيلية "دا كان دور بعيد عني تمامًا، دا واحد عايز يقتل أبوه، وأنا نفسي في دقيقة بس أشوف فيها أبويا".
في 2015 اشترك هيثم في بطولة جماعية لفيلم "سكر مر"، إخراج هاني خليفة، وكانت أيضًا تجربة لها مذاقها الخاص، وفي نفس العام مثّل أمام النجم عادل إمام في مسلسل "أستاذ ورئيس قسم"، وخلال السنوات الأخيرة من حياته اشترك هيثم في الجزء الثاني من مسلسل "كلبش"، ثُم العام الماضي في مسلسل "علامة استفهام"، وحملت الأخبار الفنية خبرًا جديدًا في مشواره الفني، بتمثيل الجزء الثاني من فيلم "كابوريا".
خلال مشوار هيثم الفني ظلّ يحاول أن يُثبت لنفسه مهارته في التمثيل بعيدًا عن والده، "مش عايز أشوف واحد بس بيقول دا بيمثل عشان أبوه، أحسّ بده بس وبعديها أموت".
لا يعلم أحد هل جاءت تلك اللحظة التي شعر فيها هيثم بأن نظرة الناس إليه اختلفت، هل أحسّ بتلك النشوة أم لا؟، كان كل ما يتمناه "لازم يبقى ليا شخصيتي المستقلة، طعمي الخاص"، والسؤال الذي يدور الآن هل تمكّن بالفعل من أن يصبح له طعمه الخاص أم لا، لكن المؤكد أن هيثم عافر كثيرًا، ولم يستسلم، وأنه كما غنّى أبوه في فيلم "هيستريا": وأنا مش عاشق ضلمة ولا زعلت الضي"، وأن العيب ليس فيه بل في الضي.
فيديو قد يعجبك: