"رسالة محبّة" من مجلة الفيلم.. 250 صفحة تحكي تاريخ القاهرة السينمائي
كتبت- رنا الجميعي:
هي رسالة تحمل الكثير من الحُب والتقدير لواحد من أهم المهرجانات الدولية، في 250 صفحة من عدد مجلة الفيلم لهذا الشهر، قام صحفيون ونُقاد بقراءة عميقة لا تغفل شاردة ولا واردة لمهرجان القاهرة السينمائي، كأنهم بذلك يحفظون وثيقة هامّة تُحلل الـ41 سنة التي حمل فيها مهرجان القاهرة على عاتقه حُب السينما وإيصالها للناس.
ظهرت مجلة الفيلم للنور عام 2014، التي تصدرها جمعية النهضة العلمية والثقافية (الجيزويت)، كان همّ المجلة الأساسي هو العناية بثقافة السينما وفن الصورة، ورغم أن كل عدد من أعدادها التسعة عشر-حيث تصدر كل ثلاثة أشهر- يتناول السينما، لكنها المرة الأولى التي يُصدر فيها عدد خاص عن فعالية سينمائية، كما يقول -لمصراوي- سامح سامي، رئيس التحرير.
لم يتوقع سامي أن تمتلأ الصفحات لتصل إلى 250، تفاجأ بنشاط كبير قام به مُحررو المجلة ونقاد سينمائيين وكتاب، في مدة قصيرة قوامها 25 يوم، ولم تؤثر الفترة القليلة في أن يكون عددًا مُتخمًا بالتفاصيل الثرية، ويعتبر ملف المهرجان أكبر عدد أصدرته المجلة حتى الآن من حيث الصفحات، وقبله كان العدد الخاص عن المخرج "يوسف شاهين"، الذي كان أقل من ذلك بنحو 10 صفحات، كما يذكر سامي.
في المُعتاد يكون لدى هيئة تحرير المجلة خطة سنوية للنشر "وكان عندنا نية نعمل آخر السنة الجاية عدد عن المهرجانات السينمائية في العالم"، لكن هذه المرة كانت مُختلفة، فقد تواصلت إدارة مهرجان القاهرة مع المجلة راغبين في عمل عدد عن المهرجان، أصابت الحيرة سامي خاصة أن "احنا مجلة مستقلة ومش عايزين يبقى العدد إشادة بس بالمهرجان على أد ما يكون فيه قراءة نقدية لدورات المهرجان"، غير أنه وجدها فُرصة للبحث وراء مهرجان من أقدم المهرجانات السينمائية في العالم.
ويُذكر أن أكاديمية الأوسكار قد اعتمدت مهرجان القاهرة ليؤهل أفلامه للمنافسة على جوائز الأكاديمية، بدءًا من الدورة المقبلة، وبذلك ينضم لقائمة مُشرفة من المهرجانات السينمائية التي تؤهل أفلامها للأوسكار، مثل برلين وكان.
وبالفعل لم يُفلت العدد أي من اللقطات والزوايا الخاصة بالمهرجان على مدار سنواته، وقد كان إضافة لتاريخ المجلة مع وُجود امتيازات أثرت العدد "إدارة المهرجان سمحت لينا نتطلع على أرشيف المهرجان من صور وصحف"، وهو ما جعل العدد كدراسة نقدية في تاريخ مهرجان القاهرة، مصحوبة بصور غاية في القيمة لرموز السينما منذ تأسيس المهرجان عام 1976.
حوالي 30 محرر شاركوا في كتابة العدد، بالإضافة إلى آخرين من خارج المجلة؛ فتمت الإستعانة بنقاد عملوا داخل المهرجان لكتابة شهاداتهم القيّمة، كالناقدة السينمائية ماجدة خير الله، كذلك آخرين من خارج المهرجان مثل الناقد دكتور سمير غريب.
من بين المُشاركين في العدد كانت الصحفية "ايمان علي"، التي كتبت موضوعًا تحت عنوان "سنوات الرقابة والسياسة في المهرجان"، ولأن إيمان تعتبر نفسها بعيدة عن النقد الفني كما تذكر لمصراوي، لذا قررت الذهاب نحو منطقة بعيدة قليلًا "عشان كده اقترحت أشوف علاقة المهرجان بالسياسة سواء في تمثيل الأفلام اللي فيها قضايا سياسية أو اشتباك المهرجان نفسه من نواحي سياسية"، وقد ساعدها في بحثها أرشيف المهرجان المُتاح لجميع محرري العدد.
وداخل التحليل النقدي أبرزت إيمان دور الرقابة في منع بعض الأفلام بالمهرجان، وكان آخرها فيلمين هذا العام، وتشرح إيمان دور جهاز الرقابة على المصنفات الفنية قائلة "الرقابة دورها إنها تمنع فيلم كامل من العرض لكن مش من حقها تحذف مشاهد منه"، وذلك لأن أعراف المهرجان الدولية تمنعه من عرض فيلم مُقتطع منه مشاهد، ومع ذلك فقد حدث ذلك في دورات سابقة للمهرجان، كما تضيف إيمان.
وقد لاحظت الصحفية خلال بحثها عن السياسة في المهرجان، أن الفعالية السينمائية الضخمة كثيرًا ما تُحمّل "فوق طاقتها"، فيراه كثيرون منبرًا يُمكن الاحتجاج من خلاله، وهو ما حدث سابقًا حينما قام الفنانون بوقفة احتجاجية خلاله اعتراضًا على بعض قرارات سعد الدين وهبة داخل النقابات الفنية التي كان يترأسها، كما كان رئيسًا للمهرجان في الوقت نفسه.
حمل غلاف المجلة -الذي صممته رسامة الكاريكاتير دعاء العدل- مشهدًا جميلًا؛ لسيدة ترتدي فستان أحمر ترصدها كاميرات التصوير، فيما كان العنوان "مهرجان القاهرة السينمائي.. نظرة عن قرب"، وكأن المهرجان هو تلك السيدة التي ترتدي الفستان، فيما تقوم الكاميرا بتعديل وضعية التصوير للتركيز على كُل تفصيلة وملمح في ذلك الفستان، فبين الصفحات الأولى للمجلة نُوقشت الدورة الحالية الـ41، وأبرزها كان حوارًا مع "محمد حفظي"، رئيس المهرجان.
وجاء الجُزء الثاني من المجلة يسترجع تاريخ المهرجان، يُحلل دورات أبرز رؤسائها؛ كمال الملاخ وسعد الدين وهبة وحسين فهمي وسمير فريد، حيث تناول أيضًا السؤال الأبدي هل الأفلام "قصة ولا مناظر"، كما لفت النظر إلى واقعة انتحار ممثل أمريكي في غرفته بالفندق، وكان الممثل قادمًا للمشاركة في المهرجان، وطرح المقال سؤال عن مدى احتمالية دفع الفن لبعض الممثلين بإنهاء حياتهم، كذلك تناول العدد بعض الأفلام التي أثارت جدلًا وقت عرضها بالمهرجان، والكثير من الموضوعات الأخرى التي كانت "شاغلة دماغنا".
نُشر العدد الخاص في 20 نوفمبر الماضي، ويتم توزيعه في مقر الجيزويت بمنطقة الفجالة، كما أنه مُتاح بمكتبات وسط البلد، كذلك سوف يتم توزيعه خلال أيام المهرجان بدار الأوبرا المصرية، حتى الآن توالت الإشادات على سامي، حيث تلقى فرحًا العديد من التعليقات الإيجابية "لكن اللي يهمني النقد، حابب أعرف ايه النقط اللي ممكن نكون نسيناها".
فيديو قد يعجبك: